كتبه: رانيا يوسف تحرص دائماً شركات الانتاج السينمائي علي طرح نوعية الافلام الخفيفة والكوميدية في فترة الاعياد التي تشهد اقبالاً كبيراً من جمهور الشباب وخصوصا فترة الاجازات , بالاضافة الي ان الاعياد تعتبر موسم سياحي عربي تمتاز به مصر وبالتالي تستغل شركات التوزيع هذه الفرصة لطرح افلام ذات مستوي معين مما يجبر الجمهور علي متابعتها غصبا دون وجود نوعيات او مستويات اخري متنوعة يمكن للمشاهد الاختيار فيما بينها , مما يجعله احيانا يلجأ الي الافلام الاجنبية او انه يغامر ويشاهد ما تمليه عليه دور العرض . شهد موسم عيد الفطر هذا العام عرض أربعة أفلام جديدة تتنوع موضوعاتها بين الفانتازيا والاستعراض والدراما الاجتماعية الكوميدية , فيلم عائلة ميكي وفيلم ولاد البلد وفيلم سمير وشهير وبهير واخيرا فيلم الرجل الغامض بسلامته , وبالطبع لا يمكن ان نحكم علي مستوي فيلم من اسمه ولكن السمة التي غلبت علي اسماء هذه الافلام هي الكوميديا التي تعبر عن موضوعها . فيلم الرجل الغامض بسلامتة , هو التجربة الثانية للمخرج محسن أحمد في مجال الاخراج بعد رحلة طويلة مع التصوير السينمائي وإخراج الفيديو كليب , جمعته تجربته الاخراجية الاولي ايضا بالفنان هاني رمزي في فيلم السيد ابو العربي وصل , تأليف طارق عبدالجليل , اما في تجربتة الجديدة الرجل الغامض بسلامتة يجتمع مرة اخري مع هاني رمزي وبلال فضل ليكونوا ثلاثي فني يضفي كل منهم علي العمل طابعة الخاص الذي أصبح سمة العمل الاساسية , فالموضوع الذي كتبه بلال فضل ليس الا مقالة طويلة مليئة بالخطب الحماسية والفاظ الشباب العاطل عن العمل مرتادي النواصي الذي يبحث دائما عن وسيلة لتغييب عقله من الواقع الذي يحيطه بكل ما فيه من مفاسد , والوسيلة المعتادة لكثيرين هي هروبهم نحو شهوتهم الجنسية التي حرمهم الفقر من ممارستها بالطريق الصحيح , ولم يواصل المؤلف استعراض باقي الوسائل التي يلهث ورائها الشباب والتي أصبحت عادية عند كثير من الاسر , كتناول المخدرات مثلا , بل كثف المخرج رؤيته لضياع هذا الجيل في تصعيد شهوته الجنسية التي تسكره وتسكن عقله لبعض الوقت حتي تسنح له الظروف لاقتناص فرصتة بأي طريقة مشروعة كانت ام غير مشروعة , فالغاية تبرر الوسيلة ومن يذوق الظلم والفقر عليه ان يتحول هو الاخر الي ظالم , دون اعتبارات أصولية او اجتماعية او حتي دينية , وما يردعه عن هذا التحول الذي اجبر عليه بفعل فساد المجتمع هي قوة اكبر منه ولا تمت بصله الي قوة الضمير , هذه هي التيمة الاساسية التي قدمها بلال فضل في فيلمه الجديد الرجل الغامض بسلامتة , من خلال شخصية الشاب عبد الراضي الذي يجبر علي الفصل من وظيفته في شركة للالبان بعد اكتشافه تورط بعض الموظفين الكبار في الشركة في قضية فساد , ويحاول عبد الراضي كشفهم لكنه يفشل ويطرد من وظيفته , ويعود لممارسة هوايتة في ملاحقة النساء الجميلات الشبه عاريات اللاتي يتجولن في الشوارع وفي اماكن تجمع السائحين , حتي يصادف الفتاة الارستقراطية لميس ويضطر للكذب عليها وادعائه الثراء حتي يجد نفسه بالفعل متعايش مع طبقة الاغنياء الي جوار بعض من رجال السلطة اللذين يعجبون بأفكاره , ويأخذوه للعمل معهم في الوزارة , وينقلب الحلم الي حقيقة وتتحول الكذبة الي واقع ويتحول الفقر في غمضة عين الي ثراء حقيقي , وكأن عبد الراضي وجد مصباح يحقق له كل احلامه لكن هذا المصباح الذي يتمثل في تواطئه مع بعض المستثمرين الاجانب ضد الوزير الشريف الذي يعمل معه , ينقلب عليه ويفضح أمره , دون ان يبدي لنا كاتب السيناريو اي مقدمات لهذا الانقلاب الذي حدث مباشرة بعد زيارة عبد الراضي لمجلس الوزراء والذي هو علي عداوة مع هذا الوزير الشريف الذي يقتل بسبب تمسكه بإسلوبه الخاص في ادارة وزارته ورفضه لبعض مشروعات رجال اعمال مجهولي الهوية , فيقع عبد الراضي كبش فداء بينهما ولكنه يبرء بشكل ساذج مثل باقي احداث الفيلم . الفيلم لا ينتمي بشكل كامل الي موجة الافلام الكوميدية ولا ينتمي ايضا الي موجة الافلام الاجتماعية , فهو يقف معلقا في الهواء ما بين الحوارات الطويلة والمستهلكة والمشاهد الكثيفة لعبد الراضي مع رجال الشرطة والسلطة , وبين علاقته بالجنس الاخر و اندفاع شهوته التي تخلو من المشاعر نحو لميس الفتاة التي يقابلها ويتزوجها في ظروف لا ترتبط الا بالمصالح لكل منهما , وبشكل طفولي يعكس المخرج علاقة عبد الراضي ولميس التي دائما تحمل انطباع ساذج لفتاة بلهاء بملامحها الملساء التي لم تعطينا اي انفعال تجاه اي حدث وقع لها , حتي في مشهد المشاجرة الذي جمعها مع عبد الراضي عند اعتراف كل منهما للاخر عن كذبته , كان هذا المشهد اقرب الي لقطة من فيلم بخيت وعديلة ولكن مع الاعتذار لعادل امام وشيرين , اللذين امتعونا بمصداقية الاداء الذي لم نجده في هذا المشهد المشابه . المخرج محسن احمد هو الحسنة البارزة في هذا الفيلم , رغم ان معظم احداث الفيلم صورت في اماكن فخمة لم يبذل فيها المخرج جهداً لاظهارها بهذا الجمال , لكن الصورة الزاهية التي قدمها كانت هي العزاء الاكبر للمشاهدين اللذين انصرفوا عن الاهتمام بالحوار الخطابي والمانشيتات الصحفية التي يلقيها البطل في وجهنا وما يجري من احداث لم تؤثر فينا , حتي ان الفيلم يخلو من اي لمحة كوميديا قد تترك اي اثر علي المشاهد . هاني رمزي النجم الكوميدي الذي اثبت وجوده في عالم كوميديا الشباب بعد فيلم محامي خلع , بدأ رصيده يتراجع منذ سنوات بعد عدة محاولات محبطة في مزج الكوميديا بالموضوعات والمفارقات السياسية ولكن الحظ لم يوقعه مع كاتب محترف او موهوب يدرك جيداً الفرق بين صناعة عمل سينمائي تحكمه قواعد معينة في كتابة السيناريو السينمائي وبين مقال تحريضي لنشر الوعي السياسي الذي تغلفه دراما مفتعله هزيلة ضاع تكوينها وسط الاهتمام المبالغ فيه بحشو الحوار بمضمون لا يرتبط بتطور الحدث .
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
هاني رمزي الغير مفهموم | mustafa hussain | 2/2 | 6 فبراير 2012 |
''الرجل الغامض بسلامته''حوارات طويلة و مستهلكة و إفيهات جنسية مكثفة | Ranya Yousif | 4/4 | 22 سبتمبر 2010 |