لطالما كانت شخصية كرولا دي فيل، رمزا للشر، وذلك حيث تعرفنا عليها مع أول ظهور لها في فيلم الرسوم المتحركة One Hundred and One Dalmatians عام 1961، واشتهرت بخطفها للكلاب المرقشة حتى تصنع من جلدهم فراء، ثم توالت ديزني عقب ذلك تقديم العديد من التكميلات والمسلسلات أشهرها فيلم جلين كلوز، عام 1996، 101 Dalmatians، من إخراج ستيفن هيريك، وأحدثها الدراما الكوميدية للمخرج كريج جيليسبي، وبطولة كلا من إيما ستون، وإيما تومسون، وجويل فراي، وبول والتر هوزر.
فبعد أن وحدت نفسها بشكل غير متوقع وحيدة في العالم، تتجول الطفلة إستيلا (إيما ستون)، في شوارع لندن، ولحسن حظها تصادف طفلين متشردين أخرين، جاسبر (جويل فراي) وهوراس (بول والتر هوزر)، واتفقا على الاهتمام ببعضهما البعض. وبعد سنوات، أصبحت الأسرة المؤقتة لصوصًا خبراء ومحتالين. تستخدم إستيلا موهبتها الطبيعية كمصصمة لخلق تنكر مقنع حتى يتمكنوا من التهرب بسهولة أكبر ممن يقبض عليهم، ويظل حلمها الأبدي في أن تعمل يوما مع مصممة الأزياء الرائدة في لندن البارونة (إيما تومسون)، وعندما تحقق ذلك تفوز بإثارة معبودتها، لكن علاقتهما المحفوفة بالمخاطر تأخذ منعطفاً عندما تدرك إستيلا أنهما يشتركان في علاقة أعمق، تطلق إستيلا العنان لذاتها المتغيرة، كرولا، وتتعهد بالإطاحة بملكة الموضة في لندن.
بشكل عام لا علاقة بين الفيلم، والقصة التي نعرفها جميعا، فأبطال الفيلم الكلاسيكي الشهير غائبون تمامًا هنا؛ البطل الوحيد هو كرولا واسمها الحقيقي إستيلا بعيدة كل البعد عن شخصية الرسوم المتحركة الكلاسيكية، وكذلك عن شخصية النسخة الحية التي قُدمت عام 1996. فقد تم تغيير عدد كبير من الأشياء والخطوط، لإظهار أنها تحب الكلاب حقًا، وترى ذلك بوضوح في أنها تلتقط كلبًا ضالًا يصبح رفيقها المخلص طوال بقية الفيلم، ومع تقدم القصة، لا يعتقد المرء أبدًا أنها ستكون قادرة على قتل أي حيوان بدم بارد لصنع معطف من الفرو.
إن التغيير بالطبع مفهوم للغاية، لأنه سيكون من الصعب في هوليوود اليوم أن يكون لديك بطل الفيلم يعذب الحيوانات مثلا.
ولكن دعنا نقول أن المخرج كريج جيليسبي، وإيما ستون، كونا فريقا إبداعيا هائلا، حيث ينسجان قصة من بدايات كرولا غير المتواضعة وصعودها إلى قمة عالم الموضة.
يبدأ الفيلم بمقدمة تشرح الأحداث التي أدت إلى وفاة والدة إستيلا/ كرولا، حيث تتعلم إستيلا حقائق قاسية عن طفولتها، وهنا يجمع سيناريو دانا فوكس، وألين بروش ماكينا، وجيز بتروورث، الكوميديا والحركة والتشويق والدراما بسلاسة، مع حوار رائع، والشخصيات مسلية على الرغم من كونها غير محبوبة.وتحت المرح والكوميديا، هناك الكثير من الظلام والمأساة التي تطفو على السطح لاحقًا، وتضيف تعقيدًا بالإضافة إلى الدراما النفسية، فمن الواضح أن كتاب السيناريو يفهمون الطبيعة البشرية، والطريقة التي يستخدم بها النرجسيون مثل البارونة ضحاياهم، وإساءة معاملتهم أثناء إلقاء الضوء عليهم.
وهنا نلاحظ أن كريج جيليسبي، يقدم فيلم درامي حقيقي آخر يعتمد فيه على تقنيات بصرية مثيرة للفضول، ومذهلة في كثيرمن الأحيان على الرغم من أنها بعيدة كل البعد عما عرضته السبعينيات من حيث الموضة، إلا أنها تعمل في الفيلم الذي يركز على كرولا في أغلب الوقت، بالقدرة على إنشاء شيء ممتع ومثير لعمل كوميديا مظلمة صديقة للعائلة. كما يوفر المظهر الجمالي الكلي للفيلم في كل إطار تقريبًا، من خطوط السبعينيات الكلاسيكية لعمل البارونة إلى أسلوب، وابدعات كرولا، وأيضا هناك اهتمام بالتفاصيل طوال الوقت مما يجعل المشاهدة ممتعة حقًا من وجهة نظر جمالية بحتة.
أيضا يتميز الفيلم بمجموعات رائعة وديكور فني مذهل، مثل لقطة التتبع الطويلة من خلال المشهد عندما يستخدم زملائها شاحنة قمامة للكشف عن أحدث تصميم لها من الفستان يتميز بذيل طويل.ومع كل المهارات السابقة يحافظ المخرج كريج جيليسبي على إيقاع الفيلم بموسيقى تصويرية رائعة، ويضم موسيقى البوب والروك والبانك من الستينيات والسبعينيات. واعتقد أن النجم الرئيسي للفيلم هو الموضة التي تبدو أنيقة للغاية وستحصل بالتأكيد على بعض جوائز نهاية العام لأفضل تصميم أزياء. كما يبدو تصميم الشعر والمكياج من أكثر الأشياء تميزا.
أما الأداء التمثيلي فإيما ستون، تبذل قصارى جهدها، وتقدم مونولوجا جيدا بشكل لا يصدق، وخاصة في المشاهد التي يتعين عليها القتال أو التصرف فيها بشكل سيكوباتي، كما نجحت بشكل مثالي من تجسيد ازدواجية إستيلا/ كرولا، مع لمسة من السخرية والجنون التي تخفف أكثر المواقف دراماتيكية ومأساوية،وكذلك إيما تومسون، التي استطاعت أن تقنعك بدورها وتميزها، وشكلها الشرير الذكي المليء بالحيوية، بالإضافة إلى الممثلين الداعمين جويل فراي، وبول والتر هوزر.
النهاية
في النهاية يجسد فيلم كرولا للمخرج كريج جيليسبي خيال جميع محبي عالم يزني، وكذلك أولئك الذين اعتادوا على نغمات أكثر قتامة، واعتقد أنه سينتهي بها المطاف في مرتبة عالية في قائمة الترتيب لمشاريع ديزني الحية الحديثة.