رأى البعض في عمله اﻷول اهتمام بالتفاصيل كفيل بوضعه في المقدمة، وأظهر البعض اعجابه بالمهارة في تتبعه شخصيات عمله وتطويرها، وتساءل اﻷخرون عن السر في اﻷداء المُبهر ﻷغلب ممثليه، البعض اﻷخر شبهه بعاطف الطيب كأفضل من صور القاهرة في حقبة الثمانينات، فيما انشغل عدد كبير من جمهور مسلسل بدون ذكر أسماء بالبحث عن مصدر المشاهد الوثائقية النادرة التي تضمنتها الحلقات... عن هذا كله نتحدث مع المخرج تامر محسن:
كيف وجدت ثقة وحيد حامد؟
أسعدني أن يختارني وحيد حامد ﻹخراج سيناريو بدون ذكر أسماء بالطبع، لكن في نفس الوقت كنت اتوقع هذا اﻷمر منذ فترة، وهذا ﻷن ثمة صداقة تجمعني وأستاذ وحيد منذ 10 سنين تقريباً، وكنت أعرف أنه يراهن عليّ، وذلك على الرغم من أن العمل مهم جداً وصعب للغاية، وأعتقد أن سيناريو "بدون ذكر أسماء" قد يكون بمثابة اختبار صعب لأى مخرج لديه خبرة كبيرة، وبالتالي فالأمر أصعب على أي مُخرج في تجربته اﻷولى.
هناك من شبهك ب عاطف الطيب، كأفضل من استطاع تصوير القاهرة في الثمانينات، كيف ترى ذلك؟
تعلمت السينما وأحببتها من أفلام أستاذ عاطف الطيب، لذلك فأن تشبيهي به أمر يُسعدني بالطبع، إلا أن التشبيه يجانبه الصواب قليلاً، فعاطف الطيب صنع أفلام في الثمانينات، أما أنا فقدمت عمل عن الثمانينات، كما إنني اعترض على اختزال روح وسينما عاطف الطيب في كونه أفضل من صور القاهرة في الثمانينات فقط، ولن استطيع تلخيص عملي أيضاً في مجرد تصوير جيد لفترة الثمانينات.
بدون ذكر أسماء يعتبر التجربة الكاملة اﻷولى لك، بعدما شاركت في إخراج مسلسل الجماعة، ألا تجد أنك تأخرت قليلاً؟
لديّ قوانيني الخاصة، التي تحكم الموضوع، وذلك أنني اتخذت قرار طوال الوقت الماضي أنني لن أقوم بعمل غير مُقتنع به، وبالتالي فالبداية تأخرت ﻷن العملية "مقلوبة"، حالياً النجم هو من يقوم بطلب المخرج الفلاني لكي يُخرج له فيلم أو مسلسل، وهذا عكس الطبيعي. في بدون ذكر أسماء سار اﻷمر بالشكل السليم، في البداية كان هُناك سيناريو، وبعدها مخرج ثم شركة إنتاج، قبل أن نبدأ في اختيار أبطال العمل، وبعدها تبدأ مرحلة التصوير التي يقف عندها دور السيناريست تماماً، وأستاذ وحيد حامد كان حريص على هذا فلم يكن يحضر التصوير مثلاً ﻷنه يرى أن دوره انتهى بتسليم السيناريو.
لكن قوانينك بهذا الشكل تأتي على حساب تواجدك؟
فكرة التواجد سهلة جداً، أنا عُرضت عليّ أعمال كتيرة، لكني امتلك القدرة على الرفض والاعتذار، وسبق واعتذرت عن العمل مع أكبر النجوم في مصر.
وهل تؤثر قوانينك الخاصة على فكرة العمل بالسينما أيضاً؟
أحب السينما جداً، ولذلك فأنني أرفض القيام بشيء أُحبه بشكل لا أُحبه من أجل التواجد "ممكن اشتغل مية شغلانة تانية، لكن طالما بعمل الحاجة اللى بحبها لازم اعملها بالشكل اللى أنا عايزه"، وهذا الأمر تحديداً ما يؤخر تواجدي في السينما، بالنسبة ليّ أُفضل تقديم أفلام وثائقية وإعلانات، ﻷنني أكون مرتاح أكثر وأقدمها بالشكل الذي أُريده وبمنتهى الحرية، وذلك على الرغم من أن السينما الوثائقية ليس لها جمهور كبير في مصر.
كيف استطعت السيطرة على كافة التفاصيل الخاصة بفترة الثمانينات، وإخراج المسلسل بهذا الشكل؟
الموضوع كان صعب جداً، ﻷن السيناريو نظرياً لا ينفذ، خاصةً إنه من الصعب أن تجد الإكسسوارات، الديكورات والأزياء التي تخص هذه الفترة، بالنسبة ليّ أجد أنه من السهل صناعة عمل فني يخص فترة الخمسينات أو الأربعينات والستينات على العكس تماماً من فترة الثمانينات، كما أن السيناريو كان يضم مشاهد خارجي وفي وسط البلد تحديداً، وهو ما زاد اﻷمر صعوبة، خاصةً أن فكرة تصوير عمل فني تدور أحداثه في الفترة الحالية بوسط البلد هي فكرة عبثية للغاية، فما بالك بتصوير عمل فني عن حقبة الثمانينات بوسط البلد حالياً، مع الوضع في الاعتبار الاهتمام بكافة التفاصيل التي تخص هذه الفترة والعمل عليها، وما يشمل ذلك من تغيير لواجهات الأبينة، والمحلات مثلاً وما يستغرقه من وقت لإقناع مُلاكها بذلك.
وكيف صورت هذه المشاهد؟
تم بناء ديكور مشابه لوسط البلد بإمكانيات محدودة، واستطعنا تصوير بعض المشاهد فيه، أيضاً كان هُناك عدد من المشاهد التي اُستخدمت فيها الخدع البصرية والكروما، فكان هناك جزء من هذه المشاهد حقيقي وجزء نعتمد فيه على الخدع البصرية.
وبالنسبة للمشاهد الوثائقية النادرة التي اعتمدت عليها في المسلسل، كيف حصلت عليها؟
كنت طوال الوقت متأكد من أن ثمة مشاهد وأفلام توثق القاهرة في فترة التمانينات، ﻷنه من المؤكد أن عدد لا بأس به من المُخرجين في حقبة الثمانينات كان يعمل ويصور ويصنع أفلام وثائقية عن القاهرة، لكنني لم أكن اعرف أين هي تحديداً وكيف استطيع الحصول عليها، ومن هنا بدأت البحث في المركز القومي للسينما، ووجدت أنه بالفعل هُناك أفلام وثائقية كثيرة تخص هذه الحقبة من تاريخ مصر، ووجدنا أيضاً أن حالتها يُرثي لها، حيث كان هُناك الكثير من هذه اﻷفلام تالفة، ومنها أيضاً ما يحتاج ترميم ومعالجة، وبالفعل قُمنا بإقناع القائمين على المركز ببيع حق عرض عدد من هذه الأفلام، وبدأنا بعدها اختيار المشاهد وبدء عمليات الترميم ومعالجة العيوب الخطيرة بها.
بالمسلسل وجدنا أداء تمثيلي مُبهر ومفاجيء في نفس الوقت من قبل أبطال العمل ومنهم روبي، محمد فراج و فريدة سيف النصر، كيف حدث ذلك؟
اعتقد أنه مهما كان المُخرج عبقرياً فأنه لن يستطيع التحكم في أداء الممثل إلا في وجود ورق جيد ورسم واضح للشخصيات، كذلك لن يستطيع الورق الجيد صناعة ممثل جيد إلا إذا تواجد مُخرج واعي، وفي مسلسل بدون ذكر أسماء كان هُناك عنصرين مُهمين جداً لظهور الممثلين بهذا الشكل، اﻷول هو أن الشخصية كانت مرسومة بشكل جيد جداً وغنية بالتفاصيل التي يمكن العمل عليها، أما العنصر الثاني فهو أنني اجتهدت في اختيار الممثل المناسب لكل دور، وقد استغرب البعض اختياراتي، خاصةً أن ممثلين منهم غير معروفين أو منسّين، لكنني وفقت في ذلك في النهاية، كما أنه بعد اختيار الممثلين يأتي دور المخرج اﻷساسي وهو توجيه الممثل.
هل تجد أن الظروف الحالية أثرت على نسبة مشاهدة المسلسل فضلاً عن العرض الحصري؟
بالنسبة للظروف الحالية التي تمر بها البلد، فأنه من مؤكد أنها أثرت على نسب المشاهدة، لكن هذا ينطبق على كل المسلسلات التي تُعرض حالياً وليس بدون ذكر أسماء فقط، أما فكرة العرض الحصري فأعتقد أنها هي من أضرت بنسبة مشاهدة المسلسل فعلاً، ﻷن الطريقة التي تم توزيع المسلسل بها لم تكن جيدة، وهناك عدد كبير من الجمهور لم يبدأ متابعة المسلسل إلا بعد الحلقة العاشرة مثلاً، وذلك بعدما بدأت الناس تتكلم عنه بشكل جيد، كما أن هُناك جمهور كبير أيضاً لا يعرف أن هُناك مسلسل اسمه بدون ذكر أسماء من اﻷساس.