غالبًا ما يكون اسم العمل دلالة على معناه وأحيانًا تتمحور جميع أحداث العمل من اسمه وهو ما حدث في مسلسل "لعبة نيوتن" والذي كان من المفنرض أن يكون اسمه "تقاطع طرق" وهو لا يمانع لأن جميع أحداثه مبنية على تقاطع مشاعر أو طريقين تحاول البطلة الاختيار بينهما، ولكني أرى أن لعبة نيوتن هو الأنسب لأن العالم إسحاق نيوتن هو عالم فيزيائي ومكتشف قانون الحركة وقانون الجذب العام والذي اكتشفه بعد سقوط تفاحة على رأسه ومن ثم فأن أي تصرف بسيط من الممكن أن يُغير مصير حياة صاحبه وأن لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه وكان ذلك واضحًا منذ تتر العمل بأنك عندما ترفع إحدى الكرات في النهاية وتحررها فانها تضرب الكرات الثابتة والتي تدفع بأخر كرة إلى الأعلى ومع تكرار الحركة فإنك تسير عكس الاتجاه وهو ما حدث مع الفنانة منى زكي وباتخاذها قرار ببقاءها بمفردها في أمريكا من أجل الحصول على الجنسية الأمريكية ساعية لحصول ابنها على مستقبل أفضل ولكن هذا كان قرارًا خاطئًا لأنها شخصية ضعيفة مهزوزة تشعر بالخوف دائمًا تجهل التصرف والاعتماد على نفسها في أي شيء.
ومع مرور النصف الأول من أحداث العمل فجر المسلسل عدة قضايا والأحداث كانت تسير في هدف محدد وهو الحلم الأمريكي والتي تحملت البطلة منى زكي كل قراراتها الخاطئة ومتاعب فوق الاحتمال حرص المخرج تامر محسن من خلالها على إبراز الفرق الواضح والاختلاف بين الحضارات وقوانين البلاد كما حرص على كشف مساوئ الهجرة وقسوة الحياة في الخارج وانها ليس كما يتصورها الجميع سواء في تكلفة المعيشة والتي عانت منها صديقة منى زكي المقيمة في أمريكا والتي رفضت استضافتها فترة حملها وبالأضافة إلى عالم المافيا والمخدرات والدعارة كل هذه الأحداث كانت مصحوبة بسوء تصرف منى زكي طوال الوقت حتى بلغ ذروته في مشهد الولادة المبكرة ووضع ابنها في الحضانة لضعف نموه والذي أصابها بالهلع والانفعال الشديد وجعلها تردد كلام لا تفهم معناه حتى أمسكت بمشرط وهددت بقتل نفسها أن لم ترى ابنها مما جعل إدارة المستشفي تظن أنها مريضة عقليًا وليست أمينة على مولودها والذي أصبح مواطنًا أمريكيًا، كما ألقى المسلسل الضوء على قضايا أخرى منها الطلاق الشفهي وانقضاء العدة بعد الولادة والاغتصاب الزوجي.
ولكن بعد مرور نصف الحلقات بدأت الأحداث تأخذ منحنى جديد لأصابت المشاهد ببعض التشتت واللا منطقية في كل شيء فالعلاقات بدت غير مفهومة بداية بالعلاقة بين محمد ممدوح وعائشة بن أحمد وسفره معها كرد فعل عقب علمه بزواج زوجته ونسب أبنه لأب أخر علمًا بانها مقيمة مع شريكه سيد رجب وأن هناك علامة استفهام حول طبيعة علاقتهم مرورًا بشقيقة منى زكي الفنانة مايان السيد والتي تترك منزل والدتها وتقيم في نفس المكان مع محمد ممدوح والذي أصبح لا يمت لها بصلة وإنجذابها لبعض أصدقاء السوء بسرعة غريبة وبدون مبرر بالاضافة إلى استدعاء منى زكي لصديقها "بيج زي" واقامته معها في منزل واحد بعد هروبها من منزل محمد فراج كما لو كانوا في الولايات المتحدة وهي لم تحسم أمرها بشأن زواجها من محمد فراج حتى بدون مستندات قانونية. إلى أن تبدأ الخيوط تترابط بعض الشيء في الحلقات الأخيرة ليتضح أن كل ما سبق ليس أكثر من ردود أفعال من أصحابها لمواقف معينة وجذور تربية قديمة فالحب المرضي الذي عاني منه محمد فراج لمنى زكي ورفضها له بعد كل ما فعله من أجلها كان هو الأخر رد فعل بسبب عقدته بحرمانه من والدته والذي وجدها في منى زكي والذي أصر والده على عدم رؤيتها طوال حياته لأنها تعمل راقصة باليه وقام بتربيته بشكل متزمت وكذلك تصرفات منى زكي على مدار الأحداث والذي يتضح بأن أسلوب والدتها في التربية و معاملة زوجها لها كشخصية إتكالية تجهل الاعتماد على نفسها كان الدافع وراء كل تصرفتها لمحاولتها إثبات أنها محقة وتستطيع الاستقلال بذاتها، بالأضافة إلى شقيقة محمد فراج والتي قررت أن تثور وتتمرد على تربيتها المنغلقة وإجبار أسرتها لها على إرتداء النقاب تاركة لشقيقها رسالة عبر الواتس بانها قررت أن تشق طريقها بشكل مختلف وتحاول تحقيق هدفها بالسفر إلى اليابان. وأما عن نهاية المسلسل والتي حاول فيها المخرج تامر محسن ربط الخيوط بقدر المستطاع فبالنسبة لمنى زكي فبدأت تستعيد توازنها من خلال عدة مواقف بما في ذلك مقابلتها لشقيقتها في منزل صديقها مما أصابها بصدمة ثم القبض عليها بتهمة الاتجار بالأفيون حتى علمها بخطف محمد فراج لأبنها والهرب به إلى الولايات المتحدة مما جعلها تستعيد كل قوتها في مشهد في غاية الإبداع في مطار القاهرة ليظهر الوجه الجديد لمنى زكي فمثلما بدأت الأحداث في المطار وهي شخصية مهزوزة تخشى كل خطوة تخطوها حتى استطاعت إستعادة أبنها بكل الطرق وباختراقها لجميع الحواجز في المطار وفي مشهد النهاية والمواجهة الأخيرة بين محمد فراج ومنى زكي والذي كان عليها الاختيار بين إتجاهين أما بالسفر معه وحصول أبنها على الجنسية الأمريكية وأما بعودتها لمصر ولزوجها والتخلي عن حلمها والذي انتهى ببقاءها في مصر تاركة وراء ظهرها كل ما تحملته والذي أكده مشهد النهاية ببقاء صديقها "بيج زي" في مصر رغم أنه حاصل على الجنسية الأمريكية والتي لم تعد هي طوق النجاة الوحيد للبحث عن مستقبل أفضل. وعن أداء النجوم فهذا يحتاج إلى مقال بمفرده لأن جميع الشخصيات بها عمق درامي كبير فبالنسبة لمنى زكي فاستخدمت خبرة سنوات عملها للمرور بجميع مراحل الشخصية بانفعالاتها وعنادها وتخبطها واندفاعها في كل تصرفاتها وما بين مشاعر رومانسية مع زوجها الأول وكذلك محمد فراج والذي كان التعبير بملامح وجهه كافي للتعبير عن رغباته وانكساراته ولحظات ضعفه وأما محمد ممدوح فكان لا يقل عنهم إبداعًا خاصة في مشاهد معاناته من ضعف السمع.