شهد عام 2023 عددًا من الظواهر الفنية المميزة، من بينها ظاهرة الأفلام التي تحمل أسماء أعمال سابقة، وهذه الظاهرة ليست جديدة بالطبع، لكنها ظهرت بقوة في عام 2023، حيث شهدنا إطلاق عدد من الأفلام التي تحمل أسماء أعمال كلاسيكية أو حديثة، وقد تتشابه أسماء الأعمال الصادرة في أوقات متقاربة، بل إن بعض الأسماء تكرر في العام نفسه 2023.
من المتوقع تكرار اسم كهذا عدة مرات في عالم الفن، حيث يعد وصفًا شائعًا وموجزًا للبطل، كما يعكس الكثير عن جوهر الفيلم، فتعددت الأعمال التي تحمل هذا الاسم حتى عامنا هذا، ابتداء بفيلم المخرج الصيني جون وو عام 1989، والذي يدور حول قاتل أصاب فتاة بريئة بالعمى أثناء إحدى مهماته ويحاول طوال الفيلم مساعدتها على استرداد بصرها، حتى الفيلم الأمريكي الذي يحمل نفس الاسم عام 2023، من إخراج ديفيد فينشر وبطولة مايكل فاسبندر وتيلدا سوينتون وتشارلز بارنل، حيث يدور الفيلم حول قاتل مأجور يدخل في خلافات مع من يعمل لصالحهم أثناء مطاردة دولية مليئة بالفوضى.
ظهر هذا الاسم مجددًا في فيلم قصير بريطاني يتناول اكتشافًا غامضًا توصلت إليه بعض العاملات لصالح مؤثر شهير دفعهن لمحاولة النجاة بحياتهن، بعد أن رأينا نفس الاسم في فيلم المخرج والممثل الشهير رالف فاينس الذي عُرض عام 2014، ولعل الاختفاء من الإمكانات التي حاول البشر دائمًا امتلاكها ولم ينجحوا في هذا حتى الآن، الأمر الذي جعل التعبير عنه في الفن تعبيرًا حقيقيًا ومجازيًا أمرًا متوقعًا.
لا يقتصر الاسم على تحفة المخرج ديفيد فينشر والممثل براد بيت في نهاية القرن الماضي، والتي تحولت إلى فيلم عن رواية تشاك بولانيك التي نقلها الدكتور أحمد خالد توفيق إلى العربية، حيث ظهر الاسم مجددًا عام 2023 في فيلم الحركة الهندي من تأليف وإخراج عباس رحمت، والذي يتناول قصة صبي مولع بكرة القدم، لكنه يتعرض للاستغلال من قبل العديد من قبل الجهات المظلمة للمشاركة في نزالات ومعارك عنيفة.
قد يكون من الغريب أن يحمل فيلمان هذا الاسم في نفس السنة، لكن الأغرب هو اندراج كليهما تحت تصنيف الرعب، فأحدهما من بطولة تشارلوت هوب وجوليان ساندز وإخراج إرلينجر ثورودسون ويدور حول ملحنة تكتشف ما يمكن للموسيقى أن تجلبه من كوارث مرعبة، بينما الآخر من بطولة إليزابيث هيرلي وميا جنكينز وإخراج أنتوني والر، ويدور حول روح شريرة لعازف مزمار يُعاقب من ارتكبوا جرائم ولم يعاقَبوا عليها من خلال اختطاف أطفالهم.
رغم التنوع والثراء اللذين تتمتع بهما السينما الهندية في الموضوعات والأفكار، إلا أن هذا الاسم قد ظهر على فيلمين من إنتاج السينما الهندية لهذا العام، بل عُرض كلاهما في الشهر ذاته وهو شهر أغسطس، ومن اللافت، أو لعله من المربك أن بعض دور العرض قد عرضت الفيلمين في نفس الوقت، وأحدهما من تأليف وإخراج نيلسون ديليبكومار ويدور حول عصابة يحاولون تهريب زعيمهم من السجن؛ ولكنهم يصطدمون بمأمور السجن الذي يحاول إيقافهم، والآخر من تأليف وإخراج سكير ماداثيل ويتناول قصة سجان يقرر إجراء تجربة على خمسة مساجين مكلف بحراستهم مهما كانت عواقب ذلك.
تترك هذه الظاهرة أثرًا فنيًا مختلفًا على المشاهد، فقد يشعر بالتشويق أو الحنين إلى الأعمال السابقة، وقد يجد أن الفيلم الجديد يقدم منظورًا جديدًا ومثيرًا للاهتمام، الأمر الذي يجعل هذه الظاهرة مرشحة للزيادة في السنوات القادمة، مما يثير عدة تساؤلات، لعل أبرزها هو التساؤل عن مدى حق المؤلف في حماية اسم العمل، واعتبار الاسم جزءًا من العملية الإبداعية ويقع في دائرة حقوق الملكية الفكرية الواجب حمايتها، فرغم أن تلك الظاهرة لم تثر مشاكل كبيرة حتى الآن، إلا أن ذلك قد يحدث في السنوات القادمة.