ما أن تدير هوليوود وجهها ﻷي منبع للأفكار لم يكن مستغلًا على النحو الكافي، حتى تحرص على التنقيب فيه حتى آخر قطرة، لكن هذه المرة كانت لعبة Angry Birds التي ابتكرتها إحدى الشركات الفنلندية تتحدث عن نفسها بالفعل، ولم تكن بحاجة سوى لمن يتحمس لاستثمار نجاحها من جديد في السينما بعد الانتشار الكبير الذي حققته سواء على أجهزة المحمول الذكية أو خارجها، حيث باتت هذه الطيور الغاضبة متواجدة في كل مكان كمثل تواجد شخصية سبونج بوب من خلال عشرات المنتجات المختلفة: كتب وألعاب وقصص مصورة ومشروبات... الخ.
وﻷن أصول "الصنعة" كانت لها اليد الطولى على امتداد الخط في عملية صناعة الفيلم، بات The Angry Birds Movie مجرد منتج آخر من المنتجات الجديدة التي تستهدف جمهور أوسع من جمهور اﻷلعاب، ولا نستبعد إذا أفرد له خط إنتاج مستقل من خلال المزيد من اﻷفلام أو حتى المسلسلات أو المواد التعليمية، لكنه مهما فعل، كان منتجًا بلا روح طغت فيه الصنعة على كل شيء، حيث يجب وصول البضاعة في موعدها وفق موعد التسليم.
إذا صادفت قدماك باب دار العرض التي تعرض الفيلم وتلمست لك مقعدًا هناك، لا تتعجب ﻷن اﻷطفال فقط هم من يضحكون خلال مشاهدة الفيلم بينما لا يضحك الكبار، فالفيلم بالفعل ثقيل الظل، لا ينجح في إضحاك أي شخص بالغ، ﻷن كل مواقفه تشبه ملاعبة طفل في أطوار النمو اﻷولى حين تصطنع له تعابير وجه مضحكة، أو تسقط أرضًا حين يلكمك بيده الصغيرة أو حين يوجه نحو صدرك طلقات مسدسه البلاستيكي.
بالنسبة ﻷي مشاهد عادي، يسهل جدًا تتبع المنابع الكوميدية التي يغترف منها الفيلم مواقفه الكوميدية، وهي للحق هنا محدودة جدًا، وتشعر بأن صناع الفيلم كانوا يتبادلون استخدامها الواحدة تلو اﻵخرى بالتناوب، فما أكثر اﻷلعاب اللفظية السخيفة - على سبيل المثال - التي يزخر بها الفيلم التي تأتي من مجرد تشابه النطق لا أكثر.
من المنابع المتكررة التي يلجأ لها الفيلم أيضًا هى ألعاب النسبة والتناسب: طائر ضخم بجانب طيور أصغر حجمًا منه، طائر يتمتع بدرجة لونية أقوى من سائر الطيور، حواجب أكثر كثافة.
لكن ما أعده المنبع اﻷسوأ على اﻹطلاق في استخراج المواقف الكوميدية هنا هو ما يمكن تسميته بمزحات دورة المياه أو Toilet Humor كما يسميها اﻷمريكيون، واﻷسوأ أنها غير مضحكة، بل ومقززة أيضًا، ما المضحك في مشاهدة أم تمضغ الطعام ثم تبصقه لأبنائها في أكياس طعامهم؟ أو في طائرين يبصقان المياه التي ابتلعاها لبعضهما البعض؟ أو حينما يكتشفان أن المياه التي كانا يشربا منها للتو كانت عبارة عن مبولة مفتوحة لمايتي إيجل؟
وبعيدًا عن كل هذه السخافات واﻷشياء المقززة، النصف الثاني من الفيلم بأكمله عبارة عن متابعة لعبة فيديو تجري أمامك بدون أن تمسك بذراع التحكم في يدك، كل ما يحدث في النصف الثاني فقط هو قذف الطيور واحدًا تلو اﻵخر نحو مدينة الخنازير الذين سرقوا البيض منهم، وإحداث أكبر كم من الخسائر باستخدام القوى الخارقة التي لم نعلم بوجودها سوى في تلك اللحظات، هنا لا توجد دراما، ولا توجد كوميديا، هنا ما يحدث مجرد لعبة فقط.
قد يعتبر الصغار هذا الفيلم بالنسبة لهم مكافأة نهاية الأسبوع بالنسبة لهم بعد قضاء الأسبوع بأكمله في الحضانة أو في المدرسة، لكنني أعتقد أنه لن يكون سوى مجرد عقاب للكبار خاصة مع رؤية مايتي إيجل وهو يرقص على أغاني الديسكو.