مع بداية الماراثون الرمضاني كل عام، أحيانًا تتشابه قصص بعض المسسلسلات مع بعضها، ولكن هذا العام أوجه التشابه جاءت بشكل أثار سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فبالنسبة لمسلسل هاني سلامة "قمر هادي" ومسلسل مصطفى شعبان "أبو جبل" ومسلسل غادة عبدالرازق "حدوتة مرة"، جاء تصوير مشهد موت الأبناء وجنازاتهم بنفس الأسلوب لدرجة جعلت البعض يتساءل: هل تم تصوير المسلسلات مع بعضها، وأما بالنسبة لمشهد قتل أو اختفاء الشخص في الحلقة الأولى ثم ظهوره كشبح بعد ذلك، فحدث بلا حرج، فهناك 5 أو 6 أعمال تشابهت مع بعض في هذا الأمر، بعضها جاء ضعيفًا، والآخر تم إخراجه بشكل جيد، فضلًا عن مشاهد الجنازات والمقابر، والتي لم يخلو منها أي عمل، ومنهم مشاهد استمرت لمدة 15 دقيقة.
ولنبدأ بأهم مسلسل هذا العام، وهو مسلسل قابيل وهى التيمة الجاذبة لدى شريحة كبيرة من الجمهور، والذي راهن عليه الكثير، فتبدأ أحداث العمل باختفاء أمينة خليل ونشر صورتها مخطوفة على الفيسبوك، ثم العثور على جثتها بعد فترة قليلة من هذه الصورة، ثم تتوالى سلسلة من جرائم القتل بعد ذلك بنفس الأسلوب، تاركًا القاتل خلفه كلمة "قابيل" على الفيسبوك، ونشرها سريعًا إلى جميع وسائل الإعلام، لا شك أنها فكرة جديدة تم إعدادها بورشة عمل كبيرة تضم 4 من الشباب الجدد كما تم إخراجها بأسلوب تغلب عليه الطابع الغربي منذ تتر البداية والتصوير الجيد واستخدام الإضاءة الخافتة والتي يستخدمها المخرج كريم الشناوي في أول تجاربه الإخراجية في الدراما بعد نجاح فيلم عيار ناري. كل ما سبق كان جيدًا، ومن المبكر الحكم على مثل هذه النوعية من الأعمال والتي تزداد غموضًا وتشويقًا مع مرور الوقت، ولكن هناك بعض الملاحظات يجب أن نتوقف عندها قليلًا، أهمها عدم ظهور بطلة العمل الرئيسية أمينة خليل والتي تثبت أقدامها كل عام في رمضان عن الأخر، فعلى مدار 12 حلقة متتالية لم تظهر سوى بضعة دقائق والمفروض أنها بطلة العمل، وليست ضيفة شرف. ثاني ملاحظة هى تطويل وتكرار بعض المشاهد التي يظهر فيها محمد ممدوح وهو يرى أشباحًا وأشخاص يتحدثون إليه بالإضافة إلى تكرار مشاهد القتل دون أي خيوط واضحة تربطهم ببعض. ثاني عمل والذي يبدو أنه سوف يكون الحصان الرابح هذا العام هو مسلسل زي الشمس والمأخوذ عن فورمات أجنبي وهى التيمة التي أثبتت نجاحها بشكل كبير في السنوات الماضية بداية من مسلسل طريقي لشيرين عبدالوهاب والمأخوذ عن مسلسل كولومبي لمطربة شهيرة، مرورًا بمسلسل جراند أوتيل وحلاوة الدنيا وليالي اوجيني والذي أجمع عليهم النقاد والجمهور، ويبدو أنه سوف يحقق نجاحًا مماثلًا، فالمسلسل يعد البطولة الثانية لـدينا الشربيني بعد مسلسل مليكة العام الماضي، ولكن في هذه المرة، أثبتت تفوقًا ملحوظًا لا يقل عن تفوقها في مسلسل "جراند أوتيل"، ولكنها أبدعت في عدة مشاهد استخدمت فيها كل امكانياتها من مشاعر وانفعالات وتعبير وعلى رأسهم المشهد الذي صار حديث مواقع التواصل الإجتماعي، وهو اكتشافها لخيانة شقيقتها وخطيبها سويًا، وكذلك مشهد عثورها على جثة شقيقتها وتعرضها للإنهيار الشديد، وبالنسبة لـريهام عبد الغفور، فتعد من أكثر الفنانات المجتهدات وأشدهم ذكاء في جيلها، فكل عام يقع اختيارها على شخصية صعبة مركبة بعيدة كل البعد عن شخصيتها وملامحها البريئة الهادئة مثل دور الراقصة في مسلسل حارة اليهود، والمضطربة نفسيًا في مسلسل الرحلة العام الماضي وهى شقيقة دينا الشربيني في "زي الشمس" والتي اختفت أيضًا في الحلقة الأولى، وتم العثور على جثتها بعد عدة أيام، وبدأت شقيقتها دينا الشربيني رحلة البحث عن القاتل. يتميز العمل بايقاع سريع منظبط بمزج رائع بين الماضي والحاضر تم توظيفه بشكل جيد، فضلًا عن الموسيقي التصويرية البديعة والتي تعتبر جزء لا يتجزأ من صناعة العمل. وكذلك مسلسل لآخر نفس للنجمة ياسمين عبدالعزيز والتي قررت تغيير جلدها هذا العام والابتعاد عن الكوميديا من خلال مسلسها "لآخر نفس" وهو تجربة جديدة لا بأس بها، والتي بدأت أحداثه أيضًا باختفاء فتحي عبدالوهاب زوج ياسمين عبدالعزيز، ثم العثور على جثته وظهوره لها بعد ذلك في عدة مواقف، والتي تكتشف بعد وفاته علاقته بالجماعات الإرهابية وفصله من وزارة الداخلية، وتواجه عدة مصاعب من جانب الجماعة من ناحية، وجهات أمنية من جهة أخرى، وهو أيضًا يتمتع بإيقاع سريع للمخرج حسام علي، والذي شهدت أعماله نجاحًا ملحوظًا في السنوات الماضية ومنهم مسلسل 30 يوم والرحلة. وعلى الجانب الآخر، هناك أعمال أخرى جاءت أكثر تقليدية وتكرارًا وتسير على نهج قديم لم يتم فيها بذل أي مجهود فكري أو إبداعي تشعرك عند مشاهدتها بأنك تشاهد فيلم من أفلام السبعينات، وعلى رأسهم مسلسل "حدوتة مرة" للفنانة غادة عبدالرازق والتي لم تقدم أي جديد في دورها، والذي يعود لحواديت قديمة قتلت بحثًا، وهى الأم التي تعاني من الفقر وتضطر لبيع أولادها وقتل زوجها ثم تتصاعد بها الأحداث، وتواجه صدف تبعد كل البعد عن المنطق إلى أن تصبح سيدة أعمال ثرية على خطى أفلام نادية الجندي. وكذلك مسلسل حكايتي للفنانة ياسمين صبري والتي لا تجيد اختيار أعمالها وتعتمد على جمالها بشكل أكبر من أداءها، فالمسلسل يعود للحدوتة التقليدية وصراع الأشقاء على المال والسلطة، والتي تصل إلى حد قتلهم لبعض، وتدور أحداث المسلسل حول "دليلة" التي تعاني معاناة شديدة مع أهلها خاصة بعد وفاة والدتها لتواجه شر غير مبرر، سواء من أهل والدها أو أقاربها وتضطر للهرب وتواجه شرًا أكبر من كل ممن تقابلهم سواء لصوص أو بلطجية حتى عندما تعثر على عمل مناسب في محل خياطة تواجه ظلم وسوء معاملة من صاحبة الأتيليه والتي تجبرها على أداء الأعمال المنزلية على خطى فيلم نحن لا نزرع الشوك. وكذلك مسلسل ولد الغلابة للنجم أحمد السقا والذي لا يختلف في أي شيء عن مسلسلات الصعايدة في السنوات الماضية والتي لا تظهر سواء الجوانب السلبية للصعيد وتعاملاتهم بالعنف والقتل والذي تدور أحداثه حول مدرس يعاني الفقر ويقع في فخ الصراع الأزلي بين ضميره كمعلم، وضغوطه المادية التي تدفعه للإتجار بالمخدرات، ربما ما يميز هذا العمل بعض الشيء بأنه أفضلهم من حيث الأداء، فبالنسبة للنجم محمد ممدوح، فالشخصية مناسبة له وكلامه ومخارج ألفاظه جاءت أكثر وضوحًا عن مسلسله "قابيل" والذي واجه انتقادات من قبل الجمهور بسبب عدم وضوح كلامه، وكذلك النجمة إنجي المقدم والتي نجحت في اختيار شخصية بعيدة كل البعد عن شخصية صوفيا الإيطالية العام الماضي، والتي نالت إعجاب جميع النقاد وعلى الرغم من أن ملامحها لا تشبه الصعايدة إلا أنها أجادت الدور واللهجة بشكل جيد، وأما أحمد السقا فجاء أداؤه متوسط المستوى في بعض المشاهد وجيد في مشاهد أخرى ولكن بشكل عام أقل تميزًا من دوره كصعيدي في فيلم الجزيرة 1 و2.