تكمن عبقرية التجربة الأولى فى الاختلاف فى البراءة فى السلاسة , وهذا ما فعله " المونتير" - والسيناريست و المخرج - أحمد عبدالله تماما فى تجربته الأولى فيلم " هليوبوليس " , هذا الفيلم الذى ينتمى لما يسمى بالسينما المستقلة , تلك السينما التى خرجت للنور بحثا عن الحرية خارج قبضة شركات الانتاج الكبرى . وفى هليوبوليس كان الاختلاف فى كل شىء , فى السيناريو والاضاءة و المونتاج و الصوت و احيانا التمثيل , نجح احمد عبدالله و فريق عمله فى تحطيم تابوهات عديدة على رأسها سيناريو الفيلم , حيث ان الفيلم تقريبا بلا " حدوتة " لا وجود للصراع الدرامى فيه او اى نقطة ذروة , كذلك الشخصيات سطحية تماما غير مرسومة تتحرك على الورق وتظل ايضا اثناء الفيلم حبيسة الورق بلا معنى او هدف يدفعك للتأثر بها . اضاءة الفيلم عجائبية متمردة يعيبها فقط انها غير موجودة نهائيا فى المشاهد الداخلية و غير موجودة احيانا فى المشاهد الخارجية - وتلك احدى الاختلافات المدهشة - , الصوت يبدو همهمة فى اغلب الأحيان وغير مفهوم وان كان الحوار فى حد ذاته احيانا يدفع المشاهد للتخلى عن - ميزة - الصوت لأنه لا يصنع فارقا. اماالأغرب فهو المونتاج , حيث ان مخرج العمل صاحب خبرة فى مجال المونتاج , و عندما صنع فيلمه الأول كمخرج و ألف قصته والسيناريو الخاص به , اختار قصة لاربعة خيوط درامية منفصلة لا يجمعها الا حى مصر الجديدة , ومن المعروف ان مثل هذه النوعية تحتاج الى مونتاج حساس جدا و دقيق لجعل المشاهد لا يشعر بالانتقال من خيط لأخر , ولكن من الأجل الاختلاف - فيما يبدو - كانت النقلات مفزعة فى بعض الأحيان غير مريحة فى كل الأحيان . حتى هنا ينتهى الأختلاف وتبدا البراءة التى اعتمدها المخرج فى اداء ممثليه ووقع الجميع فى فخ الاستسهال فيما عدا القليل ز خالد ابو النجا , نقطة ضوء فى الفيلم بادائه السلس والمقنع , حنان مطاوع ادت شخصية كادت ان ترسم جيدا فى حدود الشخصية المبتورة دراميا وان كان الخطأ ليس خطأها, هانى عادل اداء غير مقنع ومحاولة لاداء شخصية الانطوائى عن طريق النظر للارض والهمهمة لدرجة المرض , يسرا اللوزى ما زالت تكتفى بوجهها الجميل فقط على الشاشة , اما باقى طاقم العمل فأدوا فى حدود الممكن وان كان اصرار أحمد عبدالله على صمت الجندى محمد بريقع - الغير منطقى فى الكثير من الأحيان صمته - قد اضر بالخط الدرامى للجندى ككل و جعل منه فيلما قصيرا داخل الفيلم ولم تظهر تلك العبقرية التى اعلنوها فى تلك المشاهد. وتبقى السلاسة فى نقل هذا الفيلم المستقل الى شرائط السينما ليعرض فى دور العرض تحت الشعار السينما المستقلة و كأن تلك الجملة تجب ما بعدها . فان كانت امكانيات هذه السينما لا تسمح بكل هذا و علينا التغاضى عنه من اجل الانتقال لدرجة اخرى على سلم السينما المستقلة , يبقى ان نعيب على صانعى الفيلم كل هذا الكم من الملل , الذى سكن الفيلم منذ بدايته حتى نهايته , لدرجة انه افقد حتى المتعاطفين مع التجربة الأولى تعاطفهم . و اخيرا يبقى هليوبوليس - الحى و ليس الفيلم - حيا رائعا لا يمكن اختزال تاريخه فى زمن الاجانب والخمسينيات و ما قبله , و الالفية الجديدة فى اختزال مهين لحوالى اربعون عاما من تاريخ الحى و مصر ككل . ملحوظة أخيرة : عند صنع فيلم عن مصر الجديدة برجاء الرجوع الى "ضحك و لعب و جد و حب" لطارق التلمسانى , و "فى شقة مصر الجديدة" لمحمد خان.
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
هليوبوليس ... البحث عن وطن | ahmed tawfik | 4/4 | 19 مايو 2011 |
تحت شعار السينما المستقلة تَجُب ما بعدها , افعل ماشئت!!!!! | Usama Al Shazly | 5/8 | 12 مايو 2010 |
دون التوقع | Amr Awwad | 1/2 | 23 يوليو 2015 |
هليوبوليس..ضجة كبيرة بدون لازمة..تقريبا! | Fady Baha'i Seleem | 2/11 | 19 يونيو 2010 |
لم يرض عنه أحد | camelia taha | 3/6 | 25 يوليو 2008 |