بالأمس إذا أخبرتك بأن الممثل هاريسون فورد، ذو الثمانين عاما، سيقدم جزء آخر من سلسلة أفلام أنديانا جونز، بالطبع لن تُصدقني؛ وستراني شخص متوهم، وخيالي إلى أبعد الحدود، يعيش على ذكريات جميلة، ولمسة من الحنين والعاطفة ابتكرها جورج لوكاس كواحدة من أعظم سلاسل المغامرات السينمائية مع أنديانا جونز في أوائل الثمانينات بفيلم Indiana Jones and the Raiders of the Lost Ark، ومحققا نجاحات عظيمة نقدية وجماهيرية، وإيرادات عالمية وصلت إلى 389 مليون دولار أمريكي، ليتبعه بجزئين أخرين في نفس العقد، ثم بفيلم أخر بالألفية الجديدة Indiana Jones and the Kingdom of the Crystal Skull، محققا أيضا أرباح قاربت 790 مليون، في ظل ميزانية 185 مليون دولار أمريكي.
ولكن بالفعل هذا ما حدث، والخيال أصبح حقيقية، فبعد ما يقرب من خمسة عشر عاما على إنتاج آخر جزء من السلسلة، يخرج فورد معلنا عن فيلمه الجديد Indiana Jones and the Dial of Destiny، ولكن مع تخلى ستيفن سبيلبرج عن منصب المخرج لجيمس مانجولد بسبب ضيق الوقت وتولى دور المنتج.
مبدئيا حاول جيمس مانجولد، الذي اشتهر بفيلمه The Wolverine عام 2013، جلب الكثير من المطاردات والمغامرات الشيقة من حل الألغاز المشهور بها جونز في جعبته، فبعد اكتشاف تابوت العهد، وبعد وصوله إلى الهند وهروبه من معبد الموت، وصراعه من أجل الحصول على الكأس المقدس الأسطوري، ومقابلته لعملاء الإتحاد السوفيتي الذين يقودهم (سبالكو) حتى يعثر على الجمجمة البلورية، يقدم مانجولد مغامرة أخرى تدعو إلى بعض الإثارة، يتخللها مشاهد مثل ركوب الخيل عبر مترو الأنفاق أو استقلال توك توك في طنجة، أو النزول إلى قاع المحيط، على أمل أن تكون هي الأشياء التي يريد عشاق إندي رؤيتها، مستخدما الكثير من المؤثرات البصرية الرهيبة للتخلص من شيخوخة فورد، وحاجبا بهذه المشاهد قصة قد يكون لا معنى لها، ومليئة بالثغرات في الحبكة، مما يجعلك تعقتد أنك تشاهد شئيا يملأك حنين إلى الماضي لكن دون إثارة وتشويق أكبر.
أيضا الشخصيات التي يلتقي بها إندي طوال الفيلم لم تقدم الكثير من الدعم، وبالرغم من أن مانجولد لعب في الكثير من الأوقات على الحنين إلى الأجزء السابقة من السلسلة مثل الاستعانة بالممثل جون ريس ديفيس في دور صلاح إلا أنه لم يكن قريب من نداء المقطوعات القديمة من موسيقى إندي، والذي كان من الممكن أن يُشعل بعض المناقشات حول تغيير مواقف الاختيار بين عامي 1981 و2023.
أما بالنسبة لفيبي والر بريدج، التي ظهرت في شخصية الحفيدة هيلينا كمغامرة في العصر الجديد مع حيلها الخاصة، فلم يكن لديها أي جاذبية أو كيمياء مع فورد مثل بطلاته السابقات كيت بلانشيت، وكارين آلن
أما بالنسبة للأدوار الثانوية الداعمة فإن الاستعان بـ توبي جونز، وأنطونيو بانديراس، وتوماس كريتشمان، ساعد قليلا على تقدم القصة إلى الأمام في الوقت المناسب، مع استخدام عناصر مثل شخصية الشرير فولر (مادس ميكلسن) كانت كافية نوعا ما ﻹبقاء الأمور مقبولة
في النهاية، الفيلم سيُدهش معجبي سلسلة أنديانا جونز، ومتابعيه، أو على الأحرى جيل الثمانينات، فهو لديه خطة جديدة، واعتقد أن الأصدقاء ستجتمع للتحدث عنه، فهو جزء جيد من السلسلة، لكنه لا شيء بالنسبة لهذا الجيل الحالي، فستراه أمرا مُملا ونادرا ما يكون ذو مصداقية، وغير ممتع في بعض الأحيان، ولذلك أنصح من هم في مثل ذاك العمر بمشاهدة الأجزاء السابقة قد تكون دافعا قويا ليصبح الفيلم مؤثرا ومناسبا لهم.