استنادًا إلى سلسلة روايات من تأليف الروائي الأمريكي البريطاني باتريك نيس، يقدم صانع الأفلام دوج ليمان فيلم Chaos Walking وهو سلسلة خيال علمي للشباب، تم كتابته في عالم بائس، حيث يمكن لجميع الكائنات الحية، سماع أفكار بعضها البعض، في سلسلة من الصور والكلمات، والأصوات تسمى الضوضاء.
تدور قصة الفيلم، في المستقبل البعيد في عام 2257، يبدو أن الأرض أصبحت غير صالحة للسكنى، وبدأ الناس في استعمار عوالم جديدة، في واحد من هذا "العالم الجديد"، لا توجد فيه نساء، والذي يحكمه رئيس البلدية ديفيد برنتيس (مادس ميكلسن)، حيث تقول القصة أنهم قُتلوا على يد كائنات تُدعى سباكل في حرب مع المستعمرين القدامى، كل شيء يعتقدون أنه يمكن للآخرين سماعه وحتى رؤيته، أي أن أفكار الجميع تنبض فوق رؤوسهم تطفو في الهواء مثل مزيج من الهالة أو الفقاعة، وهنا ينشأ الشاب تود هيويت (توم هولاند)، الذي قُتلت والدته على يد تلك الكائنات، تبدأ الأمور في التصاعد عندما تتحطم مركبة فضائية بالقرب من منزل تود، ويجد أن الناجية الوحيدة هي امرأة شابة تدعى فيولا (ديزي ريدلي). تتعرض حياة فيولا للتهديد - وبينما يعد تود بحمايتها، سيتعين عليه اكتشاف قوته الداخلية وكشف الأسرار المظلمة للكوكب.
ومن هنا نجد أن "Chaos Walking"، يلعب بطريقة عامة إلى حد ما، ومليء بالشخصيات التقليدية، ومع محاولات المخرج دوج ليمان، لتحقيق رؤية فريدة لقصة الفيلم، إلا أنه أصبح من الواضح بشكل متزايد، أن المقدمة المثيرة للاهتمام لها تنفيذ ضعيف للغاية، فقد قام ليمان وفريقه من المؤثرات البصرية، بعمل تصور (صوتي وبصري) مثير للإعجاب للأفكار الفردية، وملون في مزيج لا يبعد كثيرا عن ألوان أفلام مثل "أفاتار"، من اللون الأزرق والأرجواني، وفيلم Annihilation عام 2018، وبالرغم من أن دوج ليمان أبدع في ابتكار ملحمة أكشن من خلال فيلمه Edge of Tomorrow ، ومعطي حياة جديدة لنوع الخيال العلمي، ولكن هنا يبدو ضائعًا في مجموعة من المؤثرات البصرية الرخيصة، والتمثيل المتواضع.
وليس هذا فقط بل أن الكثير من التفاصيل مفقودة، مدى خداع العمدة، وطموحاته الأكبر بصرف النظر عن كونه مصابًا بجنون العظمة، وأي شيء يتعلق بالسكان الأصليين المعروفون باسم سباكل، يتم تجاوز الكثير من المشاهد عنهم دون معالجة، الشخصيات تعاني بقدر ما تعانيه القصة من خلل، خذ مثلا شخصية آرون (ديفيد أويلو)، الذي يُشير إليه الجميع بالواعظ، إنه حضور شرير بشكل غامض، رجل عنيف ومعذب دمرته ضوضاءه، إلا أنه غير مفهوم السبب وراء ذلك، أيضا دور هيلدي وأهالي المستعمرة الثانية، ليسوا أفضل حالًا، تشعر أن لديهم قصة كاملة تستحق أن تروى، ولكن مثل العديد من الأشياء الأخرى يتم تجاهلها ونسيانها أكثر أو أقل.
فالإعداد المستقبلي مألوف إلى حد ما، لكن تصميم الإنتاج وتنفيذه، يحدد بالتأكيد جو الفيلم إذا كان جذابا أو غير، وهنا نرى ان أقصى شيء يمكن وصفه أن هناك مسارات مثيرة للاهتمام تخلق إحساسًا بالدهشة في هذا العالم الجديد، ولكن للأسف ستجد في كل مشهد عيبا كبيرا لا يمكن تجاهله،
يضم فريق العمل الكثير من الممثلين الرائعين، واثنين من أهم المواهب في هوليوود، توم هولاند وديزي ريدلي ولكن يقوم كاتب السيناريو بعمل ضعيف للغاية في تقديم الشخصيات، فيبدو تود بشكل خاص بعيدًا قليلاً عن الشعور بأنه مراهق، وتحاول ريدلي القيام بعمل جيد لإعطاء فيولا بعض الشخصية، ويضيع مادس ميكلسون في شخصية ذات بعد واحد، على الرغم من أنه يبذل قصارى جهده كممثل موهوب لإضافة التعقيد والفوارق الدقيقة، لكنه يقوضه بسبب السيناريو الكسول، ويظهر ديفيد أويلو وسينثيا إيريفو أيضًا في الأدوار المساعدة، ويتم تقديم حوار لا ينصف مواهبهم كممثلين.
ومن المشكلات أيضًا التي طالت الفيلم، التردد في تحديد حدود العالم الجديد، وقدرات السفر عبر الفضاء، والكثير من التفاصيل التكنولوجية الأخرى، وهو ما جاء عكس المتوقع حيث عادةً ما يؤدي الكشف البطيء عن المعلومات إلى نوع من عدم الفهم، ثم الملل والسأمة، وبالتالي يميل الفيلم إلى أن يكون مزعجًا أكثر من سلاسته، وبالكاد تحاول التعمق في المتابعة، وترى بالفعل مشكلات صارخة مع الفيلم، مثل عدم التركيز على هذه "المخلوقات سباكل"، وكيف تتلاءم مع القصة الأكبر، وأيضا عدم وجود توصيف صحيح هو أحد القضايا الرئيسية للفيلم، فمثلا تثير شخصية فيولا عشرات الأسئلة التي تظل بلا إجابة حول نفسها، وماضيها، وقدراتها، وأصولها، فنقاط الحبكة الحاسمة وعناصر القصة إما تفقد تفسيرًا أو تُنسى تمامًا بنهاية فيلم تم تحريره بشكل مروع.
كان من الممكن أن يكون "Chaos Walking"، تجربة أكثر بهجة وإثارة للعاطفة، ومثال أفضل بكثير على خيال الخيال العلمي الذي يدمج الأسلوب والمضمون، بشكل أكثر فعالية، مع المزيد من الذكاء والكوميديا والدفء والتشويق، ولكن الفيلم افتقر إلى هذه العناصر بشدة في عمل مدته قاربت الساعتنان، فلا يعد إلا مثيرًا للانزعاج بشكل مؤلم، ويمكن نسيانه بكل سهولة، ومفتعل مثل العديد من الأفلام المخيبة للآمال التي أنتجت خلال الفترة القصيرة الماضية.