هناك مُستحيلات ومُستحيلات؛ بعض المُستحيلات مُمكنة، وبعضها أكثر استحالة من غيرها. في الحقيقة إذا أردنا التحدُّث عن فكرة المُستحيل من وجهة نظر العلم، سنجد أن عالم الفيزياء النظريَّة ميتشيو كاكو قد صنَّف المُستحيلات إلى ثلاثة أصناف في كتابِه «فيزياء المُستحيل» أو Physics of the Impossible. مُستحيلات الصنف الأول: وهي تلك التقنيَّات التي لا تُناقض قوانين الفيزياء المعروفة، لكن ليس هناك سبيل لتحقيقها الآن لعدم توفُّر التكنولوجيا الكافية لذلك، لكنَّها مُمكنة الحدوث في هذا القرن أو ربما في القرن الذي يليه، مثل الحجب عن الرؤية والتخاطر عن بُعد والذكاء الصناعيّ. ثم هناك مُستحيلات الصنف الثاني: وهي أفكار تقع على حافة فهمنا للعالم الفيزيائيّ، وقد يستغرق تحقيقها ما بين آلاف إلى ملايين السنين في المستقبل، مثل السفر عبر الزمن أو الأكوان المتوازيَّة. ثم أخيرًا مُستحيلات الصنف الثالث: وهي تلك الأفكار التي تُناقض قوانين الفيزياء المعروفة، والتي لو ظهر أنها صحيحة، فإنها ستُمثِّل تحوُّلًا جذريًّا في فهمنا للفيزياء ككل، مثل الآلات دائمة الحركة والاستبصار.
السؤال الآن، هل تقع مُهمَّات Mission Impossible ضمن تصنيف ميتشيو كاكو؟
في الحقيقة لا، وهذا ليس له علاقة بكونها ليست تقانة من الأساس، لكن لكونها مُستحيلات زائفة في الواقع، أُجبرنا على اعتبارها كذلك بينما هي لم تكن قطّ مُستحيلة. عنوان الفيلم التجاري في مصر دائمًا ما كنت أجده -ربما للمرَّة الأولى على طول تاريخه- يصف الفيلم بشكلٍ أفضل من عنوانه الأصلي. جيل التسعينيات يتذكَّر جيِّدًا اسم «مُهمة صعبة» الذي كان متداولًا بكثرة وقتها؛ هكذا قبلت الشركة المُوزَّعة بتسمية الفيلم في مصر، أعتقد لأنها لم تر شيئًا مُستحيلًا يحدث ضمن أحداثه؛ هي فقط مُهمَّاتٍ صعبة، ربما فائقة الصعوبة، لكنها ليست مستحيلة على الإطلاق.
قبل أن نُشاهد الجزء الجديد والمعنون بـ Mission Impossible: Rogue Nation دعنا نغص في كواليس صناعة الأجزاء السابقة، وقبل هذا وذاك يجب أن نعرف أن السلسلة لم تكن لتظهر إلى النور إذا لم يكن المخرج بريان دي بالما شغوف بتقديم نسخته الخاصة من جاسوسيَّات هيتشكوك الكلاسيكية التي تربَّى عليها وكان مولعًا بها، لذا حَوَّل المُسلسل الشهير بذات الاسم الذي ظهر في ستينيات القرن الماضي إلى فيلم حقَّق نجاحًا كبيرًا، قبل أن تقوم ماكينة هوليوود العملاقة بتحويل الأمر برمَّته بعد ذلك إلى سلسلة حركة رفيعة المستوى، أكثر بكثير من كونها أفلام جاسوسيَّة.
تعال نتعرَّف سويًّا على كواليس صناعة المُستحيل من خلال هذه الإنفوجرافيك.