كلنا نعرف أنه لا يوجد مثيل ﻷلفريد هيتشكوك ولا ﻷفلامه، فهو أحد أكثر صانعي الأفلام تميزًا في كل العصور، وحتى مع وجود أعمال مليئة بالشخصيات المعقدة التي قدمها سابقًا سيد التشويق والإثارة، تفشل دائما المقارنة، ومن الواضح أن فيلم The Woman in the Window، أراد صناعه أن يكون بمثابة ارتداد لأفلام ألفريد هيتشكوك المثيرة، وخاصة فيلمه (Rear Window) عام 1954، من بطولة جيمس ستيوارت.
فبقيادة مخرج الجوائز (جو رايت)، وبطولة طاقم عمل مرصع بالنجوم في المقدمة إيمي آدمز، وجاري أولدمان، وجوليان مور، أنتوني ماكي، وبريان تيري هنري، واستنادا إلى الرواية الأكثر مبيعا، والتي تحمل نفس الاسم The Woman in the Window، للكاتب الفنلندي إيه. جيه. فين.
تتبع القصة الدكتورة آنا فوكس (إيمي آدمز)، دكتورة نفسية تعاني من الخوف من الأماكن المكشوفة والخوف من الخروج من المنزل، بعد انفصالها عن زوجها وابنتها، تقضي أيامها في المنزل في شرب الخمر ومشاهدة الأفلام القديمة، ومراقبة الجيران من خلال نافذة حجرتها، وفي إحدى الليالي، شاهدت جريمة قتل عبر نافذة عائلة راسل (جاري أولدمان) المستوطنة حديثًا بنفس الشارع، فتنقلب حياتها رأسا على عقب.
من هنا نلاحظ تأثير هيتشكوك على الخط الدرامي الأول من الفيلم، ولا يُقصد من فيلم The Woman in the Window أن يكون إعادة إنتاج مباشرة للنافذة الخلفية أو أي صورة أخرى لهيتشكوك.، ولكن من الممكن أن نقول أن الفيلم يأخذ عددًا كبيرًا من الإلهام من مفاصل هيتش المختلفة، وذلك حيث يحرك (رايت) الكاميرا في جميع أنحاء المنزل بطرق إبداعية ومبتكرة، والتي تذكرنا كثيرا بأفلام هيتشكوك.
ومع محاولة The Woman in the Window، في أن يصبح فيلم إثارة نفسي، قد نجد هناك لحظات اتجاه مستوحاة من "Panic Room" لديفيد فينشر، ووصفًا مثاليًا من أفلام مثل "Secret Window" و"The Girl on the Train"، حيث تحاول باستمرار كمشاهد معرفة كيف تسير الأمور، ومن المجنون: الشخصية الرئيسية أم باقي الشخصيات أم أنت نفسك!! وهنا نجد جو رايت يشير بانتظام إلى الدراما الكلاسيكية التي تتميز بشعور سائد من الكآبة وخيبة الأمل، والبارانويا وغالبا ما تكن شخصياته نموذيجية بشكل كبير، وهو ما جعل رسالته واضحة حيث يظهر الخوف وكأنه يمكن أن يخلق عالما مريعا ومقيدا، واعتقد أنه كان من الممكن استخدام هذا لبناء التوتر حقًا، لكن هنا يستنزف الفيلم أي تشويق ويترك الجمهور يشاهد ساعاتهم تحسباً للكشف الحتمي عما كان حقيقيًا وما لم يكن كذلك.
يستغرق الفيلم أيضا بعض الوقت حتى يبدأ؛ ولكن بعد الفصل الأول، يصبح الأمر أكثر إثارة للاهتمام، ويقدم تطورًا آخر، ومشاهد يظهر فيها الحوار مكتوبًا بعناية فائقة، ولكن لا يلبث أن يعاني من مشاكل تمنع الفيلم من أن يكون فيلم لا يُنسى بشكل خاص، فاستبعاد القصة ﻷي تطور في الشخصية لبناء التقلبات النفسية التي لا تهبط أبدا، ولا التركيز على ما قد يجعله مثيرا حيث تميل أفلام الإثارة الغامضة للتشكيك في كل دليل، وإعادة النظر في الحقائق التي نعرفها بالفعل، وهو ما فشل فيه The Woman in the Windo، ﻹغراق المشاهد في هذا الجو، فلم يعطي الفيلم تفسيرا مبسطا لاستكشاف مدى تأثير ذلك على بطلة الفيلم، واكتفى بإخبار الجمهور بمعاناة آنا من رهاب الخلاء، وأنها تمر بفوضى عاطفية لامرأة تشرب طوال الليل.
ولم يقضي أيضا الفيلم وقتًا كافيًا في تطوير العلاقة بين جين وآنا قبل أن تموت، وكأن كل شيء يتطور في البداية يتلاشى قريبا بما فيه الكفاية، ويظل السيناريو يركز فقط على الشكوك التقدمية حول سلامة آنا العقلية، مما يجعل القصة ضعيفة خاصة لانها تستند على عناصر سردية شوهدت بالفعل وبكثرة، وتظهر المشكلة الرئيسية هنا حيث غياب الإيقاع مما يجعل عنصر الإثارة يفقد وزنه. وخاصة مع ذكر جزء بسيط عن أسرتها المتوفية، وما كان سببا في خوفها الدائم من الخروج، وما آلت إليه حالتها النفسية، كل هذا حدث في مشهد لا يتعدى الدقائق.
ومع كل هذا فإن الأداء التمثيلي، والتصوير السينمائي ممتازان؛ ويستفيد (رايت) بشكل جيد من الزوايا الهولندية لإنشاء فيلم إثارة مفيد، مع مدير التصوير الفوتوغرافي برونو ديلبونيل، مبدع Darkest Hour، حيث يحاكيان بشكل إبداعي إضاءة الألوان للفيلم المظلم أو السينما المظلمة، وبشكل عام من خلال لقطات فعالة، ووضع الكاميرا على كرسي هزاز إذا لزم الأمر.
أما بالنسبة إيمي آدمز، فاعتقد أنها قدمت أداًء رائعا، ويبدو طبيعيا وخاما بشكل كبير، واعتقد أنها تستحق جائزة الأوسكار، بعد أن أثبتت نفسها كقوة لا يستهان بها في أخر أعمالها الفنية.
ومع ظهور جاري أولدمان، وجوليان مور اللذين لم تظهر موهبتهما بالكامل في هذ الفيلم، حيث كان ظهورهما قصير جدا، لا يمكن الخوض في الكثير من التفاصيل حول بعض جوانب شخصيتهما. ظهر أيضا أنتوني ماكي ووايت راسل، وهما ممثلان شاركا مؤخرًا في مسلسل The Falcon & Winter Soldier، حيث أظهر راسل على وجه الخصوص المزيد من قدرته الهائلة في التمثيل.
في النهاية: الفيلم The Woman in the Window يقترض كثيرا من أفلام هيتشكوك، وأسلوبه العام، لكنه لا يقترب أبدا من النقاط الجوهرية السحرية ﻷي من أعماله، واعتقد أنه لو كان من إخراج براين دي بالما، خليفة هيتشكوك، لكان من المؤكد سيتم توظيفه بشكل أكثر إبداعًا في الحبكة ولكان أكثر دقة.