عندما تسمع اسم قابيل، تتذكر الحدوتة القديمة لقابيل وهابيل، كأول جريمة قتل حدثت في تاريخ البشرية، ومن ثم ارتبط هذا الاسم بجرائم قتل لأشخاص مقربين، ولم يكن هذا بعيدًا عن مقدمة أحداث مسلسل قابيل، والذي ينتمي إلى أعمال الغموض والاثارة، والذي كان واضحًا منذ تيمة أولى حلقاته، والذي بدأت برسالة صوتية يرويها محمد ممدوح بأن التنكنولوجيا بقدر ما تواجدت لكي تسهل حياتنا، على الجانب الأخر من الممكن أن تكون وسيلة لتدمير البشرية، وبالفعل يتضح أن قابيل هو مصطلح فلسفي يتركه على الانترنت قاتل متسلل يقوم بسلسلة جرائم قتل متواصلة لأشخاص لا يربط بينهم شيء، و يترك في آخرها رسالة نصية تنتشر بسرعة البرق على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تلحق هذه التهم بالظابط محمد ممدوح، والذي يعاني من هلاوس، ويتحدث إلى أشخاص غير ذات وجود نظرًا لوجود آثار بصماته مع إحدى الضحايا الذي كان إحدى أعداؤه، فيضطر للهرب لمحاولة إثبات براءته. العمل منذ الوهلة الاولي يعتبر قماشة درامية جيدة تمتلك جميع مقومات النجاح، بداية من القصة المليئة بالغموض والألغاز، وهى التيمة المفضلة لشريحة كبيرة من الجمهور وتم طرحها في مسلسلات وأفلام أجنبية كثيرة من قبل، وكانت واضحة في جميع تفاصيل العمل حتى في الموسيقى والتتر بالاضافة إلى مجموعة العمل، وعلى رأسهم محمد ممدوح، والمعروف بامكانياته التمثيلية الكبيرة والتي كانت واضحة في الحلقات الأولى من المسلسل، وكذلك أمينة خليل ومحمد فراج واللذان يعتبران من أقوى نجوم جيلهم. ولكن للأسف المسلسل بدأ يفقد جاذبيته بعد مرور اﻷسبوع الأول لعدة أسباب، أولها أن المسلسل من المفروض أنه بطولة جماعية تجمع محمد ممدوح وفراج وأمينة خليل معًا، ومع مرور أكثر من 10 حلقات، لم يظهر محمد فراج أو أمينة خليل سوى بضعة دقائق. ثانيًا بدأ العمل يعاني من الملل والبطء الشديد في سير الأحداث، فأصبحت كل حلقة ليست سوى عدة مشاهد متكررة سواء لجرائم قتل غير مبررة، دون الإشارة إلى أي رابط بينهم أو مشاهد للأشباح أو الهلاوس التي تداهم محمد ممدوح، خاصة في حديثه مع زوجته الذي تكرر عدة مرات دون داعي.
تصاعدت الاحداث بعض الشيء بظهور أمينة خليل ومحمد فراج كأبطال مشاركين في النصف الثاني من المسلسل، وبدأت الخطوط تتضح بمشاهد الفلاش باك لحياة كل منهما، والذي يتضح أنهما من ارتكبا كل هذه الجرائم وأنهم على قيد الحياة، ولكن هل من المنطقي أن ينكشف لغز قابيل في منتصف الحلقات أم أن هناك مفاجأة عن شخصية قابيل في نهاية الحلقات؟ وعلى الرغم من أن سرد الأحداث بدأ يتسارع، إلا أن المسلسل لا يزال يعاني من التطويل، فالمشاهد عبارة عن رسائل تتلخص في حوارات طويلة مع لحظات صمت لاسترجاع الفلاش باك استخدمها المخرج كريم الشناوي من أجل توصيل حالة معينة أو لون جديد للدراما، ساعد على ذلك الإضاءة القاتمة التي استخدمها المخرج لإضفاء حالة الاضطراب النفسي والغموض للعمل، بالإضافة إلى اختيار أماكن التصوير التي تتناسب مع مناخ العمل. ولكن يبقي سؤال، هل موضوع المسلسل لم يكن بحاجة إلى تصوير 30 حلقة كاملة، بل كان يناسب أن يكون فيلمًا أو مسلسل قصير، مثل الحلقات الأجنبية، أم أن المخرج لم يستطع توظيف الحلقات بالشكل المناسب؟ بالإضافة إلى أن الطابع الأجنبي سيطر على جميع مفاصل العمل في الحلقات الأخيرة وأصبحت مواجهة مباشرة أو لعبة قط وفأر بين أبطال العمل الثلاثة، وكان ذلك على حساب فكرة المسلسل الرئيسية، وهى خطورة التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما أكدته الحلقة الأخيرة والتي لم تضف أي أسرار جديدة عن قابيل، ولم تلعب على الجوانب النفسية التي عاني منها بطل العمل محمد ممدوح، بالإضافة إلى مشهد النهاية، والذي جاء تقليديًا مثل أي فيلم أجنبي ينتهي بمعركة مباشرة بين أبطال العمل ويكون البقاء فيها للأقوى، وأما بالنسبة لأداء النجوم، فجاء أفضلهم هو الفنان محمد فراج، والذي يلمع ويثبت حضورًا قويًا في مثل هذه الأدوار، خاصة بعد أداؤه الساطع في مسلسل تحت السيطرة ويليه الفنان علي الطيب في ثاني تجاربه الحقيقية بعد أداءه شخصية وديع البساطي في مسلسل أهو ده اللي صار وأما بالنسبة لأمينة خليل ومحمد ممدوح، فلا يستطيع أحد المزايدة على أداءهم، ولكن المخرج لم يستفيد من امكانياتهم بالقدر الكافي.