" لقد قتلنا ملكًا وأتينا بآخر وهو ليس بأفضل من سلفه، ولكننا سوف نخلعه لأن الشعب الذي بحث عن الحرية أصبح يبحث عن الخبز ". تلك كانت الصرخة التي أطلقها Gavroche طفل الثورة الفرنسية المجيدة فى وجوه من شاهدوا الفيلم الملحمي البؤساء Les Misérables الذي بدأ عرضه فى السينمات العالمية ليلة الكريسماس وعُرض فى مصر منذ أسبوعين تقريبًا، اعتمد الفيلم على الأوبرا الفرنسية المستمدة من رواية هوجو الشهيرة والتى ترجمها أي الأوبراإلى الإنجليزية Herbert Kretzmer ووصلت أخيرًا إلى Tom Hooper ليقدم لنا أقوى عمل سينمائي موسيقى قُدم خلال العشرة الأعوام الماضية ولن نبالغ إن قلنا إن هذه الملحمة الرائعة تأتي لتنافس أعمال أخرى شهيرة مثل "صوت الموسيقى" و"أماديوس"و "شيكاجو" بل وتكاد تتفوق عليهم. دخلت الفيلم مرتين؛ مرة لأرى الأوبرا التي سمعتها قبل ذلك بصوت المغني الأيرلندي Colm Wilkinson ومرة ثانية لمعاودة اقتناص البهجة التي انتابتني فى المرة الأولى، ويا لسخرية القدر فأهم أفلام هذا العام كأنها أُنتجت خصيصًا لتلقن المصريين دروسًا غفلوا عنها منذ قيام ثورتهم؛ ففيلم Lincoln يأتي ليحذر الساسة من الشقاقات الأهلية و حاجة الوطن لمن يوحد صفه ويلم شمله لا لمن يرغب فى تقسيمه أيدلوجيًا وعقائديًا، و Argo يظهر لنا أن كرامة المواطن في الخارج من كرامة دولته عبر تناول قضية السفارة الأمريكية في طهران عام 1979 وجهود الحكومة الأمريكية في إنقاذ رعاياها، أما les Misérables فهو الوحيد بينهم الذي يخاطب الجماهير والساسة على حد سواء بتحذيرهم من نتيجة المعادلة البائسة التي تتكرر فى كل زمان ومكان؛ شعب فقير وبائس وسلطة أمنية غاشمة يحركها حاكم عابث لا يأبه لمطالب شعبه وثورة تقوم قد لا تبقي ولا تذر ووطن يحترق على مذبح العنف. الفيلم يحكي قصة سجين حُكم عليه بخمس سنوات ثم تضاعفت المدة لمحاولته الهروب مرة بعد أخرى إلى أن وصلت لتسعة عشر عامًا قضاها السجين Jean Valjean (جان فالجان( فى سجنه البائس تحت إمرة Javert (جافير) المفتش الصارم ليخرج بعدها محاولًا الهروب من ماضيه وينجح عن طريق مساعدة قس رحيم يلعب دوره هنا جان فالجان الأوبراليColm Wilkinson فى أن يبدأ حياة جديدة بشخصية جديدة و تتابع الأحداث خلال السرد الموسيقي الرائع ويتم إلقاء الضوء على الثورة الفرنسية و تضحيات جيل شاب دفع عمره لترى أجيال أخرى بلاده كما نراها نحن اليوم قلعة للحرية والعدل والمساواة، لن أتحدث عن الصوت والإضاءة والأزياء والماكياج فمن سيرى الفيلم سيعلم إن أي مديح في حق تلك العناصر الفنية سيصبح مبتذلاً لتفوقها بشكل كبير ، ولكن تظل ميزة هذا الفيلم الأساسية التي يجب الإشادة بها أن الأغاني المقدمة فيه جاءت بصوت الممثلين أنفسهم وليست بصوت آخرين كعادة الكثير من الأفلام الموسيقية، أخرج الفيلم Tom Hooper الذي نال فيلمه السابق خطاب الملك جائزة أوسكار أحسن فيلم العام الماضي، وقام بدور فالجان (Hugh Jackman) الذي تخلى عن الظهوركبلاي بوي ليقدم أعظم أدواره على الإطلاق في هذا الفيلم الذي يستحق به أوسكار أحسن ممثل رغم منافسته المحمومة مع الأسطورة Daniel Day Lewis ومعه جاء (Russell Crowe) بآداء لايرقى لمستواه فى أفلام أخرى ولكن عزى النقاد ذلك لعدم تمرس Crowe على الوقوف على برودواي كزميله Jackman ولعبت دور العاملة Fantine فانتين (Anne Hathaway) فى آداء راق حصدت به الجولدن جلوب كأحسن ممثلة مساعدة منتظرة تتويج الأوسكار، ولكن ما استوقفني طويلاً هو عدم ترشح المخرج عن فئة أحسن مخرج في الوقت الذي ترشح فيه ستيفن سبيلبرج بفيلمه Lincoln رغم الهنات الواضحة وتحديدًا المط والتطويل في بعض أجزاء الفيلم من وتوتر الإيقاع وعدم ترابط بعض الأحداث وهو ماجعل بعض المشاهد تأتي ملتبسة وغامضة! ويجعلنا هذا نتذكر مهازل اقترفتها الأكاديمية فى حق بعض الأفلام المميزة التي حُرمت الأوسكار بسبب توجهات أعضاء الأكاديمية الغير خاضعة للمهنية في كثير من الأحيان، أيًأ ما سيحدث بالأوسكار سواء فاز الفيلم بجوائز يستحقها أو لم يفز يظل حالة سينمائية قلما تتكرر ولذا فعندما تطل علينا مثل تلك الأفلام نحتفي بها احتفاءً يليق بصورةٍ سينمائية متقنة ودراما إنسانية مبهرة .
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
دليلك الوحيد على بقاء الحرية | دعاء أبو الضياء | 7/8 | 17 يناير 2013 |
Les Misérables إنه عالم واحد | هند جعفر | 3/3 | 19 فبراير 2013 |
الصدمة | Mohamed Ibrahim | 4/4 | 30 مارس 2013 |