إن أداء شخصية معروفة يتطلب موهبة كبيرة، فعند اختيار ممثل جديد لأداء شخصية، يبحث المخرج وكذلك شركة الإنتاج عن شيء جديد لم يتم تقديمه من قبل. وهنا تلعب خبرة الممثل دورها، إذ يمكن للممثل أن يواجه العديد من الصعاب، من بينها أن تكون الشخصية مُقتبسة من كتب أو مجلات مصورة (comics)، وبالتالي فعليه أن يحرص على إعطاء الشخصية "نكهة" خاصة مع الحفاظ على خطوطها الأساسية. مشكلة أخرى يمكن أن يقع فيها الممثل وذلك عندما يجد ممثلًا آخر قد سبقه وأدى هذه الشخصية، هنا عليه أن يبتكر طريقة يتفادى بها التقليد أو التكرار.
في هذا المقال، سنتناول شخصيات معروفة في السينما أداها أكثر من ممثل، وسنحلل الاختلاف في طريقة تقديم هذه الشخصيات:
هو المُحقق البريطاني الشهير، صاحب الذكاء الخارق، والذي يحل الألغاز والجرائم منذ عام 1887. فشخصية شيرلوك هولمز قُدمت مرات عديدة على التلفزيون والسينما، وقدمها أكثر من 34 ممثل عبر التاريخ، لكن أبرزهم كان الممثل روبرت داوني جونيور، الذي قدم الشخصية في فيلمين عامي 2009 و2011، والفيلم الثالث سيبدأ العمل عليه قريبًا. المُميز بشخصية داوني أنه قدم هولمز كعبقري يفعل ما يشاء بنكهة توني ستارك، مع التركيز على مشاعره ،خصوصًا بالجزء الثاني. أما الممثل الثاني، فهو المخضرم إيان مِاكلين الذي قدم شيرلوك العجوز الضعيف في فيلم "Mr. Holme" عام 2015، فقد أظهر مِاكلين صورة المحقق الذي يُصارع فقدان ذاكرته ليحل آخر لغز له. مِاكلين كان مناسبًا للدور وشاهدنا معه هولمز بشكل مختلف.
هل يمكن الحديث عن الشخصيات الدرامية الشهيرة دون ذكر عدو "باتمان" صاحب الابتسامة العريضة؟ لا شك أن الجوكر من أجمل الأشرار في عالم "الكوميكس" وقد أداه جاك نيكلسون في فيلم Batman عام 1989، ثم الراحل هيث ليدجر في فيلممممم The Dark Knight عام 2008. هل تجوز المقارنة؟ طبعاً لا، فنيكلسون قدم جوكر أشبه برجل عصابة، قاسي القلب وذو نظرة مستقبلية، بينما ليدجر قدمه كفوضوي مجروح من العالم ويريد الانتقام من كل شيء، فأتى أداء الممثلين متكاملًا، وكأننا نشاهد شخصيتين بقالب وهدف واحد. يُذكر أن جاريد ليتو سيلعب دور الجوكر في فيلم Suicide Squad هذا العام، وكل العيون تتجه نحو ليتو وشخصية الجوكر "المضطرب نفسيًا".
مَنْ قدم أداءً أفضل، توبي أم أندرو؟ هذا السؤال المتداول على الإنترنت منذ صدور الجزء الأول من The Amazing Spider man عام 2012. فرغم أن توبي ماجوير قدم ثلاثة أفلام للرجل العنكبوت وأندرو جارفيلد قدم اثنين فقط، إلا أن الصراع مازال قائمـًا بين المعجبين على ممثلهم المفضل.
ماجوير قدم سبايدرمان مثل "الكوميكس"، الطالب الذكي والجدي المهووس بالعلم، والذي يتغير بعد لسعة العنكبوت. جسم ماجوير كان أضخم، وأوحى أنه أكبر سنًا. أما أندرو جارفيلد، فقدم سبايدرمان طريفــًا ووسيمـــًا وذكيـًا ووأكثر شبابـًا. وهنا نجد حتى أن الطرافة اختلفت بين الممثلين في الأفلام الخمسة.
طبعًا كلنا ننتظر الرجل العنكبوت الجديد، توم هولاند، أصغر سبايدرمان بالتاريخ في فيلم Captain America: Civil War.
دعونا ننسى فيلم Catwoman عام 2004 بطولة هال بيري، الذي كان بمثابة كارثة على شباك التذاكر والنقاد، ولنركز على ممثلتين هما مشيل فايفر التي قدمت شخصية "كات وومان" في فيلم Batman Return عام 1992، وآن هاثاواي في فيلم The Dark Knight Rises عام 2012. الشخصيتان مختلفتان، ففايفر قدمت كات وومان مجنونة ومضطربة تسعى للانتقام وركز الفيلم أيضًا على ماضيها وقصتها، أما هاثاواي، فكانت ذكية محتالة، حاولت سرقة الثري بروس واين أو باتمان.
كل ممثلة أدت دورًا مختلفـــًا تمامًا جعلهما بالطليعة؛ ربما لأنهما كانتا تحت إدارة مخرجين كبيرين مثل تيم بيرتون عام 1992 وكريستوفر نولان عام 2012.
أداء الشخصية ليس فقط باللبس والمكياج وتغيير الصوت، بل يجب على الممثل أن يعيش حالة، يجعلنا معها ننسى هُويته الحقيقية.
لائحة الشخصيات التي قدمها أكثر من ممثل طويلة جدًا، وقد تناولت بهذا المقال مُمثلين غيروا الشخصية دون تغيير هويتها ونجحوا في ذلك. في النهاية، مع موضة استعادة أفلام أو شخصيات معروفة، تبقى خبرة الممثل وبراعته الشيء الوحيد المميز في حسم الأداء.