أن الفيلم الذى صُنع عن حياة (اد وود) أكثر جمالاً و قيمة فنية من جميع الافلام التى صنعها بنفسه طوال حياته!!
من مخرج أفلام باتمان و عودة باتمان و إدوارد ذو شفرات المقص,يعود إلينا مرة عام 1994 المخرج الرائع (تيم بيرتون)بغرابة أطواره المعهودة و أجوائه الفانتازية المميزة ,المضحكة أحياناً ,السوداوية أحياناً ,والغريبة دائماً,ليقدم لنا واحداً من أفضل أفلام عام 1994 ومن أحلى أفلامه وأكثرها إتقاناً و مرحاً على الإطلاق (Ed Wood) عن السيرة الذاتية للمخرج_ فائق الشهرة_ إدوارد دي ودد جونيور,ولربما تتسائل لماذا فائق الشهرة بين قوسين,فلا تتعجب حين تعرف أن سبب شهرة ادوارد دي وود جونيور الحقيقة هى حصوله عام 1980 باجماع النقاد على لقب(All Time Worst Director)(أسوأ مخرج على مر العصور)حائزاً على جائزة تكريمية خاصة لهذا سميت(The Golden Turkey)(الديك الرومى الذهبى)واكن هذا قبل ابتكار جائزة التوتة الذهبية(The Golden Rasperry) لحسن حظ إد وود أو لسوئه.
تجرى أحداث الفيلم فى فترة الخمسينات من القرن العشرين الفترة الأكثر أهمية و شهرة إذا جاز لنا أن نقول هذا ف حياة إد وود الذى ولد عام 1924 بمدينة (بيكيبسى)بالولايات المتحدة و الذى بدأ عام 1950 فى مجال الاخراج بشغف و حماس كبيرين وحب عميق و حقيقى للسينما , و فترة الخمسينات هى الفترة التى بدأ ‘د وود فى صنع طاقمه الخاص نمجموعة من ممثليه المفضلين و أصدقائه و(معاونيه الماليين أحياناً)وهى الفترة التى تعرف فيها على نجم أفلام الرعب الكلاسيكية الشهير جداً(بيلا لاجوسى) ذو الأصل المجرى والذى أشتهر بتقديم أفلام دراكيولا و مصاصى الدماء فى الثلاثينات والاربعينات وانطفأ نجمه تماماً بحلول عام 1950 عندما تقدم فى السن ولم يعد يصلح لأفلام الرعب. كان هذا حين التقى بيلا لاجوسى بإد وود الذى تحمس للعمل معه وانتشله من البطالة التى يجلس فيها منذ أربعة سنوات بلا أى عمل على الإطلاق ,مستكثراً أن يرى نجم طفولته الأول , وصديق أحلام صباه عندما كان يحلم ان يكون مخرجاً كبيراً (بيلا لاجوسى)هكذا بلا عمل ,هو يملك الفرصة ليساعد النجم الذى عشقه فى صباه وارتبط معه بذكريات الصبا الجميلة.
وليكتمل طاقم إد وود الأسطورىالذى سيستمر معه لفترة طويلة بعد ذلك, يقحم إد وود صديقته دولوريس ومذيعة تليفزيونية فقدت بريقها الجماهيرى تقدم برنامجاً فكاهياً و هى ترتدي ملابس مصاصى الدماء و تطلق على نفسها(فامبايرا),وصديقه(بريكينريدج)الذى يرغب فى تحويل جنسه من رجل إلى امرأةو اثنان من الكومبارسيمثلان للمرة الأولى فى حياتهما و مصارع سويدى هائل الحجم و مدير تصوير مصاب بعمى الألوان !!,ليتشكل فى النهاية أغرب وأفشل طاقم سينمائى فى تاريخ هوليوود بأسرها و ليقدم هذا الطاقم معاً مجموعة طويلة من الأفلام عُدت أسوأ وأردأ الأفلام التى قدمتها هوليوود والأكثر سذاجة و ضعفاً فنياً فى جميع النواحى,طاقم شديد الغرابة و الاضحاك اجتمع بأكمله على الفشل الذريع رغم الود و الحب العارم الذى يجمعه من أول فرد لاخره,والاخلاص المتبادل بين كلِ منهم يجمعهم المخرج الشاب المتحمس الطيب(إد وود). ولكن، لا تدع لهجتى فى الحديث تؤثر عليك فتتصور أن تيم بيرتون قد صنع فيلمه للسخرية من إد وود أو ليلقن المشاهد الاخطاء الإخراجية الفادحة التى لا تغتفر و التى وقع فيها إدوارد وود فهذا غير صحيح على الاطلاق. فبرغم من أن تيم بيرتون قد نثر هذه الأسباب فى أنحاء فيلمه الكوميدي الرائع فى كل مكان ليلتقطها المشاهد و هو يشاهد الفيلم واحداً تلو الاخر,إلا أن تيم بورتون فى الأساس يصنع هنا فيلماً انسانيا جميلاً عن الشاب المتحمس طيب القلب إد وود الذى يخطو أولى خطواته السينمائية, و هو يجرى فى مجال الإخراج بطاقة جبارة وحماسة لا تنطفىء وحب لا متناهى لفن السينما وامال عريضة و أحلام واسعة و انبهار شديد بأستاذ الاخراج الأول فى هوليوود(أورسون ويلز) الذى صنع فيلمه الأول(المواطن كاين) تحفة خالدة فى السينما الأمريكية,ليصنع تيم بيرتون فى فيلمه كوميديا رائعة نابعة من الموقف لا من الشخص. ينأى بنفسه عن الاستهزاء بزميل مهنته إد وود برغم من أنه هو محور الفيلم و هو مصدر الكوميديا فيه,فلا يتعرض له بورتون بأي شكل ظاهر كان أو خفى بالسخرية أو بالاهانة أنت تتابع مخرج متحمس بلا موهبة حقيقية,عاشق للسينما وعلى غير دراية كاملة بآلياتها,محب للفن حباً شديداً برغم بدائية معرفته بمبادئه و قصور قدرته على ابداعه,كما قال أحد مراجعى الفيلم"كعاشق لكرة قدم ممن نراهم من مجانينها و مهووسيها ولكنه لا يجيد اللعب بنفسه",مطعّماً بيرتون فيلمه بأجزاء مقتبسة من أفلام إد وود ويحولها بشكل جميل إلى كوميديا مرحة,متابعاً رحلة اد وود لصنع افلامه وانت معه مستمتعاً ومشفقاً عليه وعلى طاقمه و هم ينتقلون من فشل إلي فشل إلي فشل ليصنعوا اشهر افلام إد وود!
جائت موسيقى الموسيقى الشهير(هوارد شور) المستوحاة فى أحيان كثيرة من موسيقى الجاز التى انتشرت فى الخمسينات , والتى صنعها هو بجمال فى احيان اخرى رائعة و مناسبة تماماً لأجواء الفيلم وخاصةً فى المشهد الختامى,واستحق عنها بجدارة جائزة أفضل موسيقى من أكاديمية افلام الخيال العلمى و الفانتازيا.
كذلك من الجدير بالذكر حركة الكاميرا الانسيابية الجميلة بين الاحداث داخل المكان الواحد ولقطات ال(Close-up)الجميلة على وجه مارتين لاندو فى حركات ناعمة و التى صنعت مع التصوير بالابيض والاسود والاضاءة شديدة التميز_ التى تجىء أحياناً بزوايا غريبة من أسفل لتوحى بالرعب الذى يريد أد وود خلقه فى أفلامه و تجىء أحيانأً مشرقة فى مشاهد خارج الاستوديو لتوحى بالبهجة و الحماس اللذين يكتنفانه، أجواء فانتازية من عوالم خمسينات القرن العشرين من صنع بيرتون!
و من واقع الجوائز الأوسكار التى حصل عليها الفيلم تستطيع أن تستشف بسهولة جوانب اخري للابداع فى الفيلم غير ابداع تيم بيرتون نجم العمل الأول بلا منازع,ففى عام 1995 حصل الفيلم على أوسكارىّ أفضل ممثل مساعد للمثل العجوز(مارتن لاندو) وكذلك على جائزة أفضل ماكياج لطاقم العمل برئاسة العبقرى (ريك بيكر),(يولاندل توسينج)و(فيى نيل)، فقد نجح بيكر لتحويل مارتن لانداو لنسخة طبق الأصل من بيلا لوجوسي العجوز.
إنه فيلم جدير بالمشاهدة بكل المقاييس.
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
أيُّهما أهم: الشغف أم الموهبة ؟! | Hossam Waleed | 0/0 | 4 مايو 2018 |
تـيم بيـرتون و جـونى ديـب فـى أفـضل أفـلامهما. | Amr Abdelkhalek | 1/1 | 22 نوفمبر 2014 |