سيناريست مصري بدأ مشواره عام 1997 بالإذاعة فكتب لأثيرها عشرات الأعمال الدرامية، قدم نوع مُختلف ومميز في أعماله السابقة، يعشق فكرة التحدي ويحب دائمًا أن يخوضه وان يجعل منه عملًا مختلف ومُميز، “السينما.كوم” حاورت المؤلف فايز رشوان، وتحدثت معه عن مسلسله الرمضاني "الحالة ج"، وإليكم الحوار.
لماذا لجأت لتقديم مسلسل تدور أحداثه في إطار الإثارة والتشويق، هل بسبب نسبة المشاهدة المرتفعة هذه الأعمال أم هناك سبب آخر؟
من الواضح أن الأعمال التي تأخذ طابع التشويق والإثارة تُعد من أنجح الأعمال في السنوات الأخيرة، لأن هذه الأعمال تتميز بسرعة الإيقاع الذي يحبذه عدد كبير من الجمهور، وهي أنسب حالة وطريقة للفكرة التي أريد أن تصل للجمهور، ما سبق يمكن أن نلخصه في عاملين، العامل الأول هو ضمان نجاح هذه الأعمال في الفترة الأخيرة، والسبب الثاني أنها مناسبة لتكنيك هذا النوع من الأعمال، أو إيقاعه ومشاهده القصيرة وجمله الحوارية القصيرة، وهذه الأمور هي أنسب شيء للفكرة التي أريد تقديمها.
ما هي فكرة العمل التي تُريد إيصالها للجمهور؟
أولًا، فكرة إنسانية وراء الحكاية، وهي أن الإنسان يخوض فترة مُعينة من حياته ويأخذ مشوار في طريق حياته، وفجأة نتيجة حدث ما يتعرض له يجعله يتوقف، ويبدأ في تقييم حياته السابقة وحياته القادمة، وحياة من حوله، فيكتشف أشياء عن نفسه لم يكن يعلمها، ثم يكتشف أشياء من حياته لم تكن تمر على تفكيره، من خلال إعادة الذات يُعيد اكتشاف من حوله، ويُعيد اكتشاف العالم من جديد، وبالتالي يُعيد اكتشاف مبادئه ويغير من قناعاته التي تربى عليها، تستطيع أن تقول إن العمل هو إعادة اكتشاف للذات وما حولنا وعالمنا الذي نعيشه، هذه الفكرة قد تبدو فكرة فلسفية بعض الشئ، وقد تبدو فكرة نفسية، ليست فكرة درامية على الإطلاق، وبالتالي أذا فكرنا في تناولها دراميًا فأول شئ سيطرأ في رأس السيناريست الذي سيتولى مناقشة هذه الفكرة، هو مناقشتها من خلال عمل "سايكو" ومن خلال عمل اجتماعي، لكن التحدي الأصعب الذي واجهته، هو مناقشة فكرة بهذا التعقيد وبهذه الفلسفة من خلال عمل "تشويقي أكشن" هنا كانت تكمن الصعوبة الأساسية، وعلى مستوى الدراما فنحن نناقش ونتحدث عن أكبر قضية فساد في مجال الصحة حدثت في مصر، ونعتمد في روايتنا وقصصنا وحواديتنا على قصص حدثت بالفعل، بمعنى عندما تشاهد العمل لن ترى أشياء مصنوعة، بحيث عندما تتابع خط درامي تقول لنفسك نعم هذه الحادثة أو الواقعة حدثت منذ سنة أو أكتر، فهناك تماس مع قصص واقعية حدثت في الواقع.
هل واجه العمل صعوبات إنتاجية وتسويقية وقفت في طريقه، وكيف بدأ الأمر؟
على الإطلاق، العمل كان ميسر للغاية، في البداية عرضت على النجمة حورية فرغلي الموضوع وتحمّست جدًا للأمر، لعدة أسباب منها ان الدور جديد عليها تمامًا بمعنى أنها تميزت من قبل في أدوار الشعبي والصعيدي، هذه المرة تقوم بشخصيتين، السبب التاني ان الدور به "أكشن" كثير، وحورية لم تصنع "أكشن" من قبل في أعمالها، بالإضافة أنه لا يوجد ممثلة مصرية صنعت أكشن كثير، الأمر الثالث وهي الأهم أنها تؤدي شخصيتين في العمل، ليسوا توأم فهناك فرق بينهم 7 سنوات، وهذا كان تحدي على مستوى المظهر ومستوى طريقة الكلام وعلى مستوى الأبعاد النفسية للشخصيتين، فتعددت أوجه التحدي واتجاهاته، فحورية تعشق فكرة التحدي لذلك تحمست للفكرة والموضوع، ومن هنا جاءت فكرة الإنتاج وبعدها المُخرج وتم تيسير الأمر.
ما الفرق بين "الحالة ج" والأعمال التي قدمتها سابقًا؟
التشابه الأول هو أنني لازلت أكرر فكرة العمل التشويقي، أعتقد أنني أجد نفسي في هذه النوعية من الأعمال وفي صناعتها، لأن صناعة السيناريو فيها تُعد اكبر من الأعمال الاجتماعية، لكن المختلف هذه المرة هو أنني أقدم عمل تشويقي شخصياته ليست مُعلقة في الهواء، شخصياته ليست سطحية، ليست فكرة الحدث الدرامي هي من تشدني بقدر حرصي على تقديم حدث درامي من خلال شخصيات لها أبعاد نفسية ولها ماضي ولها تشابك شديد التعقيد بين بعضها البعض، فكرة تقديم عمل لا يعتمد على الحدث في المطلق وإنما يعتمد ايضًا على شخصيات لها بذور ولها أبعاد ولها توليفة بينها وبين بعضها البعض.
هل كان هناك رهبة من دخول العمل سباق الدراما الرمضانية؟
كرمنا الله عز وجل بفريق عمل بداية من النجوم حورية فرغلي وأحمد زاهر للمُخرج حسين شوكت، للعبد لله وبقية الناس، الجميع لديه تصالح شديد مع النفس، هدفنا كان صناعة عمل يحمل مصداقية، ولم يكن هدفنا الأساسي على الإطلاق منافسة من، الهدف كان أن نصل رسالة بمنتهى المصداقية للناس، التاريخ لن يذكر العمل هذا تم عرضه على قناة ايه حصري أم لا، ولن يذكر التاريخ هذا العمل دُفع فيه كم وكُلف كم من الأموال، التاريخ سيذكر جيدًا مستوى العمل الفني، وعلى سبيل المثال ليس الحصر هناك أعمال تألقت في تاريخ الدراما ولم تُعرض في شهر رمضان، مثل مسلسل "ذئاب الجبل" و "الضوء الشارد"، هدفنا كان صناعة عمل به مصداقية وجرأة يُظهر للناس موضوع يهم المصريين وهو صحتهم، أستطيع أن أقول أن قضية الوطن الآن وحربها الجديدة بجوار حربها على الإرهاب حربها على الفساد، وأذكر ذلك في مشهد نهاية الحلقة الأخيرة، أن الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة، لأن أموال الفساد تُغزي الإرهاب وتدعمه.
ماذا عن ردود الفعل التي تلقيتها بعد عرض المسلسل؟
الحقيقة أنني مبهور للغاية بردود الفعل، أحب أن أذكر لك أنه تم سؤالي قبل رمضان أين أنتم وأين تذهبون بالعمل، قلت لهم وقتها نحن لا ننافس أحدا ننافس أنفسنا فقط، ردوا وقالوا هذه ثقة شديدة بالنفس قلت لهم إنني أنافس نفسي لأنني ألعب في منطقة أخرى تمامًا، الحقيقة أن تميزي كان بسبب شيئان الأول أنني أعتمد على صدقي الفني، لا أصنع دراما مُفتعلة، ورهاني أنني أطرق أبواب قضايا مسكوت عنها مجتمعيًا وإعلاميًا ودراميًا، ليس هذا فقط بل أفتح هذه الأبواب وأبحث ماذا وراءها، والحمد لله رهاني كان صحيحًا، وردود الأفعال عن "الحالة ج" كانت أكبر مما أتخيل بكثير، وما ساعد في ذلك الإنتاج ونجاحهم في تسويق العمل على 7 شبكات رئيسية أو أكثر من 19 قناة العمل يُعرض يوميًا خلال الـ24 ساعة 36 مرة بالإعادات، فنسبة المشاهدة مع براءته، ساهمت ردود الفعل العظيمة التي جاءتني والتي كانت أكبر مما أتخيل، أعتقد ان العمل من أهم 5 أعمال مشاهدة في مصر، الحاجة الثانية التي أراهن عليها أن العمل سيكون "نفسه طويل" في الدراما، لم نصنع عمل أول 3 أو 4 حلقات جديدة ومليئة بالأحداث وبعد ذلك ننام ونستيقظ قبل النهاية بحلقتين، نحن صنعنا مسلسل مخذول ويبقي جيدًا على إيقاعه واستمراريته اللذين يبقيان متوازنين حتى النهاية، لذلك هناك أعمال في رمضان نجحت اعتمادًا على أسماء النجوم واعتمادًا على أسماء المحطات واعتمادًا على الدعاية التي صُنعت لها، وبعد ذلك خرجت بره السباق وهذه الأعمال بدون ذكر اسماء أغلبها كوميدية، وظلت وبقيت الأعمال التشويقية التي أعتبرها مضمونة النجاح، وأراهن أن هذه الأعمال سيكون التنافس بينها عبارة عمّن يقول ماذا لديه في جعبته.
هل شاركت في اختيار أبطال المسلسل وفريق العمل؟
تعاملت مع أ/ حسين شوكت بشكل احترافي تمامًا، اختياري الوحيد كان النجمة حورية فرغلي التي أعطيتها الورق لقراءته في البداية، لكن بعد ذلك كان الاختيار أولًا وأخيرًا للُمخرج حسين شوكت، أحب وأفضل العمل بشكل احترافي، أعلم جيدًا أن كل شخص له مهنته وتخصصه، والمُخرج مسئول عن كافة الاختيارات ليس أنا.
ما هي أكثر شخصية تعتقد أنها تركت علامة أو بصمة مع الجمهور في رمضان؟
في عمل اجتماعي يمكن أن أجاوبك على هذا السؤال، ولكن في عمل تشويقي عليه مسابقة جوائزها مليون ونصف، صعب للغاية أن أقول لك، خاصة أن أي إجابة سأقولها سيفهم الناس أن هذا حل المسابقة، لكن أستطيع أن أخبرك وأؤكد لك أن كل الممثلين أجادوا وأدوا أدوارهم بشكل جيد جدًا، هناك من أبهروني بأدائهم، والمسلسل اعتبره مثل "الضفيرة" فهو مُتشابك جدًا من حيث تشابك الأحداث والشخصيات جميعها لها علاقة ببعضها وفي دوامة واحدة.
هل تعتقد أن فرصة العرض الثاني للعمل أقوى من فرصة العرض الأول في رمضان؟
أستطيع أن أقول لك أنني قنوع للغاية، وأرى أن الحالة التي وصل لها حالة مُحترمة جدًا، فوجئنا بأمر أن العمل يُعرض 36 مرة في 24 ساعة يوميًا، هذا الأمر كان أكبر من تخيلنا، الحقيقة الذين اقابلهم يخبروني أنهم يشاهدون "الحالة ج" ومعه كذا، أو يشاهدون كذا ومعه "الحالة ج" دائما "الحالة ج" في نصف الجملة أو في أولها أو آخرها، القضية الأهم أنه في جملة مفيدة مع 4 أو 5 أعمال آخرين يشاهدهم الجمهور، وهذا يرجع لاعتماد العمل على أسماء النجوم المُشاركين فيه، واعتمادًا على كونهم شاهدوا العمل في حلقاته الأولى واهتموا بمتابعته ومشاهدته، وايضًا على كثافة عرضه على القنوات، لكن أعتقد أن العرض الثاني لن يكون أكتر في المشاهدة على قدر اجتذابه شريحة أخرى لم تشاهده في رمضان، الفكرة ايضًا أن العمل لم يقع في فخ انه بنسبة 100% تشويق ولكنه مُقسم وبه خط أكشن وخط رومانسية، فهدفنا لك يكن الاعتماد على شريحة واحدة، وهي شباب النت، الذين يتسببون في نجاح وهبوط أعمال، ولكن الهدف كان ايضًا شريحة ربات وأهل البيوت المصرية.