إقامة جبرية.. تشويق وجريمة تفسرها الطفولة

  • نقد
  • 11:16 مساءً - 10 ابريل 2025
  • 1 صورة



الإقامة الجبرية هي إحدى العقوبات المقيِّدة للحرية، ويتم تطبيقها غالبا في الجرائم السياسية، عبر الحبس المنزلي أو تحديد الإقامة في مكان ما، وتتم غالبا للشخصيات السياسية في أوقات الانقلابات أو الحروب، ولكن السؤال: ماذا لو كان تحديد الإقامة الجبرية من قِبل فتاة شابة في مقتبل عمرها تجاه شخص يقترب منها؟ حيث تجبره على الإقامة بجانبها، إما بالقتل أو بالتهديد، وهو ما حدث في مسلسل إقامة جبرية، وهو أحد الأعمال التي حققت نجاحا كبيرا في الفترة الأخيرة، وينتمي إلى الرعب والتشويق والإثارة. يبدو المسلسل شديد الجاذبية منذ الحلقة الأولى، ومع نظرات ولمحات الفنانة هنا الزاهد تستشعر أنك بصدد أحد أفلام الرعب الشهيرة، وهو قريب بشكل كبير إلى فيلم Orphan، حيث ترتكب البطلة سلسلة من جرائم القتل، ويميل العمل بشكل كبير في جميع أجوائه إلى الرعب، سواء بالنسبة للموسيقى التصويرية الصاخبة والمصاحبة لمعظم المشاهد التي تخطف القلوب، أو في نظرات هنا الزاهد التي تلمع وتنقلب من النقيض للنقيض، من الوجه البريء الطفولي إلى آخر مفزع، كما يلامس العمل جوانب نفسية واجتماعية كثيرة، أهمها متى تبدأ الشعرة الفاصلة بين المرض النفسي والعقلي، ومتى يشكل المريض النفسي خطرا على نفسه أو المحيطين به، وهو ما ينقلنا إلى سؤال آخر: ما هي حدود السرية المطلوبة بين الطبيب النفسي والمريض؟ وبين الحفاظ على شرف المهنة والاحتفاظ بأسرار المرضى؟ ومتى يجب أن يفصح عنها من أجل الحفاظ على حياة الآخرين؟ كما تطرق العمل إلى العنف المنزلي، الذي أشير إليه بوضوح في الأجزاء الأخيرة من العمل، فكل ما يراه الطفل في الطفولة يترسخ في ذهنه ويشكل تكوينه النفسي والاجتماعي، خاصة إذا كان العنف قريبا من الطفل، وتحديدا ضرب الأب للأم أمام الطفل، والذي يكون العنصر الأساسي في تشكيل شخصيته العدوانية في المستقبل، وهو ما حدث بالتحديد لهنا الزاهد، والتي يتضح أنها المتسببة الحقيقية في قتل والدها وأن أمها تحملت المسئولية وتلقت حكما بالسجن المؤبد بدلا منها، ومن ثم تحولت الطفلة إلى مجرمة مصابة بما يطلق عليه اضطراب الشخصية الحدية بعدما فقدت شعورها بالأمان بعد سجن والدتها، مما أصابها بالتعلق المرضي والشعور بالهلع عند الشعور بافتقاد أي شخص يقترب منها، ليضعنا أمام سؤال آخر: ما هو الأفضل بالنسبة للطفل؛ أن تحمل الأم على عاتقها حياة تعيسة مع أب غير سوي من أجل عدم الانفصال أم أن يتم الطلاق وينشأ الطفل في أجواء سليمة؟ كما تطرق العمل إلى مشكلة أخرى ربما تمت معالجتها كثيرا، ولكن لا بد أن نتوقف عندها، وهي العلاقة الحميمة بين الأم وابنها، من خلال علاقة صابرين ومحمد الشرنوبي، حيث كرست حياتها كلها من أجله، وصارت مسيطرة وأحيانا متدخلة في معظم تفاصيل حياته، الأمر الذي جعله يثور ويتمرد على كل هذا ويسيء اختيار شريكة حياته. في النهاية، نحن أمام عمل مكتمل العناصر يُعتبر واحدا من أفضل أعمال هذا العام، يجمع بين التشويق والإثارة والفكرة والمعنى والعمق النفسي.



تعليقات