مع مشاهدة الحلقات الأولى من مسلسل "خلي بالك من زيزي" يعطيك الإنطباع بأنه مجرد عمل لايت كوميدي إعتيادي على الرغم من أن أسم مريم نعوم والمسئولة عن ورشة كتابة العمل لا يوحي بذلك لأنه في مجمل أعمالها السابقة استطاعت معالجة ومناقشة قضايا في غاية الأهمية وتحديدًا فيما يخص هموم المرأة ومشاكلها ولكن بعد مرور عدة حلقات ومع ظهور الطفلة التي تدعي تيتو وكم المشاكل النفسية والإجتماعية التي تعاني منها في سلوكياتها وتخلفها عن الدراسة تبدأ الأمور تسير في إتجاه أخر ونرى أننا بصدد عمل جاد يناقش قضية حساسة لم تطرح من قبل علمًا بأن الكثير من الأهالي وأولياء الأمور يعيشونها ويعانون منها ولا يدركون أن أطفالهم يعانون من أمراض معينة وأنهم بحاجة إلى دعم ومساندة من نوع معين.
المشكلة الرئيسية التي يعالجها المسلسل هو مرض فرط الحركة ونقص الانتباه والمعروف علميًا با ADHD والذي يعاني منه بعض الأطفال ويجهلونه الكثير من الأهالي والمدارس معتقدين أنها مجرد شقاوة أو نوع من التدليل أو إهمال دراسي مما يعرض أصحابه للتنمر دائمًا من زملاؤهم يبدأ هذا المرض دائمًا من مرحلة الطفولة أو قبل 12 عامًا ويستمر مع الشخص حتي مرحلة البلوغ أو الرشد ويعتبر نوع من أنواع تأخر النمو العصبي يجعل الطفل غير قادر على أتباع الأوامر أو القوانين بالأضافة إلى أنه يجد صعوبة بالغة في الإستيعاب مما يجعله دائمًا في حالة إتهام بالتقصير أو الفشل ومن ثم يؤدي إلى تراجعه في ثقته بنفسه. وتتضمن أعراض هذا المرض والتي من الممكن ملاحظتها في وقتًا مبكرًا في الصغر ومنها السلوك الإندفاعي أو التشتت في الإنتباه أو صعوبة بالغة في الجلوس أو المكوث لفترة طويلة بالأضافة إلى مقاطعة الأخرين أثناء الحديث وعدم الإنصياع لمن هو أمامك وحال أستمراره يؤدي إلى عصبية وانفعال بشكل مستمر وهذه النوعية من الأطفال تحتاج إلى معاملة بشكل خاص سواء على المستوى الدراسي أو الإجتماعي وهو ما حدث عكسه تمامًا بالنسبة لشخصية النجمة أمينة خليل في المسلسل وهي النموذج الأكبر لشخصية تيتو والتي أستمر المرض معها طوال حياتها وتسبب لها في عراقيل كثيرة أثرت على حياتها الإجتماعية والزوجية والعملية خاصة بأن أسرتها تعاملت معها بأسلوب خاطئ كان لابد من أتباع نقيده تمامًا.
أغلب الأباء والأمهات يعانون من الإنزعاج الشديد لمن لديهم أطفال مصابون بهذا المرض نظرًا لكثرة الحركة والضجيج والصراخ والفوضى المنزلية ولذلك يلجأون للحلول السهلة أو المضمونة مثلما فعل الفنان بيومي فؤاد والد أمينة خليل والذي فضل شراء راحته لمتابعة التلفزيون أو مشاهدة كرة القدم فكان يقوم بحبسها في غرفة لمدة ساعات مما يسبب لها ضيقًا شديدًا فتقوم بالصراخ والبكاء بل كان الحل الأنسب هو توظيف الطاقة الزائدة بداخل هؤلاء الأطفال في ممارسة الرياضة بل من الممكن أن يكتسبوا مهارات جديدة ويصلوا إلى مراحل إحترافية وهذا ما فعلته والدة تيتو والتي تمثل الجيل المستنير الذي يحاول إيجاد حل للمشكلة بطريقة متحضرة فلجأت إلى أساليب حديثة بالحاقها لممارسة الرياضة لنرى إندهاش مدرب الرياضة بعدم استغلال المهارات الرياضية للطفلة تيتو حتي الأن، وبالنسبة للنجمة أمينة خليل والتي وجدت علاجها بالتساوي مع تدريسها لتيتو والتي رأت فيها صورتها في هذه المرحلة العمرية من خلال عملها معها ك shadow teacher أو معلم الظل وهي مهنة من المفروض أن توفر دعم أضافي للتلميذة لتستطيع مواصلة دراستها وهي خاصية متوفرة في المدارس الدولية وهذا ما حققته أمينة خليل والتي إستطاعت التنفيس عن طاقتها المهدرة من خلال تعاملها مع الطفلة تيتو بعدة طرق. ولم تكتفي الكاتبة مريم نعوم بمعالجة هذا المرض تطرق العمل إلى عدة قضايا ومشاكل نفسية أخرى نمر بها كل يوم مثل أبنة خالة أمينة خليل الفنانة نهى عابدين والتي تعاني من عدة مخاوف بما في ذلك الرهبة من ركوب الطائرة والبقاء في المنزل بمفردها وتعرضها للذعر من أي تغييرات تطرأ على حياتها وذلك يرجع إلى جذور تربيتها ونشأتها بدون والدها نظرًا لسفره وأقامته في الخارج كل هذه الاضطرابات تعبر عن مشاكل حقيقية مسكوت عنها ويعاني منها الكثير من الناس ومن ثم أستطاع العمل تحريك المياه الراكدة وأعطاء فرص لإيجاد حلول لمثل هذه المشاكل دون الشعور بأي خجل من الافصاح عنها.وعن الجانب الفني للعمل فلم يعيبه سواء بعض التطويل والرتابة في عدة مشاهد والتي كانت أحيانًا تصل إلى 10 دقائق للمشهد الواحد وهذا ليس مناسبًا لهذه النوعية من الدراما التي تتطلب سرعة حركة وإيقاع وبالنسبة لأداء النجوم فأستطاعت النجمة أمينة خليل بذل الكثير من الجهد كي تصل بالشخصية إلى هذا الحد نظرًا لأن زيزي كانت شديدة الصعوبة في تفاصيلها بما في ذلك حركاتها الإندفاعية وعصبيتها المستمرة وصعوبة جلوسها لفترة طويلة وأيضًا النجم محمد ممدوح والذي تميز بخفة ظل وتلقائيًا في الأداء.