في عام 1902، قدم المخرج الفرنسي جورج ميلييس فيلمه "A Trip to the Moon"، والذي تناول قصة مجموعة من رواد الفضاء خلال رحلتهم الاستكشافية للقمر، ومن هنا سطر ميلييس التاريخ لبداية أعمال الخيال العلمي، والتي تطورت على مدار الأعوام والعقود وصارت أكثر إبهارًا وتميزًا، فمن خلالها صعد البشر الفضاء، وحاربوا الآلات، واقتحموا العوالم الموازية والأكوان المتعددة، ومع كل هذا التقدم والتطور في هذا التصنيف، ما زلنا لا نُجيد استغلال هذا التصنيف في وطننا العربي ونستغله كوسيلة فقط لجذب انتباه المشاهد وإجباره على متابعة العمل حتى حلقاته الأخيرة.
"خالد نور وولده نور خالد" تجربة جديدة للكاتب أحمد عبدالوهاب رفقة كريم سامي والذي قدم في رمضان الماضي مسلسل الخيال والفنتازيا الناجح "جت سليمة"، وفي هذا العام استغل صناع العمل الثنائي كريم محمود عبدالعزيز وشيكو في أدور البطولة الرئيسية في عمل يدور حول تجربة نووية تقضي على مستقبل المهندس خالد، وتلقي به في وظيفة روتينية تتركه في حالة من الرتابة والفشل، حتى يتقابل مع شاب في نفس سنه يُدعى نور يدعي أنه ابنه وأن التجربة تسببت في ظاهرة غريبة جمعت الثنائي في عصرنا الحالي بنفس الفئة العمرية.
منذ اللحظة الأولى لإطلاق الإعلان الرسمي للعمل، تداول المتابعين والجمهور بحماس كبير الفكرة الغريبة والتي تُعد قماشة مرنة للكثير من المواقف الكوميدية والأحداث بل وراهن الكثيرون على نجاح العمل قبل عرضه، ولكن مع عرض الحلقات الأولى تلاشت كل الآمال، فعانى العمل من قلة الأحداث وتمركزها في إطار مكرر يُزيد من معاناة السيناريو الضعيف والشخصيات الهلاميَّة المزعجة في الكثير من الأحيان.
حاول العمل السير في الكثير من المسارات والطرق في محاولة لخلق المواقف الكوميدية التي يبحث عنها المشاهد، ولكن في النهاية انتهى بنا المطاف مجبرين على رؤية المشاهد المكررة ذاتها في منزلي نور وخالد، واستغلال الشخصيات النسائية لإصدار الضوضاء والضجيج لأطول وقت ممكن، دون بناء مُحكم لتطور الشخصيات وتطور الأحداث، بل وإن بعض الحلقات والأحداث كان يمكن التغاضي عنها دون التأثير على أحداث المسلسل القليلة.
الثمرة الوحيدة الجيدة هي شخصية خالد والتي جسدها كريم محمود عبدالعزيز، والتي اعتمد خلالها الأخير على الكاريزما القوية لخلق أجواء كوميدية يُجيدها دائمًا كونه واحد من الفنانين المميزين خلال السنوات الأخيرة في هذا التصنيف، وربما شريف رمزي أيضًا جسد شخصيته البعيدة كل البعد عن الكوميديا بشكل ملائم، أما فيما يخص باقي الممثلين وفي مقدمتهم شيكو، لا شيء جديد على الإطلاق، وخاصة في التجارب النسائية والتي ظهرت جميعها بشكل سلبي لا يُضيف للعمل إطلاقًا حتى وإن كانت شخصية دنيا ماهر هي الأفضل بينهن، مع الإشارة أن الممثل الصاعد السيد أسامة والذي جسد شخصية ميكا يحتاج إلى استغلاله بشكل أفضل مستقبلًا عن ما ظهر به بالعمل.
كان يمكن التغاضي عن حالة الملل والرتابة التي أصابت العمل بداية من الحلقة الثالثة في الحلقات الأخيرة والتي كان ينتظرها الجميع في محاولة لتفسير النظرية والظاهرة الغريبة التي اصابت بطلي العمل، ولكن كعادة صناع الأعمال في وطننا العربي، لا وجود للخيال العلمي؛ فكتالوج الدراما المصرية دائمًا ما يحاول إضافة الطابع المنطقي لكافة الأمور التي تحدث من حولنا وهو منطق قدمه المسلسل بالمناسبة بشكل غير منطقي بالمرة، فينتهي بنا المطاف أمام نسخة مُعدلة من أعمال أخرى مثل "اللي بالي بالك" و"قلب أمه"، وكان من الممكن تقبل الأمر بشكل أفضل مع الحفاظ على فكرة التجربة النووية والطابع الخيالي للأحداث،"خالد نور وولده نور خالد" تجربة محبطة ومخيبة للآمال، كنا ننتظر الكثير منها، ولكنها في النهاية طبقت نظرية الرقص على السلالم، فلم تقدم الكوميديا المنتظرة في موسم شهد تجارب ناجحة أخرى مثل "أشغال شقة" و"بابا جه"، ولم تقدم الخيال العلمي المشوق كما كنا نتوقع.