يوحي اسم فيلم رحلة 404 بأنك بصدد فيلم تشويقي ينتمي إلى المغامرات والإثارة، خاصة مع مشهد البداية وإطلاق اسم الرحلة، وإنما المقصود بالاسم هو رحلة الإنسان مع ضميره من الخطيئة إلى التوبة، ومتى يصل إلى مرحلة التوبة النصوحة، وأن الإنسان على مدار حياته في حالة مراجعة وصراع مع نفسه يسألها ويحاسبها وتحديدًا فيما يخص الفنانة منى زكي، والتي تلعب بطولة الفيلم من الألف إلى الياء، حيث إنها متواجدة في جميع المشاهد وتتقابل مع عدة شخصيات على مدار رحلتها. تبدأ أحداث الفيلم بتحضيرات منى زكي للسفر إلى الحج بصحبة والدها، ومنذ الوهلة الأولى تشعر بأن هناك شيئًا بداخلها تعيشه بين الخطأ والصواب، بداية من حرصها على إقامة حدود مع أي رجل مرورًا بتوتر علاقتها مع والدتها ومشاجراتها معها عبر الهاتف بالإضافة إلى حرصها على حق شقيقتها في أموالها حتى تصطدم بوالدتها وتتشاجر معها أمام مقر عملها، الأمر الذي أدى إلى اصطدام والدتها بسيارة ونقلها إلى المستشفى، ومن هنا تبدأ في رحلتها لجمع مبلغ كبير من المال لسداد مصاريف المستشفى وتحاول الاتصال بأشخاص انقطعت صلتها بهم. أولى الشخصيات التي اتصلت بهم منى زكي كانت شيرين رضا، ومن الحوار المتبادل بينهما يتضح أن شيرين رضا لديها ماضٍ غير مشرف حيث استطاع المخرج هاني خليفة أن يوصل رسالته دون أي مشاهد مبتذلة، وبعد هذا الحوار تبدأ رحلة صراع منى زكي مع نفسها في محاولة اختيار نفسها بين التمسك بطهارتها أو العودة لماضيها، وفي السعي وراء جمع المبلغ بطرق أخرى تطرق عدة أبواب وتتقابل مع عدة أشخاص، فمع كل خطوة تخطوها تواجه عقبات وعراقيل وكل من تقابلهم يحاولون الإيقاع بها في الخطأ بصور مختلفة، وهي دائمًا في موضع اختيار، مثل مشهد مواجهتها مع محمد فراج زوجها السابق، وهو شخص مدمن مضطرب منغلق على نفسه، ليوضع كل منهما في مرآة أمام نفسه ليواجه كل منهما خطاياه في واحد من أجمل وأعلى مشاهد الفيلم، حيث أدى كل منهما التمثيل بمستوى عالمي واستطاع كل منهما التعبير عن انفعالاته بكل إمكانياته. ورغم صغر حجم أدوار جميع شخصيات العمل إلا أن كلًا منهم ترك بصمة فعالة وأضاف إلى القصة، ولكن هناك جوانب لا بد وأن نتوقف عندها، ومنها شخصية خالد الصاوي، والتي من الواضح أن بها الكثير من العمق الدرامي والبعد النفسي، والذي كان بحاجة إلى بعض الخلفيات عن ماضيه، وكذلك علاقة منى زكي بوالدتها، والظاهر منها أنها كان لها دور كبير في ماضيها السيئ ولكن كانت بحاجة إلى المزيد من التوضيح، بالإضافة إلى أن شخصية منى زكي نفسها كانت تحمل الكثير من علامات الاستفهام، فكل مرحلة تلعبها تراها من زاوية مختلفة، فأحيانًا تتعاطف معها وأخرى تكرهها، فهي تعتبر شخصية تميل إلى اللون الرمادي والتذبذب في كل تصرفاتها ويبدو أن مفهوم التوبة يختلط عليها فهي اكتفت من التوبة بألا تقيم علاقة مع أي رجل ولكنها لا تمانع من سرقة مجوهرات سيدة مسنة ثم تعود إلى صوابها بإعادة محتويات السيدة، بالإضافة إلى اتصالها بأصدقاء السوء ومحاولاتها للاشتراك في صفقات غير قانونية. يتمتع الفيلم بإيقاع سريع يجعلك لا تشعر بالملل طوال الفيلم، وساعد على ذلك الكادرات وحسن اختيار أماكن التصوير والموسيقى التصويرية المصاحبة لكل مشهد، وأما بالنسبة للنهاية فليست الأفضل بالنسبة لمحتوى الفيلم، ولكنها مقبولة بإقدام بعض الشخصيات على التطهر ومساعدة منى زكي في علاج والدتها واستكمالها لرحلة الحج.