الصراع بين الطبقات المختلفة صراع أبدي، وتم طرحه في أعمال كثيرة ولكن ليس بشكل مباشر، ففي الماضي لم تكن هناك فجوة كبيرة بين طبقات المجتمع، بل كانت مقسمة إلى طبقة فقيرة وأخرى متوسطة ثم طبقة الأغنياء، ولكن في الوقت الحالي بدأ ظهور شرائح جديدة في المجتمع ومنها الطبقات العشوائية التي يعيش سكانها تحت خط الفقر وفي مقابلها الطبقة الأكثر ثراء أو ما يطلق عليها الـ7 نجوم أو الـ Super rich وهى شريحة لا تتضمن الكثير من السكان، ولكنها موجودة ولا يمكن تجاهلها والتي تم طرحها في فيلم رأس السنة. هذه الطبقة تعتبر عالمًا منفردًا بتفاصيل خاصة ونمط حياة وسلوكيات معينة، والتي تبدأ بمعدلات الانفاق اليومي والتي تتمثل في ابن إنجي المقدم والذي يرتدي حذاء يقدر بأكثر من 3 الآف جنيه مرورا بأسعار الحفلات التي تبدأ بـ20 ألف جنيه وتنتهي بالدولارات إلى حد الانتقال من مكان لأخر بطائرات خاصة وأشياء كثيرة ربما لا نراها بشكل مباشر، ولهذا اختار محمد حفظي منتجع الجونة حتى يبدو المجتمع أكثر خصوصية وساعد على ذلك المخرج محمد صقر والذي يرمز لهذه الطبقة في بعض المشاهد أنها مغلفة داخل زجاجة أو أنبوبة صغيرة. أحداث الفيلم تدور في يوم واحد، وهى ليلة رأس السنة، وأفلام اليوم الواحد غالبًا لا تتضمن بداية ووسط ونهاية معينة، بل تطرح أنماطًا وشخصيات معينة في مكان ما تتشابك سويًا إلى أن تصل ذروتها مع الجزء الأخير من الفيلم وهذه النوعية تم معالجتها في أفلام كثيرة، ولكن كانت موجهة أكثر إلى الفئة الكادحة، وكان أخرها فيلم يوم وليلة لـخالد النبوي ومن ثم يحسب لصناع العمل تسليط الضوء على هذه النوعية من الناس بشكل أكثر عمقًا، وهذا ما نجح فيه المخرج محمد صقر في أولى تجاربه الإخراجية، فهو لم يترك تفصيلة لم يتحدث عنها سواء في اختيار الشخصيات أو الملابس أو أماكن التصوير، وأهم ما يحسب له هو أسلوب معالجته لجميع أنواع السلبيات والانحرافات سواء في المخدرات، والتي أصبحت سمة من سمات هذا المكان، وتحديدًا في الحفلات والمناسبات الخاصة، والذي يلجأ فيه إياد نصار وهو ديلر ومروج مخدرات لسيارة إسعاف ورثها من والده لتساعده في الترويج لجميع سكان القرية دون تفتيش أو للطقوس الذي يمارسها شباب وبنات هذه الطبقة في الحفلات الخاصة سواء في الملابس أو شرب الخمور أو العلاقات غير الشرعية، والذي استطاع المخرج إبرازها دون الحاجة إلى مشاهدة أي ابتذال أو مشاهد خارجة، بل كانت الكلمة أو الإيحاء أو موقف معين كافي لتوصيل الرسالة خاصة في الجزء الأخير من الفيلم، والمفروض أنه الحدث الأهم حيث تعد شيرين رضا، وهى سيدة ثرية، مفاجأة لصديقتها فتأتيهم بشاب وسيم متخصص في التدليك وسط تلميحات أن مهمته لن تكون مقتصرة على كونه مدرب مساج فقط، بينما يرفض الشاب هذا التلميح، ويؤكد أنه متخصص تدليك فقط. وعلى الجانب الأخر لم يقصد صناع العمل الإساءة لفئة الأغنياء بشكل عام، بل نري نموذجًا صالحًا لزوج الفنانة جيهان خليل، والذي أصر على تبرئة الخادم بعد اتهام زوجته له بالسرقة وكذلك إصراره على اعتذار زوجته عن إساءتها له. وبالنسبة لمشهد النهاية فكانت رسالة واضحة، والذي نجد فيه صراعًا مباشرًا بين الحلال والحرام متمثلة في عامل بسيط يعمل في المنتجع ويصبح مسئولًا عن ابنه بمفرده بعد وفاة زوجته ويحاول مقاومة رغبته في السرقة من أجل شراء حذاء جديد له لنفاجأ في النهاية بسرقته لحذاء ابن إنجي المقدم من الجامع والذي جاء واسعًا على مقاس قدمه، مما يعكس زيادة التفاوت بين الطبقتين وأنه من المحال أن يسيروا في مقاس واحد. وعلى الرغم من جودة الفيلم وأنه واحد من أفضل أفلام الموسم، إلا أنه عانى من بعض السلبيات، كان أهمها ضعف الحبكة الدرامية والتشابك بين شخصيات الفيلم والصراع الذي من المفترض أن يشتد بينهم ويتصاعد في الجزء الأخير، وتحديدًا مشهد أحمد مالك وشجاره مع شقيقته بسمة، ومدرب المساج في منزل شيرين رضا والمفروض أنه الحدث الأهم في العمل فلم يتم توظيفه بشكل جيد، مما يشعرك أن هناك حلقة مفقودة في الأمر، ولكن ربما يرجع هذا إلى التعديلات التي قام بها صناع العمل بسبب اعتراضات الرقابة والتي استمرت على مدار عام كامل والتي أضرت بايقاع العمل بعض الشيء. وبالنسبة لأداء النجوم، فكان النصيب الأكبر لإياد نصار، وهو الشخصية المحورية في الفيلم والذي لعب دور الوسيط أو جسر التواصل بين العالمين وكان ذلك واضحًا في بداية الفيلم والذي لخص معناه في جملة واحدة بأن الصراع الأبدي بين الطبقة الفقيرة والطبقة الثرية يحتاج إلى وجود الطبقة المتوسطة بالإضافة إلى بعض الحوارات التي دارت بينه وبين أحمد مالك والذي كان الضلع الثاني في الفيلم والذي أجاد دوره على أكمل وجه، بينما أفلتت منه بعض المشاهد بسبب أسلوبه في الحديث ومخارج ألفاظه غير المفهومة أحيانًا، وبالنسبة للعنصر النسائي فكل شخصية أجادت دورها في حدود المساحة المتروكة لها في العمل.