أراء حرة: فيلم - اليتيمتين - 1948


اليتيمتين: فيلم الزمن الجميل الذي أعاد إلينا إنسانيتنا

يرى الكثير منا أن أفلام "الزمن الجميل" هي أكثر الأعمال التي تعبر عن شخصيتنا وتركيبتنا الاجتماعية الأصيلة. نبحث من خلالها، في شخصياتها وأحداثها، عن النبل والطيبة والمعاني التي فقدها كثيرون في حياتهم اليومية. وفيلم "اليتيمتان" يُعيد إحياء تلك الروح، بما يحمله من مشاعر إنسانية وقيم نبيلة. تدور أحداث الفيلم حول رجل بسيط يُدعى "عم مرسي"، طيب القلب ومتواضع الحال. أثناء عودته من عمله في منتصف الليل، يسمع بكاء طفلة رضيعة ملقاة في لفافة على جانب الطريق. تستيقظ في قلبه مشاعر الرحمة والحنان، فيأخذ الطفلة...اقرأ المزيد إلى بيته، رغم ظروفه الصعبة. كان لعم مرسي ابنة في نفس عمر هذه الطفلة، تُدعى "سنية" (ثريا حلمي)، فيقرر أن يربي الرضيعة مع ابنته، ويطلق عليها اسم "نعمت" (فاتن حمامة). تكبر الفتاتان معًا كأختين، لكن القدر يفرق بينهما بعد أن تفقد نعمت بصرها، وتتغير مجريات حياتها. تمر السنوات، وتتعرف سنية على شاب ثري يقع في حبها، بينما تسقط نعمت في براثن امرأة عجوز قاسية تُدعى "فضة" (نجمة إبراهيم)، تستغل فقدانها للبصر وتُجبرها على التسول. في المقابل، يتعلق بها ابن فضة، الشاب الطيب "حسونة" (فاخر فاخر)، ويقرر أن يساعدها على الهرب من تسلط والدته. القصة جميلة وعميقة، وتتخللها معانٍ إنسانية نبيلة تجسدت في شخصيات الفتاتين، وفي شخصية حسونة الذي ضحى بموقفه من أمه لمساعدة الفتاة التي أحبها. كما تميز الفيلم بتصوير ملامح المجتمع المصري الحقيقي، بكل صدقه وبساطته، من خلال تفاصيل الشخصيات والبيئة. برع الفنان فاخر فاخر في تقديم شخصية "حسونة"، ونجح في إيصال مشاعر متداخلة من الحزن والرومانسية، مما أضفى على الدور عمقًا كبيرًا. أما شخصية نعمت، التي قامت بدورها فاتن حمامة، فكانت المحور الأساسي للأحداث، وقد كُتبت بشكل منطقي ومتسق منذ أول مشهد وحتى النهاية. رغم أن دور عزيزة حلمي في الفيلم لم يكن كبيرًا أو محوريًا، إلا أنه خدم النهاية ببساطة وتلقائية. أما مشهد الختام، فقد كان من أجمل مشاهد الفيلم، حيث نجح المخرج حسن الإمام في تقديم نهاية تؤكد انتصار الخير على الشر، وهو ما يتوق إليه الجمهور دومًا في مثل هذه الأعمال الإنسانية.