The Sword of Destiny.. جزء ثان محبط لكلاسيكية أسطورية

  • مقال
  • 06:33 مساءً - 5 ابريل 2016
  • 1 صورة



The Sword of Destiny

بعد مرور 16 عامًا على خروج فيلم Crouching Tiger Hidden Dragon إلى النور، خرجت شبكة Netflix لتعلن عن إصدار جزء ثان للفيلم الذي يصنف إلى اليوم كواحد من أهم كلاسيكيات السينما العالمية. الفيلم الذي أصبح أول فيلم فنون قتالية يرشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم، والذي يحمل إلى اليوم الرقم القياسي كأكثر فيلم أجنبي رشح لجوائز أوسكار بعدد 10 ترشيحات.

إعلان Netflix عن إصدارها للجزء الثاني للفيلم الذي عنونته Crouching Tiger, Hidden Dragon: The Sword of Destiny ونشرها لإعلانه ربما كان خطوة مثيرة للجدل، أثارت تحفز وتشكك الكثيرين من محبي الفيلم وجعلت الجميع متحفزًا لمعرفة إن كان الفيلم سيخالف التوقعات وينجح في أن يتفوق أو يوازي أو حتى يقترب من مستوى وإنجاز الفيلم الأصلي أم لا؟

الحقيقة أن الفيلم -رغم طاقم العمل القوي الذي شارك فيه- أبى أن يخالف التوقعات؛ فأحبط مشاهديه وخرج فيلمًا مشتتًا. فلا هو نجح في تقمص روح وطابع الفيلم الأصلي، ولا هو كان متفردًا ذا طابع ورؤية فنية خاصة به. عندما تشرف على صناعة عمل سينمائي فأنت قبل البدء بالتنفيذ وقبل الدخول في التفاصيل تشكل رؤية عامة لما تريد أن تقدمه، تضع في اعتبارك الكثير من الحسابات تبني على أساسها سيناريو فيلمك وتحدد الثيمات التي تريد أن تقدمها من خلال العمل وتشكل رؤيتك الفنية الشاملة لفيلمك الذي ستقدمه. وعلى ما يبدو فأن صناع الفيلم وضعوا في اعتبارهم الكثير من الحسابات التي لم يستطيعوا أن يحدثوا التوازن بينها، فبين حسابات البناء على الفيلم الأصلي وتأكيد الارتباط به وإعادة إحياء أجوائه وبين حسابات "أمركة" الفيلم -كون الفيلم هذه المرة وعكس الفيلم السابق مقدم في الأساس للمشاهد الأمريكي وباللغة الإنجليزية- وبين ضغط الإنتاج المحدود؛ فشل الفيلم على أصعدة كثيرة.

فأنت تجد نفسك هنا أمام قصة ضعيفة خاوية المضمون وأحداث هزلية غير منطقية ومحاولات ربط مبالغ بها وغير مبررة بين شخصيات وقصة الفيلم القديم والفيلم الجديد طغت وشوهت سيناريو الفيلم. ومع ضعف الإنتاج تجد مؤثرات بصرية ضعيفة للغاية. ثم تجد -رغم طاقم العمل الكبير- كاريزما ضعيفة بين شخصيات الفيلم لا توازي بأي حال تلك التي كانت بين شخصيات الجزء الأول. بل وحتى على مستوى مشاهد القتال لم يقدم الفيلم أي جديد مميز رغم أن مخرج الفيلم وو بينج وين هو واحد من أهم مصممي مشاهد القتال في العالم، بل يصل لمرتبة العظماء الذين سيخلدهم التاريخ في هذا المجال، فهو على سبيل المثال لا الحصر مصمم مشاهد القتال في أفلام Matrix وKill Bill، بل هو مصمم مشاهد القتال أيضًا في فيلم Crouching Tiger Hidden Dragon الأصلي ذاته!

لكن ربما يكون أكبر ما فشل فيه وو بينج وين في الواقع هو إعادة إحياء تلك الأجواء الشاعرية شديدة الجمال والتناغم التي قدمها آنج لي في الفيلم الأصلي، والتي كانت هي الشيء الأصيل والخاص المميز جدًا الذي جعله يصل لمرتبته الحالية كواحد من أهم الأفلام العالمية في العصر الحديث. لا أدري هل عجز وو بينج عن إعادة تقديمها -أو تقديم ما يوازيها- أم أنه لم يدركها من الأساس. فالواقع أن تقوم بتصوير الأشجار كما كانوا يصورونها في الفيلم الأول، أو أن تقدم بطلة شديدة الجمال نضرة الشباب تتمحور حولها الكثير من الأحداث كما في تيمة الفيلم الأصلي، أو أن تعيد تقديم مشاهد التسلل والتخفي كما في الفيلم الأول أيضا لا يكفي لتكون قد أحييت أجواء الفيلم الذي تريد إعادة إحيائه. فالفارق شاسع جدًا بين أن تعرف مكونات "الخلطة" وبين أن تعرف "كيف تمزجها بمقاديرها السليمة". لقد كان وو بينج هنا "طباخًا" فاشلاً؛ فشل أن يقدم خلطة سلفه ولم يحاول أن يقدم خلطته هو. ربما لم تكن خلطة Sword Of Destiny في غاية السوء، لكنها كانت في أفضل الأحوال تقليدية وعادية جدًا لا تقارن بخلطة الفيلم الأصلي ولا تستحق بأي حال أن تحمل نفس الاسم.

يبقى أن نعرج على التمثيل قبل أن نختتم طرحنا. ميشيل يو قدمت أداءً جيدًا جدًا رغم كل شيء، وكانت ذا حضور طاغ على الشاشة ربما ساهمت به في أن تنقذ الفيلم من أن يكون كارثيًا تمامًا . دوني ين أحد أهم نجوم السينما الأسيوية اليوم قدم أداءً معتادًا كافيًا وليس استثنائيًا ساعدته عليه ملامح وجهه التي تناسب الدور. أخيرًا ناتاشا بورديزو في دورها الأول لم تكتفي بجمالها الصارخ، وإنما اجتهدت في محاولة تقديم دور جيد يملأ فراغ غياب ممثلة بحجم تشانغ زي التي كانت واحدة من أهم عناصر الجزء الأول. أداء ناتاشا كان مبشرًا بأنه ربما يمكنها أن تكون من الممثلين الصاعدين في الفترة القادمة، لكن أعتقد أن عليها أن تتجنب أفلام فنون القتال؛ حيث إن أداءها في المشاهد القتالية افتقد للواقعية والتناغم وبدا مسرحيًا راقصًا على نحو أكثر.

ختامًا يمكن القول إن هذا الفيلم لو كان "مجرد فيلم فنون قتالية آخر"، لربما كان يمكن تقبله نسبيًا. لكن كونه يحمل اسم فيلم مثل Crouching Tiger Hidden Dragon ويقدم نفسه كامتداد له، فهو تحد فشل فيه الفيلم تمامًا، وفشله هذا يجعله يهبط لمرتبة السيء بلا جدال.



تعليقات