غابت لبنان كدولة ومؤسسات فنية عن إنتاج الفن وبشكل خاص السينما والدراما لسنوات عديدة. خلت فيها سجلات الأعمال السينمائية والدرامية العربية من أسماء لأعمال لبنانية هامة، لا سيما فى ظل توتر الوضع السياسي بالمنطقة عموماً ولبنان بشكل خاص. وصار اسم لبنان طوال تلك السنوات مرتبطاً فنيا فقط بأعمال مطربيها وموسيقيها واساطين صناعة الموسيقى بها كالسيدة فيروزو ماجدة الرومى والرحبانية والعديد من المواهب الشابة إلى جانب بعض الأعمال المسرحية المحلية التى لم تجد لها صدى واسع فى الأجواء العربية. إلا أن الأمر لم يخل فى العشر سنوات الماضية من محاولات جادة لتحقيق وتوثيق الهوية اللبنانية فنيا واجتماعيا بشكل فردى وجاد أخذته على عاتقها بشكل جاد وراق المخرجة الشابة نادين لبكى من خلال أفلام فارقة فى السينما العربية ك " بوستة" و" سكر بنات" و" هلأ لوين".
وما نتناوله اليوم هو التواجد الأكبر للدراما اللبنانية منذ عدة عقود. هو المسلسل المصري اللبناني المشترك "جذور".
المسلسل المصري اللبناني «جذور» يضم عددا من نجوم الوطن العربى منهم محمود قابيل و دينا فؤاد و أحمد هارون و يوسف الخال و رفيق على أحمد و باميلا الكيك و تقلا شمعون، ومن تأليف كلوديا مرشليان وإخراج فيليب أسمر، و«جذور» من المسلسلات الطويلة، حيث يبلغ عدد حلقاته 60 حلقة تلفزيونية، وتم تصويره فى عدة بلدان، ويرصد المسلسل مواجهات عديدة، وصراع ثقافات وتضارب فى الأفكار والمعتقدات، وقصص حب عاصفة.
يعيش فؤاد (رجل الأعمال اللبناني، الخمسيني) حياة سعيدة وهانئة مع عائلته التي تتألف من:
رجاء زوجته، وأولاده مالك ابن رجاء الذي تيتّم يوم كان في الثالثة من عمره، وكبر في كنف فؤاد المحبّ والذي عرف كيف يكون الأب الثاني له.
أنور: (26 سنة) ونورا: (21 سنة)
و من خلال تشابك العلاقات بين أكثر من عشرين شخصية فى المسلسل، تتشكل حلقات يتابعها الجمهور العربي بشغف على أكثر من أربع محطات فى مختلف أرجاء العالم العربى.
فأما عن الإنتاج فهو إنتاج ضخم كما بدا حتى من الدعاية التى سبقت عرض المسلسل على كافة القنوات. فالصورة مبهرة وسينمائية بشكل كبير وأماكن التصوير وعدد نجوم العمل ومعدات التصوير ومنقيات الصوت.
وبالنسبة لطاقم العمل فهو مجموعة ضخمة من الممثلين أغلبهم من مصر ولبنان فمن مصر كان محمود قابيل ودينا فؤاد وأحمد هارون والعديد من وجوه الدراما المصرية، ومن لبنان كان يوسف الخال وباميلا الكيك ورفيق علي أحمد وأخرون، وحمل اسم المخرج المتميز فيليب أسمر كقائد للعمل. معظم الوجوه التى قدمت العمل ليست وجوها من نجوم الصف الأول سواء فى مصر أو فى لبنان، إلا أن اختيار كل منهم فى دوره كان مناسبا لما ارتآه المخرج من رؤية وشكل نهائي حرص على تقديمه. وبالحديث عن العنصر الإخراجى نستطيع القول بأن مسلسل "جذور" هو أيضا إخراجا متميزا حيث برع كلا من فيليب أسمر وإياد الخروز فى توجيه طاقم العمل ككل وتسخير كافة العناصر كالديكور والإضاءة والاختيار الدقيق لمعظم أماكن التصوير خاصة الخارجية منها. إلا أنه تحريا للموضوعية فأن هناك بعض الملاحظات السلبية التى على الرغم من نجاح العمل بشكل كبير لا يمكن اغفالها. مثل التطويل الواضح الذى غلب على معظم الحلقات التى تم عرضها حتى الآن، والتى يمكن الاستغناء عن عدة دقائق بل مشاهد منها ليبقى إيقاع العمل مشدودا سريعا إلا أن إبهار الصورة والمناظر خفف كثيرا من حدة هذا التطويل.
كذلك هناك خطاً واضحاً من الشبه بالدراما التركية يبدو واضحا للكثير من المتابعين وخاصة فى تشابك العلاقات بين عدد كبير من الشخصيات، وكذا اختيار أماكن التصوير التى كادت تتطابق مع بعض مشاهد مسلسلات تركية شهيرة مثل العشق الممنوع و غيره. وما أراه سلبيا هنا إنى تمنيت -كمشاهدة- وبعد انتظار أعوام لعمل فني عربي مشترك خالص أن نترك أثرا عربيا خالصا أيضا يعكس هوية وطابع كاد يمحى أو يــٌنسى.