أكلات مصرية وإحياء للتراث في مطعم الحبايب

  • نقد
  • 08:13 صباحًا - 17 نوفمبر 2024
  • 1 صورة



ليس من الضروري أن يتضمن أي عمل فني رسائل أو معاني، أو أن يبدأ بفكرة ثقيلة، بل من الممكن أن تكون الفكرة بسيطة تنقلنا إلى عوالم كثيرة وتدفعنا في اتجاهات متعددة، وهذا ما حدث بالنسبة لمسلسل مطعم الحبايب، الذي انتقل بنا لأول مرة إلى عالم جديد، وهو عالم الطبخ بجميع تفاصيله، سواء بالنسبة للمأكولات الشعبية أو الغربية، والتي تعتبر فكرة جديدة لم تُطرح من قبل، حيث إن شريحة المطاعم واستخدام مهارات الطبخ المختلفة لها باع كبير، سواء على المستوى الداخلي أو في الخارج، حيث إن قسم الطبخ في كليات السياحة والفنادق يهتم بها وبتدريسها على أعلى المستويات الاحترافية في الخارج، ويحصلون من خلالها على أعلى الشهادات التي تضمن لهم مستقبلًا كبيرًا، فبالنسبة لمسلسل مطعم الحبايب، قام صناع العمل بالتركيز وبناء قصتهم على مشاريع الشباب الصغيرة في سيارات الطعام المتنقلة التي أصبحت أكثر انتشارًا وساهمت كثيرًا في انخفاض معدلات البطالة. تدور أحداث المسلسل حول أحمد مالك الشاب المكافح الذي يمتلك سيارة بيع الطعام الشعبي ويحلم بأن يمتلك مطعمًا يشبع فيه جميع مهاراته في الطبخ، ليلتقي بـبيومي فؤاد الذي يمتلك مطعمًا موروثًا عن جدته في منطقة القلعة، والتي يعود تاريخها إلى أيام محمد علي باشا، ومن هنا ينتقل بنا العمل إلى منطقة أخرى نستنشق من خلالها رائحة التراث العربي والزمن الجميل، وفي هذا السياق، تظهر مهارات المخرج عصام عبد الحميد في توليف القصة بشكل مختلف، بحيث تصبح أي أكلة جديدة، ويعود مدلولها إلى جزء من تاريخ مصر، بعد عثور أحمد مالك وهدى المفتي على كتاب قديم، حيث تؤدي الفنانة سوسن بدر دور الراوي، لتحكي مع كل صفحة من الكتاب قصة مرتبطة بكل أكلة مصرية من وحي التاريخ، لتعيد إلى الأذهان قصص قبل النوم التي كانت ترويها كل جدة مصرية في الماضي، فعلى سبيل المثال، تعود قصة الملوخية إلى أيام محمد علي الذي منع طهيها في وقت ما، وكان الشعب يعدها سرًا، وكذلك طبق أم علي الذي يرتبط بزوجة عز الدين أيبك، التي أعدتها فرحًا عقب قتل غريمتها الملكة شجرة الدر. نستخلص من كل ما سبق أن المسلسل دعوة صريحة للعودة إلى الجذور والانتماء إلى الهوية المصرية المتمثلة في كل تفصيلة في العمل، سواء في المناطق الأثرية والألوان ورائحة التراث العربي، وكذلك الموالد وطقوسها التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الثقافة المصرية، والتي انبهرت بها هدى المفتي، التي اختارت العودة إلى جذورها المصرية رافضة جميع العروض التي تلقتها من شركات خاصة، علمًا بنشأتها وتربيتها في بيئة ثرية من صفوة المجتمع، هذا بالإضافة إلى دعوة العمل إلى الأخلاقيات القديمة والشهامة المصرية ومفاهيم الرجولة الحقيقية، مثل رفض أحمد مالك أن تسدد هدى المفتي فاتورة الحساب، بالإضافة إلى التكاتف والمحبة بين جميع أفراد المطعم، ليصبح مطعم الحبايب هو اسم على مسمى، ويصبح الطعام هو رمز المحبة والأكلة الحلوة التي تجمع بين القلوب. أما عن أداء النجوم، فكان على رأسهم أحمد مالك الذي قام بتغيير جلده بشكل كامل، وانتقل إلى فئة الشاب الشعبي الشهم الذي أداه بتلقائية وصدق شديد، وتليه هدى المفتي التي قامت هي الأخرى بتغيير جلدها، حيث اشتهرت بدور الفتاة المدللة التي انبهرت في العمل بالأجواء الشرقية وانجذبت إلى الشاب البسيط.



تعليقات