ريتسا هو قنفذ البحر، وهو إحدى المأكولات البحرية الشهيرة لأهل مدينة الإسكندرية بالتحديد، وكانت من أهم مظاهر المصيف في فترة الخمسينات والستينات، حيث كان هواة الصيد يقوموا بالتقاطها عبر الصخور وخاصا في مناطق سبورتنج وكليوباترا وأبو قير، ذلك قبل تعرضها لخطر الانقراض بسبب التلوث والصيد الجائر، فوقع اختيار صناع فيلم "ريتسا" علي هذا الاسم كونه يرمز إلى الحياة وطبيعة النفس البشرية. تدور أحداث العمل حول 3 قصص حب علي فترات مختلفة، كلها تدور في مدينة الأسكندرية، وبعد مشاهدة الربع الأول من الفيلم ينتقل بك إلى عالما ساحرا من المناظر الطبيعية مع الموسيقي الكلاسيكية ورقصات الزمن الجميل، فتتوقع أنك بصدد عملا يغرد منفردا نظرا لتعطش الجماهير للأعمال الرومانسية الخالية من أي مشاهد عنف أو ابتذال.
يبدو أن هناك خللا ما أو حلقة مفقودة أصابت العمل، فعندما يتضمن الفيلم أكثر من قصة حب لابد وأن يكون هناك رسالة ما أوعنصرا مشتركا بينهما، مثل أعمال أخرى متشابهة مثل فيلم "الكنز"، والذي جمع بين 3 قصص حب في أزمنة مختلفة وكان العامل المشترك بينهم أن في كل مرحلة كان علي أبطال القصة الاختيار بين الحب والسلطة، وكذلك "هيبتا" والذي الذي أعطي فيه الفنان ماجد الكدواني محاضرة في الحب بجميع مراحلة فيتضح أن قصص الحب المشتركة كلها تدور حول شخصية واحدة في مراحل عمرية مختلفة. يبدو أن الأمر في فيلم "ريتسا" لم يكن واضحا بسبب اختلاف قصص الحب والتي لم يربط بها شيء سواء في نهاية الفيلم بحدث يقلب موازين العمل رأسا علي عقب. بالنسبة لقصة الفنان أحمد الفيشاوي وعلاقته بكارولين عزمي والتي لم تكن أكثر من إعجاب أو انبهار لمعجبة مههوسة بكاتب ومؤلف روايات شهيرة كلها في إطار العلاقات العاطفية، ويبدو أن تطور العلاقة بينهما جاء بشكلا سريعا ولم تكن مفهومة، بل سيطرت فيها مشاعر الرغبة أو الهوس بالشخص أكثر من المشاعر العاطفية. القصة الثانية كانت بين أمير المصري الحائر بين علاقتين إحداهما زوجته ميار الغيطي والتي بدت علاقتهما متوترة وغير سعيدة، والأخرى علاقته بامرأة ثانية وهي مريم الخشت، وهي علاقة أيضا بها فتور ولم تكن واضحا هل كان يحبها أم أنها مجرد بديلة. القصة الثالثة والتي كان أفضلهم وأكثرهم مصداقية وهي بين عائشة بن أحمد الإيطالية في أيام الحرب العالمية الثانية، وبين محمود حميدة والذي يعود إلى الأسكندرية بعد مرور السنوات، فنجد عائشة هي حفيدة حبيبة حميدة الأولي ريتسا والتي تشبهها بشكل كبير فتشعل بداخله مشاعر الحنين إلى الماضي وتجدد في دمائه مشاعر الشباب ومن هنا نستنشق رائحة الزمن الجميل والذي نجح فيها المخرج أحمد يسري بالمزج بين الزمنين بشكلا متوازيا. لو قمنا بتحليل الفيلم بشكل عام فهو جيد من الناحية الخارجية سواء في الكادارات والمناظر الطبيعية في الأسكندرية، والموسيقي التصويرية الناعمة والمتماشية مع أجواء العمل، لكن العيب جاء في السياق الدرامي والذي لم يكن متماسكا، وبعض نقاط الضعف في السيناريو بالإضافة إلى أن هذه النوعية من الأعمال تعتمد بشكل كبير علي الأداء التمثيلي والتفاعل بين الأشخاص، والذي جاء ضعيفا في كثير من المشاهد التي أخفقت فيها المشاعر الرومانسية، خاصا في مشاهد أمير المصري ولهفته بسبب مرض زوجته ميار الغيطي، ومن ثم فهذه المشاعر المتناقضة تحتاج إلى انفعالات وأحاسيس لم نشعر بها، بل علي الجانب الآخر نري أداء تمثيلي مبهر من الفنان محمود حميدة، تحديدا في تذبذب مشاعره بين الماضي والحاضر، وكذلك أحمد الفيشاوي في أداء الكاتب المهووس الذي يعتاد علي شرب الخمر واللهو مع النساء، والذي لا يستطيع كتابة رواياته إلا من خلال طقوس خاصة. جاء الأداء التمثيلي ضعيفا لباقي أبطال العمل مما يجعلك لا تتعاطف مع أحد منهم، وبالنسبة لمشهد النهاية والذي جاء مفتوحا بعض الشيء بل كان في مجمله دعوة صريحة للحب.