هل يتغير التقييم الفني لعمل بحسب الموضوع الذي يتناوله؟ في كثير من الأحيان يحدث ذلك، لكن المنطق يمنع أي شخص من ربط موضوع العمل كعامل مؤثر وأحياناً وحيد في تقييم العمل.
مسلسل الفاروق عمرتعرض لهذه المشكلة حتي قبل عرضه إذ تفرغ النقاد والشيوخ لأزمة تجسيد شخصيات الصحابة، دون الانتظار لمشاهدة أي من حلقات المسلسل الذي يعرض الآن.
بالرغم من عرض بضع حلقات من المسلسل إلا أن البداية مبشرة للغاية، وإن كانت صادمة للبعض، فمشاهدة كل الصحابة في عمل واحد، ربما هو الأكثر جماهيرية بين هذا النوع من المسلسلات، صدم الكثير من المشاهدين، لكن بالنظر لما قدمه حاتم عليمخرج العمل و وليد سيفمؤلفه، فيبدو أن الأولة كان الصدمة من تقدم المستوي الفني للانتاج العربي.فمع قدوم شهر رمضان وعرض عشرات المسلسلات، لن تجد مسلسل واحد يمكن مقارنته فنياً بمسلسل عمر بل وبدأ الكثير بالفعل مقارنة العمل العربي بالعديد من الأعمال الأجنبية وإن كان هذا في غير صالح الأول.
ساهمت الميزانية الضخمة في رفع جودة العمل، وإن بدا تقديم الشخصيات ليس في أفضل صورة خاصة تقديم شخصية أبو بكر الصديق في الحلقة الثانية والتي بدت مسرحية ومنافية للواقعية التي سيطرت علي أداء الممثلين.
تقديم شخصية عمر بن الخطاب كان متميزاً في الحلقة الأولي ويبدو أداء سامر إسماعيلحتي الحلقات الأولى رائع، أما باقي شخصيات الصحابة فكانت كما لو أنها اختيرت بشكل جغرافي فيلعبكل شخصيات الخلفاء الراشدين ممثلين من جنسيات عربية متعددة، فشخصية أبو بكر الصديق يجسدها السوري غسان مسعود،ويجسد الكويتي فيصل العمري شخصية بلال الحبشي، أما شخصية أبو سفيان فيقدمها التونسي فتحي الهداوي،فيما يجسد شخصية أبو جهل العراقي جواد، بينما يجسد شخصية الإمام علي بن أبي طالب شاب تونسي، ويجسد المصري عبد العزيز مخيون شخصية "أبي طالب"، عم الرسول، والممثلة المصرية ألفت عمر في دور عاتقة زوجة عمر بن الخطاب،قد يكون السبب إنتاجي يتعلق بتوزيع المسلسل في أرجاء الوطن العربي، لكن شخصياً أري الممثلين المصريين من أضعف نقاط المسلسل وظهر أدائهم بشكل مهتز.
الحوار جميل واللغة العربية المتقنة من الممثلين ممتعة خاصة عندما يكون البديل هو مشاهدة أحمد السقاأو مصطفي شعبان أو غادة عبد الرازق. لعب الإنتاج الضخم دوراً مؤثراً في المسلسل حيث الديكورات مصنوعة بحرفية والألوان متناسقة والسرد جيد حتى الحلقات الأولي من المسلسل، لكن عاب علي المؤلف استخدامه لحلبة المصارعة كمقياس للقوة لعمر ثم لبلال في الحلقتين الأولى والثانية وظهر التكرار لا معني له خاصة وهذا الحدث غير مشهور في تاريخ العرب علي الأقل في ذاكرتنا الحالية.
شخصية عمر بن الخطاب أيضاً لم تظهر بالغلظة التي كنا نقرأ عنها قبل اسلامه وكأن المخرج لا يرضي أن يكره المشاهدين بطله في مرحلته الأولى.
إجمالاً فإن هذا العمل الفني متميز ويستحق الإشادة والمساندة عسى أن نري تطوراً أكبر في الأعمال العربية الأخري ولا نبقي مخيرين بين فرقة ناجي عطا الله أو ملفات الجاسوسية السخيفة كغاية مسلسلاتنا التاريخية.