اسم الفيلم: Eddie The Eagle
نوع الفيلم: سيرة ذاتية، كوميدي، درامي، رياضي
سنة الإنتاج: 2016
بطولة: تارون إيجرتون، هيو جاكمان، توم كوستيلو
إخراج: ديكستر فليتشر
لعبة القفز التزلجي أو التزلج مع القفز على الجليد هي إحدى الرياضات المعتمدة في دورات الألعاب الأولمبية الشتوية، والتي يقوم فيها اللاعب بالتزلج على مسار مرتفع ومنحدر ثم يقوم بالقفز بأسلوب متناسق لأبعد مسافة ممكنة على أن يهبط بسلام في النهاية، تلك الرياضة التي لم يصادف من قبل أن تابعت أية منافسات لها، ولم يكن عندي مفهوم قوي عن مدى الإثارة التي تتضمنها لكن بعد مشاهدة "إيدي النسر"، أعترف بأنني أصبحت مغرمًا بتلك اللعبة.
إذا شاهدت من قبل فيلم لأحد الرياضيين المهضوم حقهم، والذين لم يحظون بالرعاية المناسبة، ويلاقون استنكار الجميع، قبل أن يتحولون في النهاية إلى أبطال، إذن فأنت تتوقع ماذا سيحدث في هذا الفيلم، الذي قام ببطولته النجم "تارون اإيجرتون" مجسدًا شخصية مايكل إدواردز "إيدي"، المتزلج على الجليد، الذي كان يحلم بالمنافسة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية منذ طفولته، والذي يسعى بدون توقف خلف هذا الحلم، والدته جانيت "جو هارتلي"، التي تدعم ابنها "إيدي" ودائمًا ما كانت متحمسة لأحلامه، أما والده تيرى "كيث آلين" فقد كان يفضل لابنه العمل معه في مجال التجصيص، ويفقد أعصابه دائمًا في كل مرة يعلم أن ابنه مازال متمسكًا بحلم الأولمبياد، ولم يكن عدم اقتناع والده هو العقبة الوحيدة في طريقه بل واجهه الكثير من المتاعب مع الاتحاد الأولمبي البريطاني، الذي كان يرفض ضمه للمجموعة المشاركة بسبب عدم تحقيقه لمسافات متميزة، ولكن بالرغم من ندرة مشاركة الرياضيين البريطانيين في دورات الأولمبياد الشتوية، خاصة في لعبة القفز على الجليد إلا أنه استطاع تخطي كل تلك العقبات وتجاهل جميع الأشخاص الذين يشككون في قدراته وقام بإقناع المتزلج الأولمبي السابق برونسن بيري، والذي جسد دوره "هيو جاكمان"، ليقوم بتدريبه ليتخطى قفزة الـ90 متر في دورة الألعاب الشتوية بمدينة كالجاري بكندا عام 1988، حيث استطاع "إيدي" في هذا التوقيت أن يفوز بقلوب جماهير بريطانيا العظمى عن طريق هذا العمل البطولي الإلهامي النابع من شخص يجب تصنيفه من فئة المحاربين، الذين يعملون بشجاعة في مواجهة التحديات بالرغم من استنكار الجميع.
أحداث الفيلم مبنية على قصة حقيقية، للمتزلج الأكثر شهرة في تاريخ بريطانيا والمعروف لدى الغالبية العظمى بـ"إيدي النسر"، والذي ترك علامة هامة في تاريخ دورات الألعاب الأولمبية الشتوية ليصبح بطلًا للمملكة البريطانية في لعبة القفز على الجليد بالرغم من أنه البريطاني الوحيد الذي كان يمارس اللعبة في هذا الوقت، ولكنه استطاع الظهور والمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في كالجاري عام 1988، وهذا إنجاز في حد ذاته بصرف النظر عن الأداء الضعيف الذي ظهر به بالنسبة لباقي اللاعبين من الدول الأخرى ولكنه كان أداء بريطاني عظيم وغير مسبوق.
وبالرغم من أن الفيلم مبني على قصة حقيقية لكنه بعيد تمامًا عن أرض الواقع، حتى أن الشيء الوحيد الحقيقي في تلك القصة هو أنه كان هناك متزلج على الجليد اسمه "مايكل إدواردز" من إنجلترا، أما باقي الرواية بالكامل فهي مجرد خيال بحت، وقد أكد ذلك إيدي الحقيقي، عندما صرح في أحد اللقاءات الصحفية بعد مشاهدته للعمل بأن 10% فقط من أحداث الفيلم حدثت بالفعل، القصة مفبركة بالكامل فمثلًا في الحياة الحقيقية كان "إيدي" بالفعل متزلج بارع جدًا، ولم يستطع المشاركة في أولمبياد 1984، والتي أقيمت في مدينة سراييفو في يوغوسلافيا بفارق مسافات بسيط، على عكس ما تم تصويره في الفيلم بأن أولى محاولات "إيدي" للمشاركة في الأولمبياد كانت في عام 1988، أيضًا لم يكن هناك من يكرهه أو لغرض ما يحاول استبعاده عن الفريق البريطاني كما تم تصوير أعضاء اللجنة الأولمبية البريطانية، فقد كان هذا العداء والحقد والتكبر مجرد تلفيق خالص من صناعة هوليوود، أضف إلى ذلك بأن "إيدي" كان تحت إشراف اثنين من المدربين وليس واحدًا، والطريف في الأمر أن الاثنين لم يكن من بينهما "بيري روبنسن" مدرب "إيدي" بالفيلم، ولم يكونا بطلي أولمبياد سابقين أو حاملين لأرقام قياسية عالمية كما تم تصوير "بيري روبنسن"، كما أن "بيري روبنسن" شخص من نسج الخيال ولم يكن له وجود ليس فقط في حياة "إيدي" بل في تاريخ اللعبة بأكملها أيضًا، هناك حقيقة أن اسم "إيدي" كان مدرجًا في منافسات قفزة الـ90 متر منذ بداية الأولمبياد، كما أنه قد تدرب على تلك القفزة أكثر من 60 مرة عكس أحداث الفيلم عندما قرر "إيدي" أن تكون تجربته الأولى في قفزة الـ90 متر عن طريق المشاركة في تلك المنافسات، بعد إعلانه ذلك خلال مؤتمر صحفي، أثناء إقامة البطولة.
من ناحية أخرى الفيلم وضح للمشاهد أن "إيدي" ذهب إلى ألمانيا ليتدرب قبل أن يذهب إلى كندا للمشاركة في الأولمبياد بخلاف ما حدث فعليًا فلقد ذهب إلى منطقة ليك بلاسيد، بمدينة نيويورك الأمريكية، ليتدرب قبل الأولمبياد الشتوية في عام 1988، ولكن ما جعلني أشعر بخيبة أمل أكثر هو أن منافسات الأولمبياد بالفيلم لم يتم تصويرها في مدينة كالجاري بكندا، وذلك ﻷنني أؤمن أن تصوير الفيلم المبني على قصة حقيقية في مكانه الفعلي سيضيف إليه الكثير من الواقعية، لكني التمست العذر لصناع الفيلم عندما علق المخرج قائلًا بأن مسارات التزلج على الجليد التي أقيمت بها الألعاب الأولمبية الشتوية في كندا، يتم استخدامها في رياضات أخرى الآن، وأنه كان من الأرخص والأسهل تصوير الفيلم بأكمله في ألمانيا حيث مسارات التزلق على الجليد الفاتنة، أما الحقيقة التي لم يتم ذكرها بالفيلم هي أن "إيدي" لم يظهر مرة أخرى بعد كالجاري 88 بداعي الإحراج، كما أن اللجنة الأولمبية الدولية رفعت الحد الأدنى للمسافة التي يجب قفزها لضمان عدم مشاركة شخص آخر مثل إدواردز بعد ذلك.
قصة الفيلم لم يكن من الصعب التنبؤ بأحداثها خاصةً بعد أن جذبت الكثير من الانتباه الإعلامي في الحياة الواقعية، لكن رياضة القفز على الجليد أضافت الكثير من الحماس، كتابة الفيلم تمت بامتياز وقامت بسرد القصة بشكل درامي عميق، أما طراز الثمانينات فتم تصميمه بشكل جيد، مونتاج رائع وخلفية موسيقية خلابة ولكن ما أثار إعجابي حقًا هو الأداء التمثيلي خاصةً من "تارون إيجرتون" الذي كان ساحرًا، وإذا استمر بنفس هذا الأداء سيكون له مستقبل لامع وبلا شك سيصبح واحدًا من أكبر الأسماء في عالم هوليوود خلال فترة قصيرة، أما "هيو جاكمان" فقد أدى كعادته أداءً أسطوريًا يجعلك لا شعوريًا مندمجًا معه حتى أنك من الممكن ألا تلاحظ الجرافيك الواضح في المشهد، الذي قام فيه بأداء قفزة الـ90 متر مع سيجارة مشتعلة في فمه.
"إيدي النسر" هو أحد الأفلام الرياضية العظيمة التي تقدم دروسًا عظيمة في المثابرة وعدم الاستسلام لتحقيق أهدافك كما أنه واحد من أكثر الأفلام التي استمتعت بها هذا العام بصفة شخصية، فيلم لطيف ومثير للاهتمام أنصح بمشاهدته بجدية، فبالرغم من أنه لا يختلف كثيرًا عن أي فيلم رياضي آخر، ولكن له تأثير مختلف، سيتركك في حالة من الشعور بالسعادة والحماس عندما تنتهي من مشاهدته.