تشهد الساحة الفنية خلال هذه اﻷيام على شاشة التليفزيون المصري والفضائيات باقة متنوعة من المسلسلات التي تتراوح موضوعاتها ما بين الكوميديا والسياسة والدراما الاجتماعية والغوص في المشكلات الإنسانية والنفسية العميقة.
ويظهر ذلك بوضوح في مسلسل " تحت السيطرة"، والذي تدور أحداثه حول علاقة زوجية يصيبها خلل ما بسبب الزوجة التى أصيبت بمشكلة نفسية من علاقة حب قديمة انتهت بموت الحبيب في حادث بشع مما أثر ذلك سلبًا على علاقتها بزوجها الحالي، والذي لا يعلم هذا السر إلا بالمصادفة وتتوالى أﻷحداث بينهما، والمسلسل من تأليف الكاتبة مريم ناعوم وإخراج تامر محسن، ومن خلال الحلقات اﻷولى يتضح للمشاهد أن الإيقاع بطيء للغاية وأقرب إلى الرتابة والملل على العكس من مسلسل " سجن النسا" العام الماضي، ولعل ذلك بسبب غياب المخرجة كاملة أبو ذكري التي كانت تشكل مع الكاتبة مريم ناعوم ثنائي رائع.
أما عن القضايا السياسية والتاريخية فنتابع مسلسل " أستاذ ورئيس قسم" بطولة الفنان عادل إمام الذي يتطرق فيه إلى الوضع السياسي في مصر قبل الثورة والأسباب التي دعت إلى قيامها بطريقة مشوقة، وعلى النهج أيضًا يسير مسلسل " حارة اليهود" الذي يطرح قضية تاريخ اليهود في مصر في أعقاب ثورة يوليو، ويصور لنا الكاتب مدحت العدل فيه حياة اليهود آنذاك، وكيف كانوا يتعايشون مع المصريين وذلك من خلال قصة حب بين "ليلى"، فتاة يهودية وبين ظابط مصري مسلم، ومن الواضح من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أن هناك هجوم حاد على المسلسل وعلى طرحة لتلك القضية ﻷنه يصور لنا شخصية الفتاة اليهودية والتى تلعب دورها منة شلبي، بأنها فتاة وطنية مدافعة عن وطنها مصر، ويتساءل البعض ما الهدف من وراء هذا وحتى الآن لم يتضح لنا المغزى وراء المسلسل ولعلنا نكتشف ذلك في الحلقات القادمة.
وعن الإخراج في "حارة اليهود" جاء بشكل مميز وشيق، فاﻷحداث متلاحقة تحمل في طياتها أجواء كلاسيكية قديمة، ولكن اللغة المستخدمة بين أبطال المسلسل حملت بعض العبارات المستخدمة في العصر الحالي، وعلى ذكر اﻷجواء الكلاسيكية القديمة يأتي مسلسل " طريقي" للفنانة شيرين، الذي يحكي قصة فتاة تريد الغناء ولكن تصادفها العقبات فى طريقها ورغم أنها قصة تقليدية إلا أن المشاهد سيشعر بالاختلاف الكبير، فيعتبر المسلسل أفضل عمل صور الأجواء القديمة، حيث تدور قصته في سنة 1962، ويتمكن المخرج محمد شاكر خضير من تصوير تلك الحقبة بشكل جيد، كما أظهرت شيرين تقدم في أدائها التمثيلي مقارنةً بأول عمل لها " ميدو مشاكل"، إلا أنها أيضًا تحتاج لمزيد من التدريب.
وعن الرومانسية الممتزجة بلغز كبير نشاهد " حق ميت" بطولة الفنانة إيمى سمير غانم و حسن الرداد والفنان أحمد عبد العزيز، الذي أضاف قيمة للعمل بأدائه المتميز، وفي هذا المسلسل نعيش مع الأبطال في قصة حب قد تفتح الأبواب أمام عودة الرومانسية في الدراما المصرية مرة أخرى بعد غيابها لفترة طويلة، إلا أن المخرج لم يكن موفقًا في استخدام الفلاش باك في سرد بعض اﻷحداث بالعمل، فطريقة الفلاش باك توقع المخرج في كثير من اﻷخطاء إذا لم يكن متمكنًا جيدًا من أدواته، كما أنها تجعل المشاهد حائرًا.
أما على مستوى الكوميديا فمسلسل " لهفة" بطولة دنيا سمير غانم جاء كعمل خفيف الظل يذكرنا بالفوازير بدايةً من التتر المختلف عن باقي الأعمال، وفيه أداء تمثيلي جذاب ﻷبطال العمل.
وعن الموسيقى المميزة لتترات هذا العام، كان أفضلهم تتر "حق ميت" و"أستاذ ورئيس قسم"، ومن الملاحظ خلال تلك اﻷعمال وجود طفرة فنية هائلة على مستوى الكتابة والاهتمام بالقصة والحبكة الدرامية للعمل الفني، وذلك مقارنة باﻷعوام السابقة التي كانت تهتم بالبطل على حساب النص ومضمون العمل، ونجد بوضوح أيضًا ميل بعض المخرجيين إلى تصوير قصص الحب اﻷفلاطوني والروايات الرومانسية وإذ كانت تخلو إلى حد كبير من صدق الاحساس على الشاشة إلا إنها خطوة جيدة نحو التغيير من أجواء العشوائيات والعنف التي كانت تسود بكثرة في الآونة اﻷخيرة.