سلسلة The Mission: Impossible، هي واحدة من أكثر سلاسل الأفلام ثباتًا، والتي من الصعب أن تجد فيها جزء ضعيف الإثارة، فهي طريق طويل أمتد على الشاشة الكبيرة منذ عام 1996 مع أول جزء Mission: Impossible من إخراج بريان دي بالما، عن قصة لبروس جيلر (مبتكر المسلسل الأصلي عام 1966). وها هو Mission: Impossible - Dead Reckoning Part One الفيلم السابع في سلسلة أفلام المهمة المستحيلة، والمقسم إلى جزأين، حيث تتبع المهة هذه المرة في عالم اليوم، مع نمو الذكاء الاصطناعي، ومع ابتكار وإبداعات جديدة للبشرية، فينضم العميل إيثان هانت (توم كروز) وفريقه: بنجي (سايمون بيج)، ولوثر (فينج راميز)، وإليسا (ريبيكا فيرجسون) لمواجهة أخطر أعدائهم حتى الآن، وهو الذكاء الأصطناعي المسمى (الكيان) وهو برنامج يتسم بالوعي الذاتي ويتسلل إلى مستوى لا يمكن تصوره، وهناك مفتاح من نصفين يمكن من خلاله التحكم في هذه الكيان، وعلى هانت وفريقه العثور على النصف الآخر من المفتاح اللازم للسيطرة على هذا التهديد الإلكتروني.
على مر العقود، وجنبًا إلى جنب مع العديد من المخرجين، شارك كريستوفر ماكويري في تقديم عدة أجزاء من سلسلة أفلام The Mission: Impossible، بدأها عام 2015 بـ Mission: Impossible- Rogue Nation، والتي أصبحت أفضل وأفضل مع كل جزء.
وفي هذه الجزء يعود الكاتب والمخرج ماكويري للمرة الرابعة ﻹخراج هذا الفيلم، والذي عمل بشكل متكرر مع نجم السلسلة توم كروز في أفلام مثل: (Top Gun: Maverick وJack Reacher) لذلك كانت تجربته بالتأكيد نقطة إيجابية على طوال الطريق، وبمساعدة في كتابة سيناريو الفيلم مع إريك جندرسن (مؤلف مسلسل Band of Brothers)، حيث تشهد السلسلة وبشكل أساسي أسلوب موضوعي بفصل جديد.
وبناء على قصة قد تكون بسيطة للغاية، ومستهلكة نوعا ما لفكرة "السلاح المدمر" التي تسعى جميع القوى العالمية أن تضع يدها عليه، لتسخيره لأغراضهم الخاصة، ولا تتوسع إلى ما هو أبعد من عمليات المطاردات المتكررة، وخاصة بحفنة من السيارات والدراجات النارية في شوارع روما أو باريس كما كان في الجزء السابق Mission: Impossible - Fallout، وأيضا بمشاهد القتال على سطح قطار بدون غرض معروف، ولكن مع تصاعد الأحداث، ومع مشاهد الحركة، وخاصة الأعمال المثيرة التي يصر كروز على القيام بها بنفسه، وهو الشيء الذي أصبح جزءا مدويا من حملات السلسلة التسويقية، فمن الصعب البقاء مع أي منها بدون القول بأنها مذهلة تجعلك تحبس أنفاسك، وتحافظ على وتيرة لا هوادة فيها، تاركًا المشاهدين على حافة مقاعدهم. ليظهر وبشكل واضح الذوق البصري الخيالي كريستوفر ماكويري، وعلاقته الممتدة بسحر كروز، مؤكدا على أنه صانع أفلام محترف، بالإضافة إلى إنشاء الحبكات الفرعية والشخصيات المختلفة بهذا الوضوح، والذي يعتبر إنجاز بحد ذاته، فقد استطاع كريستوفر ماكواري إدارة ذلك بالتوفيق بين شخصياته والاحتفاظ بالكثير من اللوحات المتفرقة، التي بدأت بجابرييل (إساي موراليس) وأتباعه، كيتريدج (هنري كزيرني) ورؤسائه، والأرملة الشقراء (فانيسا كيربي) وكلهم يطاردون هانت، بأجنداتهم وأهدافهم الخاصة.
أيضًا، لابد من نسب الفضل في المشاهد الرائعة والمثيرة لفريق المونتاج والصوت بالفيلم لتقديم مثل هذه المؤثرات الصوتية، والبصرية الرائعة طوال الفيلم.
وقد يعاني هذا الجزء من السلسلة من مشكلة أصبحت شائعة بشكل متزايد في الأونة الأخيرة، وهي تشابه الأحداث طوال الرحلة مع مشاهد وأحداث من أفلام أخرى، مما يتسبب في نهاية المطاف إلى تسرب بعض الملل من التواجد المستمر وعلى نفس النمط، مثل مشهد القطار وافتتاحية فيلم Indiana Jones and the Dial of Destiny، ومطاردات السيارات في Fast X، وكذلك الإشارة إلى أفلام التجسس مثل أفلام جيمس بوند وسيارته المعدة خصيصا له.وفي الواقع يتشارك هذا الجزء مع الأجزاء السابقة من السلسلة في جميع خصائصه تقريبا، بعض أنواع الأكشن القديمة من خلال دفع شخصية أنثوية إلى جانب من المؤامرات، والتعقيد الحركي، والتجسس، والأعمال الوحشية المتزايدة بشكل غير قابل للتصديق، والمزيد من الأعمال المثيرة التي تتحدى الموت، والكثير من اللقطات لتوم كروز وهو يركض بأقصى سرعة، وبالطبع الأقنعة التي تسمح بانتحال شخصيات الآخرين، بالإضافة إلى العلاقات الشخصية ذات العمق بين هانت وأعضاء المجموعة، فلا مجال للانحراف أو إيضاح لنظرة المؤلف بل استمرار لما بدأه بروس جيلر منذ أكثر من نصف قرن مع أول جزء من السلسلة،
من الأسباب الأساسية والرئيسية وراء الاستمتاع بهذه الجزء هو الجمع بين شخصيات مختلفة سواء كانت جديدة أو العائدة، فعودة كلا من (فينج راميز، وريبيكا فيرجسون وسايمون بيج) الذين لديهم الكثير للقيام به، ويجلبون سحرهم المميز وذكائهم إلى الشاشة. إضافة إلى الوافدين الجدد في دور يعزز ديناميكية الفيلم، ويضيف العمق والتعقيد إلى الشخصيات وعلاقاتهم.
وكما هو المعتاد يستحوذ توم كرز على معظم الأضواء، مما جعل الممثل البالغ من العمر 61 عامًا لا يفقد اسمه المألوف على مستوى العالم ولا يفقد قوته ونجاحه الذي حمله على مدار 27 عاما، متفوقا على نفسه باعتباره أخر نجم سينمائي عظيم في هوليوود من هذا الجيل، وبجانبه هذه المرة هايلي أتويل ليصنعا سويا أفضل حالات المتعة والتفاعل في المواقف الخطيرة التي يتعرضان لها، ومقدمان في النهاية رباطة حقيقية تخلتف عن علاقته بزملائه الجواسيس الأخرين، وقد ظهرت أتويل في هذا الدور بشكل يمكن تصديقه بتفاصيل صغيرة تجعلها مرتبطة على الفور بالموقف، وتنقل الهالة التي تدور حول الشخصية وشعورًا بالفضول والإعجاب، مما يساعدها في دور سرد مميز لدور جريس.
في النهاية
إن قوة Mission: Impossible Dead Reckoning Part One تكمن في الحجم الهائل من مشاهد الحركة المكتظ بها الفيلم والتي لا تتأخر أبدا عما يجب أن تكون عليه قرابة ثلاث ساعات، وبالرغم من أنه مليء بالحبكات الفرعية والشخصيات، إلا أن ماركوري ربط معظم الخيوط السائبة معًا في النهاية، مما يمهد الطريق لاستمرار مثير في الجزء جديد.