إعتدت أن أقوم في بداية كل عام بكتابة مقالة عن أهم الأفلام التي أنتظر مشاهدتها في العام الجديد. طبعاً سأقوم بذلك لكن في مقالي اللاحق ما زال العام في بدايته وأمام الفكرة بعض الوقت فلا داعي للاستعجال. بدلاً من ذلك سأقوم بالكتابة عن العام السابق عام 2012. لا أود أن أكون تقليدياً وأكتب حصاد سينمائي للعام من عينة أفضل الأفلام والأداءات. ربما أقوم بهذا الأمر بشكل مكثف قبيل ليلة الأوسكار. اليوم أستعرض عدد من الأفلام التي فاتتك مشاهدتها في العام 2012! بالأحرى هي أفلام لم تسمع عنها أصلاً أو تشاهد لها أي إعلان أو مراجعة. مقالي عن الجواهر السينمائية المختبئة والتي أفلتت من أمام عينيك لأنها للأسف غير تجارية. أعرف أنكم عشاق للسينما الغربية لهذا أشارككم بهذه الأفلام وكالعادة هي دعوة مني لكم لمشاهدتها والاستمتاع بها. لن تجدوا في المقال ذكر للعديد من الأفلام الرائعة التي جلبها لنا العام 2012 فقط الأفلام التي أعتقد أنها لم تصل المعرفة بوجودها للمشاهد العربي. لنبدأ معاً:
Beasts of the Southern Wild
هذا الفيلم يحدد معنى الروعة لهذا العام سينمائياً لي.. القصة لفتاة صغيرة تدعى هاشبوبي والحب القاسي لأبوها وينك وكيف أن هذه العلاقة وقصص ما قبل النوم التي تربت عليها تحضرها لمواجهة هذا العالم الغريب لكن الجميل بكل ما به من طيبة معجونة بقسوة. بعض الفانتازيا والفلاشباك القوي من رواية هاشبوبي لقصص والدها القادمة من عوالم الماضي وبعض توقعاتها للمستقبل تصنع لوحة فنية لا توصف وإنما تُشعر. الفيلم حقق العديد من الجوائز في مختلف الهرجانات لكن هذا ليس سبب يدفعني لمشاهدة الأفلام في العادة – في الأغلب سبب يدفع في الاتجاه المعاكس هرباً من فيلم في الأغلب معقد أو يصعب على أمثالي فهمه! – لكن فعلا الفيم منتهى الروعة.
[http://www.youtube.com/watch?v=ZF7i2n5NXLo]
Moonrise Kingdom
عن البراءة في الحب والتي أعتقد أنها صارت عملة نادرة – يبقى الحب طالما بقي البشر لكن أستشعر الكثير من الخشونة والقسوة في عشقنا هذا الزمان -. عن طهر الطفولة وبراءة الصغار ومشاعرهم. الفيلم من حقبة الستينات ويأثرك في عالم حالم مكتظ بالجمال. أداء الطفلين جارد جيلمان وكارا هايورد آسر وجميل وبسيط. الفليم يشارك به نخبة من النجوم في أدوار هامشية ترافق قصة الطفلين دون طغيان بالرغم من الأداء الرائع لهؤلاء المخضرمين وهم بروس ويلز و إدوارد نورتن و بيل موري و فرانسيس ماكدورماند و تيلدا سوينتون! الفيلم من صناعة الحالم ويس أندرسون الذي قدم لنا أفلام تقترب من ذات الطابع الغريب الجميل لهذا الفيلم كـ Rushmore ، The Royal Tenenbaums ، The Darjeeling Limited، Fantastic Mr. Fox.
[http://www.youtube.com/watch?v=\_eOI3AamSm8]
Another Earth
فتاة ترتكب حادثة مروعة وتتسبب في مقتل عائلة في نفس ليلة إكتشاف علمي مثير أن للأرض نسخة مشابهة في مكان ما من المجرة. في الأغلب أثار اهتمامك موضوع الأرض الأخرى أو تحاول ان تتوقع علاقة الأمر بالفتاة والحادثة. في الواقع لا يوجد علاقة حقيقية! الفيلم ليس فيلم للخيال العلمي أو الفانتازيا بالمرة. موضوع اكتشاف الأرض الاخرى هذا يقوم في خلفية الأحداث الدرامية للفيلم كنوع من الموسيقى التصويرية التي تضعك في المزاج الملائم لتقبل ما ترى على الشاشة. الفيلم مميز ورائع ويغير من وجهة نظرك عن عالمك وحياتك وحاجتنا التي لا تنتهي لفرصة أخرى لحياة أفضل. الفيلم يشارك في كتابته مع المخرج مايك كاهيل البطلة أيضاً الممثلة الشابة الجميلة بريت مارلنج.
[http://www.youtube.com/watch?v=qB50aBrHbu4]
Ruby Sparks
تذكرون الروعة التي احتواها فيلم Little Miss Sunshine من العام 2006؟ بعد ستة أعوام يعود مخرجي العمل جوناثان دايتون و فاليري فاريس برائعة جديدة هي Ruby Sparks. الفيلم أيضاً من كتابة بطلته الجميلة الرقيقة زوي كازان. الفيلم عن كاتب يفتقد الإلهام وفي إطار بحثه عن قصة يكتبها عن بطلة بها كل ما يرغب في الفتاة التي ستحبها ويعشقها والتي لن يعثر عليها في الواقع. فقط ليفاجئ ببطلة القصة تظهر في واقعه وتقع في حبه! من أجمل الأافلام الرومانسية التي رأيت وبالرغم من كرهي لهذه الافلام الرومانسية لأسباب شخصية إلا أن أفلام بمدى روعة Ruby Sparks تجعلك تؤمن مجدداً بالحب.
[https://www.youtube.com/watch?v=5HzVkK8f9ws]
The Odd Life of Timothy Green
فانتازيا جديدة وتحول من الورق لأرض الواقع مع هذا الفيلم الرائع. جينيفر جارنر و جويل إجيرتون يقومان بدور زوجين محرومين من نعمة الإنجاب. في ليلة كئيبة يقرر الأبوان أن يصنعا طفلهما المثالي على الورق وأن يدفنا أجمل صفاته داخل صندوق خشبي في حديقة منزلهما. ليفاجآن بأن لعبتهما الصغيرة تحولت لواقع وأنبتت طفل غاية في الروعة! وحينما أقول أنبتت أتحدث بشكل حرفي! الفيلم شاهدته مع بعض الأصدقاء الذي يستهواهم أفلام الرعب والأكشن والجريمة (شوارب ممتلئة بالتستوستيرون) لأجدنا طيلة الفيلم وبعده متسمرين من الابتسام والسعادة أمام هذه القصة اللطيفة والأداء المميز مثل الأطفال (نفس المشهد حينما تابعنا Wall E للمرة المليون ربما).
[http://www.youtube.com/watch?v=mMSkbH0LuTc]
Compliance
نبتعد عن البراءة ونذهب للقسوة المتعفنة للبشر. فيلم Compliance نقل سينمائي لقصة واقعية أرعبتني وقعت منذ سنوات. أحد الأوغاد يتصل بمطعم للوجبات السريعة ويقنع نائبة مديرة المطعم بأنه ضابط للشرطة وأن الفتاة التي تعمل على الصندوق قامت بسرقة وأن عليها تفتيشها ذاتياً وتعريتها ويصل الأمر ليشاركها فيه خطيبها لتعريض الفتاة للضرب وحتى إهانتها جنسيا للاعتراف بالسرقة وذلك تنفيذاً لتعليمات المتصل الغامض! القصة المقززة ينقلها المخرج كريج زوبيل بأداء يقترب للعبقرية من كافة المشاركين بالفيلم بطريقة تشعرك بالقشعريرة! نعم القصة مثيرة للقيء وتظهر مدى المرض في نفوس عدد من البشر متمثلين في المتصل الوغد! لكن الأكثر رعباً هو إظهارها لمدى الغباء البشري الذي وصلنا إليه حينما يتبع تعليماته حرفياً أناس أسوياء كما هو مفترض!! إتباع الناس للتعليمات بشكل أعمى دون تفكير فقط لأنها تصدر من مصدر مسؤول كالحكومة مثلاً أمر غريب والفيلم ينقل هذه المعضلة إضافة لطرح موضوع مثير للجدل وهو بأن في دواخل البسطاء هناك حيوانات مستترة تعشق العنف والشهوانية ويكبح جماحها فقط الخوف من العواقب. أمر ذكرني باختبار ملجرام إن سمعتم به والذي اثار الكثير من الجدل وقتها حيث يطلب من المشارك في الاختبار صعق موضوع الاختبار (هو ممثل يدعي انه يصعق) بناء على أوامر المشرف. أغلب المشاركين استمروا في توجيه الصعقات الكهربائية للممثل بالرغم من صراخه من الألم وطلبه إياهم بالتوقف! الأمر به بعض من الفلسفة وتحليل العوامل النفسية والاجتماعية للنفس البشرية لكن إن استطعت هضم الفكرة المرعبة (لهذا أطلت الحديث هنا) عليك مشاهدة الفيلم المبدع وهو أحد أقوى افلام 2012 بلا منازع فنياً.