المرحلة الأولى (اكتشاف الفانوس السحريّ):
أنت طفل صغير، اكتشفت السينما لتوك. بالنسبة لك هى ذلك العالم الذى يحوى كل الكائنات الغريبة والمسوخ المشوَّهة والمطاردات اللاهثة و(الضرب). تُفتن بأىّ فيلم يحوي أىّ عنصر من هذه العناصر، ويا حبذا لو كلها مجتمعة! تحمل شغف هائل وفضول لا يرتوى لأىّ فيلم به درجة عالية من التقزيز والدماء، وبالأخص أفلام الرعب الرخيصة، تلك التي تشاهدها في تلذذٍ آثم من وراء والديك وكأنها متعة محرمة. هذه هى كل السينما فى نظرك في تلك الفترة، بالإضافة إلى أفلام الكارتون بالطبع!
المرحلة الثانية (المراهقة الفكريَّة):
حسنًا، إذا كنت ممن نادتهم نداهة السينما وذهبت خلفها بعيدًا إلى الحقول السحرية ولم تعد قط، ستبدأ فى مرحلة لفظ أفلام الرعب عامةً وأفلام التقزيز خاصةً باعتبارك الآن مثقَّف سينمائى لا يجب أن يشاهد هذا الهراء. تجنح نحو الأفلام التى تحمل صبغة الجديَّة وإن كنت تنتقيها بحيث لا تخلو من الحركة التي ترضى الطفل الذى لم يزل بداخلك بعد، والذي يحب أن يلهو ويستمتع قبل أيّ شىء. تقرأ عن السينما في صفحة الأربعاء من جريدة الأهرام، وصفحة الفن في أيّ مجلة، وتقع يداك يومًا على مجلة متخصصة تصير هي حياتك ذاتها. في هذه المرحلة أفضل أفلامك غالبًا لن يخرج عن: Brave Heart ، Titanic ، Armageddon ، Mission Imposible.
المرحلة الثالثة (الصقل الجيّد للفكر):
تنضج كفاية لتتبع أحد الفريقين:
إما أن تصير متحذلقًا لا تشاهد إلا الأفلام المعقده غير المفهومة (وغير الأمريكيَّة بالطبع) لتثبت لنفسك وللأخرين إنك أصبحت "روجر إيبرت" آخر، وإما أن تصير بالوعة أفلام! تشاهد جميع أنواع السينما وتفتح قلبك وعقلك على اتساعه لكل شىء بما فيه أفلام الرعب الرخيصة التى عشقتها طفلًا، وكرهتها وتعاليت عليها مُراهقًا.
ستعرف معلومة مهمه أن هذا الضرب له عشاق ومعجبون عبر الجلوب بأعداد لا تحصى، بل أن بعض من عشاقه نقاد كبار لهم ثقلهم فى الخارج أمثال "بيتر نيكوللز" الذى لن تعرف من هو إذا كنت من فريق المتحذلق إياه. ستكتشف أنه يوجد لفظ يصفها بأنها Cult Movies أو "أفلام طوائف" أى إنها لا تناسب جميع الفئات، وستعرف أن هذه التسمية لا تعيبها بل على العكس تخلق حولها هالة مثيرة... فتبدأ فى إعادة تفكيرك مرة أخرى لتتذوقها من جديد بناءً على المعطيات الجديدة، وتكتشف أن هذه الأفلام التى كانت ترعبك حتى تبول وأنت صغير تحمل من الكوميديا قدر ما فيها من الرعب والتقزيز! وأن بها مؤثرات خاصة خلَّاقة للغاية ومكياج صادم يكفيان وحدهم لتتحمل عبء المشاهده.
نعم هى ليست قطع أستاذية ولن تكون، لكنها أفلام مجنونة للغاية، لن تستطيع أن تذكر أحدها في أيّ جلسة إلا وأنت تبتسم قائلاً بالتعبير الدراج: فيلم تحفة، أو على الأقل جدًا جميل. وتبداً - بعد نضج حقيقى - في وضع هذه الأفلام في حجمها الصحيح. هي بالطبع أقل مكانةً من مرحلة إنبهارك الأول بها، فهى ليست كل السينما ولا حتى نصفها، لكنها أيضًا مهمة تاريخيًا ومفيدة نفسيًا وتعلو بكثير - ولن أقل تسمو - عن المرحلة الثانية التي كرهتها وتعاليت عليها فيها. ستبدأ أيضًا فى تقدير مخرجين أوغاد أمثال جون كاربنتر، روجر كورمان، ديفيد كروننبرج، سام ريمى، جورج روميرو، ويس كرافن، سامحًا لهم أن يحتلوا منطقة مميزة جدًا من قلبك، وستعود لتُقلِّب فى إنتاجات هامر وأميكوس من جديد، لتكتشف أنها تحتوى على (سوم جود شيت) كما يقول الأمريكان.
قد لا تجرؤ على وضع أحد هذه الأفلام في قوائم أفلامك المفضلة. لكنك أيضًا فى المقابل لن تخجل أن تذكر أمام الجميع أو في أىّ مناقشة سينمائية إنك مهووس تمامًا بها، وأن هذه بالمناسبة ليست سُبة أبدًا كما يعتقد الكثيرون، ولن تهتم كثيرًا بأراء المتحذلقين وادعائاتهم عن تفاهة وضحالة هذه الأعمال.
الآن سأرشح لك مجموعة من أفضل أفلام الرعب الرخيصة، أو على الأقل أكثر ما أحببته منها. لاحظ أنه حتَّى هذه الأفلام منها الجيد ومنها ما هو شديد السوء، المهم أن تتذوقها بمعاييرها الخاصة جدًا وتنقدها بوعى بعيدًا عن التطرف، فلا تضعها فى مقارنة مع الـعراب مثلاً.
ملحوظة أخيرة: هذه الأفلام لا علاقة لها بـ "قاذورات الفيديو" الإيطالية، لكن هذا لا يتعارض مع حقيقة أن القائمة التي سأذكرها هنا تحتوى على فيلمين أو ثلاثة ممن صنفوا كقاذورات، لكنهم فى الحقيقة ليسوا كذلك تمامًا، فهذه أفلام أمريكية في الأساس ولا تتبع تيار "الجيالو" الإيطالي الشنيع.
The Evil Dead Trilogy 1981 - 1987 - 1992
Prince of Darkness, 1987
Braindead, 1992
The Fly, 1986
Creepshow, 1982
In the Mouth of Madness, 1994
Bad Taste, 1987
It, 1990
Nightmare on Elm Street, 1984
Pet Sematry, 1989
Pumpkinhead, 1988
Twilight Zone, 1983
Drag Me To Hell, 2009
Dawn of the Dead, 1978
The Thing, 1982
An American Werewolf in London, 1981
The Tingler, 1959
Pit and the Pendulum, 1961
The Blob, 1988
أعيش منذ سنوات طويلة في سلام مع المرحلة الثالثة... أسترخي في أريكة وثيرة محتضنًا كوب من الشيكولاته الساخنة، أرشف منه وأشاهد في استمتاع "أش" وهو يرفع فأسه عاليًا ويهبط به في جنون ليشج رأس المسوخ، ثم يثبِّت منشارًا يقطر منه الدم مكان ذراعه (ذلك الذي أصبح له حياته الخاصة بعد قطعه)، ثم يُصارع رأس توأمه التى نبتت مكان كتفه... هذا وسط حمامات من الدم لا تهدأ ولا تتوقف.
تبًا... يالها من أفلام!