فاجئهم فهاجموه، كان مختلفاً عنهم فلم يقبلوه، أثار نجاحه دهشتهم فكرهوه..لكنه استمر، اتى بالشارع إلى الأغنية فتوقف الأحباء عن الغناء لحبيبة وهمية تسكن القمر، حيث لا يسكن القمر أحد ولا يرتاده سوى رواد الفضاء، ترك حليم يغازل حبيبته الأميرة التي تسكن القصر المرصود ويخشى الإقتراب منها، وغازل هو ابنة السلطان مباشرة، مطالباً إياها بالحنان .
"يابنت السلطان حنى على الغلبان، ده الميه في إيديكي وعدوية عطشان"
أحمد عدوية أول من نقل الغناء الشعبي في مصر من مرحلة محمد قنديل و شفيق جلال، إلى مرحلة أخرى، ناسبت عهدها، حيث تحولت مصر من النظام الإشتراكي إلى إنفتاح إقتصادي، وتحول فيه المجتمع المصري إلى مجتمع إستهلاكي، لا يطيق بالاً على إستهلاك السلعة لمتابعة الأحدث والأجدد، وكان عدوية متجدداً، غنى الموال بطريقته، وبكلمات صافحت آذان المستمع المصري للمرة الأولى مغناه، على الرغم من أنه يسمعها طيلة الوقت في الشارع، تشبث به رجل الشارع وكرهته الطبقة المثقفة، التي عادت في تسعينيات القرن الماضي لتسمعه من جديد وتعطيه مكاناً خاصاً في الأغنية المصرية.
" سعيدة يا حلوة سعيدة يلي مواصلاتك بعيدة.سعيدة يا حلوة سعيدة يلي بلادك بعيدة شاورلي وأنا جيلك ماشي لما لمصر الجديدة"
أعاد الريس بيرة مكتشف عدوية بكلماته تشكيل ثقافة طبقة كاملة في السبعينيات، لدرجة أن ألبوم "بنت السلطان" لأحمد عدوية الذي شارك الريس بيرة في كتابة وتلحين معظم أغنياته كان أول ألبوم مصري يتخطى حاجز المليون في المبيعات على الإطلاق، وكتب له أيضاً "السح الدح أمبو"، "كركشندي دبح كبشه"، وعدة أغاني ذات لغة لم تعتدها الموسيقى من قبل، وإن رقصت على سجعها ووزنها فيما بعد.
ويكفي أن عندما كتب.".نعلمك ضرب النبلة أول ما ترمي ترمينا..نعلمك دق الطبلة تلف وتدق علينا..الكونت دي مونت كريستو ..اديتك قلبي رفصته!"، كان يقصد توصيل بيت أبي فراس الحمداني الأشهر " علمته الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني".
أحمد عدوية الذي عاد للغناء مؤخراً بصحبة رامي عياش ونجله محمد عدوية فأطرب الناس وأسعدهم، حالة خاصة جدا في الطرب الشعبي، يندر تكرارها، حالة تستحق التحية وتستحق الشكر من كل مطربي الجيل الذي أتى بعده ورفضوا أن يغادروا الشارع ولغته في الغناء.