شاهدت مع الاف المشاهدين فيلم "تيتانيك - النسخة العربية" للفنان شادي سرور، والذي يعتبر من اوائل الأفلام الإحترافية والذي تم اعداده خاصة للعرض على اليوتيوب ومواقع السوشيال ميديا، وهي ولا شك لفتة ذكاء من صناع العمل بمواكبة ايقاع العصر بالهروب من دور العرض التقليدية التي يعاني اغلب صناع الأفلام من انخفاض ايراداتها مقارنة بتكاليف الأنتاج لقلة اقبال الجمهور عليها، وبالتالي الدخول في سلاسة وسهولة دور العرض الألكترونية. وهي ليست جديدة على بطل العمل والذي نجح في تقديم نفسه من قبل لجمهور الأنترنت وسجلت صفحات التواصل الأجتماعي الخاصة به عددا من المتابعين لا يحظى به الكثيرين من المشاهير في المجتمع المصري. الفيلم جاء في صورة معالجة كوميدية للفيلم الأمريكي الشهير Titanic للمخرج جيمس كاميرون انتاج عام 1995 والذي حصد 11 جائزة اوسكار وتم الأحتفاظ بالنسخة الأصلية له في مكتبة الكونجرس الأمريكي كفيلم وثائقي يؤرخ لجزء من تاريخ بدايات القرن العشرين، ولكن على عكس المتوقع، جاء فيلم "تينانيك - النسخة العربية" غير مرضٍ لأغلب مشاهديه، فجاءت اغلب مشاهده اشبه بالأسكتشات الكوميدية المتراصة بجوار بعضها البعض، ورغم ان اغلب الأفلام الكوميدية الحديثة يعتمد على ذلك ولكن مايربطهم سويا هو خيط درامي قوي يجبر المشاهد على الأستمرار في المشاهدة للنهاية بدلا من انهاء المشاهدة في وقت قريب وهو ماحدث مع اغلب مشاهدي "النسخة العربية"..!! قالوا قديما، الفيلم يعني ورق!.. فصناعة الفيلم الجيد الناجح تبدأ من اختيار السيناريو المتماسك الجيد الذي يصور المشاهد ويُحسن تعاقبها ويُجبر المشاهد على الأستمرار في المشاهدة للنهاية ويصعب عليه استنتاج الأحداث التالية وكذا النهاية.. كل هذه المقومات افتقر اليها سيناريو فيلم "النسخة العربية" فجاءت مشاهده غير مترابطة، يمكن تبديل ترتيب بعضها وحذف بعضها الأخر دون التأثير على السياق الدرامي للفيلم، لا سيما مشهد "السمك المدخن"!.. وعلى صفحته الشخصية، اعترف الفنان شادي سرور بأنه لم يتم تنفيذ اكثر من 35% منه بحجة تقليل زمن عرض الفيلم وهذا مع الأسف غير مقبول!.. فكان الأولى تغيير السيناريو بالكامل ليتناسب مع زمن العرض المطلوب دون التأثير على الأحداث والخط الدرامي، فكلنا نعرف الصراعات الدائرة بين صناع الأفلام ومقص الرقيب الذي يطلب حذف مشهد أو أكثر ويتحججون بالإخلال بالسياق الدرامي، فما بالك بفيلم يتم حذف 35% من احداثه!.. فهل يتبقى منه شيء؟.. أيضا جاء تصوير مشاهد الفيلم هزيلا وبدائيا في كثير من المشاهد واللقطات، فالفيلم يفتقر الى اللقطات أو الكادرات المتميزة، والتي قد تلفت انتباه المشاهد وتغطي على ركاكة السيناريو، رغم غنى الديكور الملحوظ في عديد من المشاهد، ولكن المُشاهد قد لا يشعر بهذا لعدم إلتفات الكاميرا له في اغلب اللقطات. كذلك جاءت بعض الكادرات مقتطعة cropped بطريقة غير صحيحة أو غير فنية، لا سيما كادرات مشهد تفتيش البطل "چاك" ورفيقه عند دخلوهم السفينة، ليظهر الغرض الحقيقي من المشهد عندما يخرج منتج غذائي من الشنطة ويقول البطل: ده لزوم القرمشة ياباشا!!.. فنحن جميعا نعلم اهمية الأستعانة بالدعاية لمنتج أو أكثر ضمن أحداث الفيلم لتحمُّل بعض نفقات الأنتاج، ولكن حينما يكون عرض المنتج بطريقة فجة أو غير احترافية يكون اشبه بفاصل اعلاني تخلل الأحداث وهذا ما يمله المشاهد دوما في مسلسلات رمضان. ينظر أغلب صناع السينما لمنتجاتهم بصورة تجارية بحتة عندما تتركز اهتماماتهم عند شباك التذاكر حتى يدرّ عليهم ماتم انفاقه على الفيلم مع هامش ربح بسيط ثم لا يلتفتون لمصيره فيما بعد! وهذا ما يفرق بعض الأفلام التي يستمر عرضها لسنوات وسنوات، يشاهدها المشاهد دون ملل وينتظرها على شاشات الفضائيات، وبين افلام اخرى يغيرون القناه بمجرد مشاهدة اعلاناتها.. وبالنسبة لفيلمنا هذا كان يجب على صناع العمل النظر لمصير الفيلم بعد المشاهدة الأولى إن اكتملت اساسا!.. لأن مايحقق المشاهدات المتزايدة هو المشاهدة عدد من المرات وليست المشاهدة مرة واحدة فقط والتي يتوقف عدادها عن الدوران بعد فترة من الزمن طالت أو قصرت!.. وعلى نطاق السوشيال ميديا جاءت اغلب الهاشتاجات و التعليقات على الفيلم تعكس عدم رضا من اغلب المشاهدين واكثرهم تفاؤلا هو من نظر لحداثة سن بطل الفيلم مقارنة بما حققه من نجاح تعكسه المتابعات المختلفة لصفحاته على السوشيال ميديا. وختاما، همسة في أذن الفنان شادي سرور: انت فنان ناجح، نجحت في تقديم نفسك للمشاهد بطريقة، رغم اختلاف البعض عليها، خلقت جمهورا كبيرا لفيديوهاتك يعكسه بوضوح كمّ المتابعين لصفحاتك وقنواتك على مواقع التواصل الأجتماعي. ولكن النجاح لا يتوقف الا اذا توقف الشخص عن تطوير نفسه وأداءه، وقد اخترت بنفسك الخروج من شرنقة الفيديوهات والاسكتشات الكوميدية الى طور الأحتراف والأفلام التجارية السينمائية الكبيرة، ومطلوب منك تطوير اداءك ليتناسب مع المرحلة الجديدة. كذلك الأستعانة بالمتخصصين واقتسام العمل مع باقي اعضاء فريق العمل، بمعنى (إدي العيش لخبازه) فالسيناريو له ناسه المتخصصه، وكذلك المونتاچ والأخراج، لخلق عمل جيد يعيش لسنوات وسنوات. أعلم جيدا ان حداثة سنك بالنسبة لكمّ النجاح الذي حققته في سنوات قليلة هو عامل جيد وفي حد ذاته نجاح ولا شك، ولكن اهم من النجاح هو المحافظة عليه، وبداية السقوط هو الغرور، فهناك خيط رفيع بين الثقة بالنفس والإحساس الزائد بالنفس.. وهو عين الغرور!.. عليك ايضا تقبّل انتقادات المشاهدين التي تعكس اغلبها اعجاب كبير كان ينتظر صاحبه مستوى مرتفع وخاب أمله، فعليك مزيد من الأجتهاد لا ينقصك الهِمّة لتحقيقه.. طارق محمد الشافعي Tw.: @ttttarek
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
تيتانيك.. فيلم غرق في محيط الأنترنت | Tarek Elshafei | 0/0 | 14 سبتمبر 2016 |