من العوامل التي تلفت أنظار المشاهد إلى عمل هو اسم الفيلم، فقد تكون كلمة فوي فوي فوي غريبة عن أذن المشاهد، فهي كلمة إسبانية تتردد في لعبة كرة القدم للمكفوفين، يرددها اللاعب عند اللعب إلى المرافق بجواره، وتعني أنا قادم أو أنا هنا، وهي إحدى أهم قواعد اللعبة، وفي حالة عدم ترديدها من الممكن أن تُعطى ضربة جزاء للفريق الآخر، لأنه في حالة اصطدام اللاعبين ببعضهما غالبًا ما تكون الإصابة شديدة.
تنتمي اللعبة إلى الرياضات البارالمبية، والتي يتم تنظيمها من الاتحاد الدولي لرياضات المكفوفين، وقد بدأ تاريخها في المدارس الخاصة للمكفوفين، وتتضمن اللعبة بعض القواعد ومنها ارتداء قناع بحيث يتساوى جميع اللاعبين في عدم الرؤية عدا حارس المرمى لأنه من الممكن أن يكون منهم من يتمتع بإبصار خفيف، وتكون الكرة مصنوعة من الجلد أو من مادة صناعية ولا بد أن تحتوي على جرس أو العديد من الخشخشيات، بحيث تكون الأذن بديلًا عن الإبصار لأن اللعبة تعتمد بشكل أساسي على السمع. منذ مشاهدة الإعلان عن الفيلم قد يصاب المشاهد بالحيرة حول تصنيف العمل، فهل ينتمي إلى الدراما أم الكوميديا؟ ولكن مع مشاهدة النصف الأول نستطيع تصنيفه بشكل كبير كأحد أفلام الكوميديا السوداء، وهي النوعية التي نفتقدها بشكل كبير، وهو أول ما يحسب للمخرج عمرو هلال، والذي استطاع أن يطرح قصة حقيقية حدثت بالفعل عام 2016 من خلال هروب بعض اللاعبين المكفوفين قبل المباراة النهائية للفريق قبل انطلاق المباراة بوقت قصير، ليمزجها بقضية أخرى وهي الهجرة غير الشرعية، والتي لا يزال يعاني منها الشباب الذين يعيشون في فقر مضجع أو الناقمون على حياتهم، فيكون السفر على الرغم من خطورته الملجأ الوحيد للبحث عن حياة أفضل. تدور أحداث الفيلم حول محمد فراج الذي يعمل حارس أمن ويقيم مع والدته، حيث يعيش حياة ضيقة، ويحاول البحث عن حياة أفضل من خلال جميع الطرق الشرعية، ولكن تُغلق أمامه جميع الأبواب ليقرر الالتحاق بفريق للمكفوفين مدعيًا فقدان البصر للسفر معهم، ومن هنا يستطيع الهروب للخارج. نجح المخرج في خلق جو تشويقي سريع الإيقاع يتمتع بواقعية شديدة سواء في مشاهد المبارايات والتلاحم بين اللاعبين أو دقة تصوير البيوت الضيقة والحياة المحدودة وخاصة الجزء الخاص بمحمد فراج الذي تحمل العبء الأكبر من أي عمل سابق، والذي نجح فيه منذ بداية تدريباته على سطح منزله على ممارسة اللعبة دون الإبصار، حتى تدريباته مع فريق المكفوفين التي اعتمد فيها على استخدام نظرات عينيه، وعلى الرغم من إيجابيات الفيلم إلا أنه لم يخلُ من بعض السلبيات بما في ذلك علاقة محمد فراج بنيللي كريم، ومشاعره تجاهها التي كانت غير واضحة بسبب بعض نقاط الضعف في الحوار، وخاصة في مشهد المواجهة واكتشاف نيللي كريم لخداع محمد فراج، الذي كان يحتاج لحبكة درامية أفضل من ذلك بالإضافة إلى نقطة التحول التي أصابت صديقه طه الدسوقي، والذي يمثل الشخص القنوع الراضي بحاله والبار بأهله والذي يرفض فكرة السفر والذي قرر الهرب فجأة دون إيضاح أسباب. وأما عن نهاية الفيلم فكانت سلاحًا ذا حدين أهمهما أنها عبرت بشكل أساسي عن رسالة الفيلم المباشرة لكل الراغبين والباحثين عن الهجرة غير الشرعية والهروب من الواقع والمصير المتوقع لكل من يفعل هذا، وأن ما يسعون إليه ليس أكثر من وهم أو سراب، وعلى الجانب الآخر تم تنفيذ هذا الجزء بشكل سريع علمًا بأنه الجزء الأهم من العمل، والذي يقترب بشكل كبير من الأحداث الحقيقية. وعن أداء النجوم، فقد جاء على رأسهم محمد فراج وهو من أكثر الفنانين غوصًا في أعماق الشخصية بكل إمكاناته من تعبيرات وجهه ونظرات عينيه وانفعالاته، خاصة في مشهد الأخير مع والدته حنان يوسف، ويليه النجمان بيومي فؤاد، والذي يكون في أفضل حالاته عندما يبتعد عن اللون الكوميدي المعتاد عليه بنفس الابتسامة، وكذلك طه الدسوقي، والذي ظهر بشكل مختلف عن المعتاد.