جايبة العيد.. عندما تكون الجنسية عائقا أمام الزواج

  • نقد
  • 03:00 مساءً - 24 فبراير 2024
  • 7 صور



تضم المملكة العربية السعودية -أو على العموم معظم دول الخليج العربي- عدة جاليات من جنسيات مختلفة، وأبرز هذه الجاليات: الجالية الباكستانية. حيث أجبرت الظروف الإقتصادية الصعبة وعدم الاستقرار السياسي العديد من الرجال والنساء –الباكستانيين- بمختلف الأعمار للسفر إلى دول الخليج بحثا عن لقمة العيش، ويعمل معظمهم في وظائف هامشية، كالعمالة أو الخدمة في المنازل وغيرها، ويظل طوال فترة إقامته تحت رحمة الكفيل. ولهذه الأسباب؛ أصبحت الصورة النمطية التي ينظر لهم بها على أنهم أقل مكانة اجتماعية خلاف غيرهم من الجنسيات الأخرى، شأنهم كشأن الهنود والفلبينيين والبنجلاديشيين. هذه الأسباب كانت كافية لتناول تلك الصورة النمطية عن الباكستانيين وتقديمها من خلال المسلسل السعودي القصير جايبة العيد الذي عرض لأول مرة في 19 أكتوبر 2023 على منصة نتفليكس. والذي تدور أحداثه في إطار كوميدي اجتماعي حول شخصية (رزان)، وهي امرأة سعودية تعيش في المملكة المتحدة مع ابنتها المراهقة (لمار) وتخطط للزواج من صديقها البريطاني ذو الأصول الباكستانية (سمير)، وتعرض على أسرتها الأمر عندما تسافر إليهم برفقة ابنتها إلى جدة للاحتفال بعيد الفطر، ثم يلحق بهم (سمير) للإقامة معهم في المنزل وللتعرف عليه بشكل أقرب، لكن يكون موقف الأسرة رافض تماما للفكرة عندما يكتشفون بأنه باكستاني الجنسية، فتحاول (رزان) إقناعهم بأنه الشريك المناسب لها.

المسلسل من تأليف نورا أبو شوشة وعلي العطاس، وإخراج علي العطاس وسعيد زاغة، ويشارك في البطولة كل من: سمر ششة، حمزة حق، ياسر السقاف، خالد الحربي، بتيل قملو، ناجية الربيع، أماني الجميل وغيرهم. ومن إنتاج منصة نتفليكس.

أما بالنسبة لتقديم المسلسل من خلال 4 حلقات فكان أشبه بتقديم فيلم سينمائي مقسم لأربعة أجزاء، حيث كان به تكثيف مركز للأحداث بدون حشو زائد يشوبه ممل أو لتطويل للأحداث بلا داعي، كما حرص صناع العمل على إظهار العديد من التغيرات التي طرأت على المجتمع السعودي ومدى الانفتاح الذي وصل إليه في السنوات الأخيرة. ويعتبر المسلسل في المجمل عمل بسيط ومتكامل من حيث التصوير والإخراج والتمثيل والموسيقى والمونتاج.

أما بالنسبة للإسم فهو يحمل خصوصية وطابع سعودي بامتياز، حيث أن كلمة "جاب العيد" في العامية السعودية تطلق على يجلب كارثة أو مصيبة لنفسه أو لغيره، وتقال دائما في سياق فكاهي وساخر.

الجنسية هي العائق:

أتي الرفض من قبل عائلة (رزان) لصديقها (سمير) فقط لأنه باكستاني الجنسية ودون إبداء أي أسباب أخرى للرفض، وهذا –كما ذكرنا مسبقا في بداية المقال- بسبب النظرة الدونية التي ينظر بها المجتمع السعودي نحو الباكستانيين –أو غيرهم من الجنسيات الأخري مثل الهنود والفلبينيين والبنجلاديشيين- فقط لأنهم يعملون في وظائف هامشية ويعتبرها السعوديين دون المستوى، وأصبحت تلك النظرة تعمم على جميع مواطني تلك الجنسيات. فعائلة (رزان) لم تستطع محو تلك الصورة النمطية من أذهانها على الرغم من أن (سمير) يحمل الجنسية البريطانية ويعمل صحفيا مرموقا ويعتنق الديانة الإسلامية على عكس ما كانوا يتوقعون، ولم يزر المملكة العربية السعودية أو أي دولة من دول الخليج للعمل أو لأي سبب آخر، ويتعاملون معه كما يتعاملون مع العامل الباكستاني الذي يعمل عندهم وينادى بإسم غير اسمه وشخصيته ملغية تماما، حتى أنه عندما وصل (سمير) إلى منزل أسرة رزان لأول مرة؛ ظن والدها بأنه مجرد عامل تابع لشركة الأثاث التي كان ينتظر مندوبها.

لكن مع تطور الأحداث؛ وبعد جهود مضنية من (رزان) و(سمير)، يقدر كلاهما على تغيير موقف عائلتها الرافضة لزواجهما ليوافقوا عليه أخيرا، ثم يتزوجان ويعودان إلى بريطانيا في نهاية الحلقة الرابعة والأخيرة. وهذه في حقيقة الأمر؛ خطوة شجاعة وجريئة جدا من صناع هذا العمل لتناول تلك الظاهرة التي تنتشر بشكل واسع جدا في السعودية وجميع دول الخليج العربي لكن مسكوت عنها وينكرها الجميع.




تعليقات