(تحذير: المقال يحتوي على كشف لأحداث الحلقة)
صدرت الحلقة الخامسة من Game of Throne بعنوان The Door أو "الباب"، وهي بلا شك الحلقة الأكثر حزنًا في المسلسل بأكمله حتى الآن، والأكثر تأثيرًا في مشاهديه سواء على المستوى الشخصي أو التفاعلي على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. لقد قرأت جملة "Hold the Door" بإمضاء هودور بعد صدور الحلقة أكثر من 100 مرة دون مبالغة في أنحاء الإنترنت المختلفة.
المفارقة الغريبة أن الحلقة يوجد بها أسوأ مشهد في المسلسل على الإطلاق وسأذكره لاحقًا، وواحد من أفضل خمسة مشاهد في المسلسل ككل، بل هو الأفضل بلا منازع بالنسبة لي على الأقل، وهو مشهد هودور في ختام الحلقة بالطبع.
المفارقة الغريبة الأخرى هي أننا أنهينا نصف الموسم فحسب، لكن الموسم السادس قد صار بالفعل أكثر موسم يحتوي على مشاهد مؤثرة وعاطفية من مواسم المسلسل. وهذه المشاهد أصلًا غريبة ونادرة في عالم لعبة العروش، ولم نعتد على كثرتها من جورج مارتن ولا من صناع المسلسل!
مع ذلك تستفيد سانسا بالمعلومة التي أخبرها بها باليش، وتكلف بريين وبودريك بالذهاب إلى عم والدتها بريندين تالي في قلعة ريفيران وإقناعه بضم جيشه لها ليستردوا الشمال معًا مرة أخرى . أما سانسا وجون وباقي القافلة سيذهبون في رحلة مباينة لضم البيوت المخلصة لآل ستارك وتكوين جيش سانسا المنتظر.
إيرون جريجوي يعترف بقتل أخيه بالون ملك جزر الحديد أمام الجميع ولا أحد يتحرك للقبض عليه، بل والأدهى من ذلك يبايعونه ملكًا. خلال بضع دقائق تهتف الجموع ليارا ثم تغير الهتاف لإيرون الذين قابلوه لتوهم وبعد خطاب من أسخف ما يكون. يارا تأخذ ثيون وجنودها الموالين لها ويغادرون جزر الحديد بأفضل السفن الموجودة. طالما أن لدى يارا ذلك العدد من الجنود، لماذا لم تتصدى إلى إيرون؟ لماذا لم تطالب بمحاكمته على قتل أبيها الملك على أقل تقدير؟ آخر السخافات في ذلك المشهد هو طلب إيرون ممن حوله أن يبنوا له ألف سفينة ضخمة بعدما هربت يارا بأسطولهم، أي أن تنصيبه ملكًا عليهم جاء على عاتقهم بعمل شاق وخسائر جمة وكدر عظيم، فلماذا ينصتون له وهناك حلول أسهل عليهم كثيرًا من ذلك؟
الآن أصبحت دانيريس رسميًا ملكة عشائر الدوثراكي، وأصبحت تملك جيشًا جرارًا ستعود به إلى ميرين لتقيم العدل والقانون كما كانت تتمنى. هي الآن لا تعلم بشأن الصفقة التي عقدها تيريون مع الأسياد، وتيريون وفاريس وباقي حاشيتها في ميرين لا يعلمون بما آلت هي إليه. نحترق شوقًا لمعرفة ماذا سيحدث عندما تعود الكاليسي إلى ميرين ويتبادلون جميعًا الأخبار، وماذا ستفعل بالأسياد وأبناء هاربي في وضعها الحالي شديد القوة والبأس.
تحدث مواجهة كلامية ظريفة بين المرأة الحمراء الجديدة كينفارا وفاريس غير المؤمن بكلام كهنة إله النور، لكن كينفارا تقنعه بالطريقة الصعبة. أعتقد أنها أول مرة نرى فيها فاريس في المسلسل في موقف المسيطر عليه إن لم تخني الذاكرة، كما كان يرتجف بعض الشيء في انزعاج شديد. المشهد كان ممتعًا جدًا، ونتمنى مشاهدة كينفارا أكثر في المسلسل بعد ذلك.
قواعد ذلك العالم العجيب ما زالت مجهولة بالنسبة لنا، وما زالت في طور الإعداد في أحداث المسلسل، وهو أمر مزعج جدًا لنا كمشاهدين نظرًا لأننا في الموسم السادس ويفترض أن تكون معظم قواعد عالم المسلسل قد استقرت بالفعل. فجأة أصبح ملك الليل لديه القدرة على اختراق المكان والزمان في رؤى بران، وفجأة علمنا أن بران يمكنه التأثير في أحداث الماضي بقدراته من خلال الرؤى، وفجأة علمنا أن أطفال الغابة هم من صنعوا السائرين البيض منذ زمن بعيد لاستخدامهم كسلاح في حربهم مع البشر الأوائل، وملك الليل عائد لينتقم منهم جزاء على ما فعلوه به وبقومه. ولقد انقرض جنس أطفال الغابة بأكمله في هذه الحلقة بالفعل، حيث كان يختبئ آخر من تبقى منهم في الكهف الذي هاجمه السائرون البيض في نهاية الحلقة.
تتابع السائرين البيض في الحلقة هو الذي وعدنا به صناع المسلسل هذا الموسم، وصرحوا أنه سيكون أقوى من تتابع مذبحة هاردهوم في الموسم الماضي، وأنه سيهز العالم أجمع. التتابع قوي وجيد الصنع نعم، لكنه لا يتخطى تتابع مذبحة هاردهوم على أي مستوى. ما هز العالم أجمع بالفعل هو هودور!
هودور ذلك الشخص الطيب النقي شديد الولاء لآل ستارك، ورفيق بران وقافلته ومنقذهم من موت محقق أكثر من مرة. شخصية مسطحة ذات بعد واحد لا تشعر بها طوال خمسة مواسم ونصف إلا في لمحات بسيطة جدًا؛ منها مثلًا عندما يبتسم في حياء ويقول "هودور".. الكلمة الوحيدة التي يتفوه بها ويدعوه الجميع بها. في خمس دقائق فحسب، يتحول بيد صناع المسلسل إلى شخصية رئيسة كاملة الاستدارة في براعة منقطعة النظير لم أشهدها من قبل قط، ويعتصرون قلوبنا جميعًا على هودور الذي لم نكن نهتم لأمره البتة قبل تلك الدقائق الخمس. تخيل أن تكون حياتك كلها مكرسة للحظة واحدة وجملة واحدة وعمل واحد وتضحية واحدة لأجل بران، وربما لأجل البشرية كلها. لكن أن تكون تعلم ذلك منذ صغرك وتسير نحوه ما تبقى من عمرك بثبات وإخلاص؛ فأي إيثار هذا؟!
امسك الباب جيدًا يا هودور وسينتهي الأمر خلال لحظات ولن تشعر بشيء. تبًا لك يا جورج مارتن على ما فعلته بنا وبهودور! يا لك من وغد بلا قلب عديم المشاعر!