هو أول فيلم أيراني يتم ترشيحه لجائزة أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية (عام ١٩٩٨)، الفيلم قريب بعض الشيء لروح السينما الأوروبية، حيث البساطة والواقعية. كيفية صنع مجيد مجيدي (مؤلف ومخرج الفيلم) فيلما كاملا من فكرة بمثل هذة البساطة لهو أمر يستحق التأمل. فالفيلم كله مبنى على خطأ بسيط غير مقصود بل وارد في مثل عمر مُرتكِبه، ولكنه لأسباب قد أحكم مجيد مجيدي بناءها ليس من السهل تدراكه أو اصلاحه، ولكن الفيلم لا يحاول تضخيم المشكلة، بل يكتفي بالبساطة في كل شيء حتى المشكلة، فيبتعد كل البعد عن عالم الكبار وينطلق...اقرأ المزيد مع الصغار ويدخل عالمهم الطفولي البسيط، ولذلك تأتي الاقتراحات والحلول بسيطة مثلهم، و هنا تكمن احدى نقاط الجمال في الفيلم حيث يبني المخرج أول الأركان الثابتة فى عالم الفيلم، فيستخدم الحل الطفولي التلقائي في رسم وتكرار مشهد مُعين حتى ينشأ بينك كمشاهد وبين ذلك المشهد علاقة وطيدة، تجعلك تنتظره، تتحمس له، تلهث إليه، تخشى أن تتأخر، ولكن ماذا سيحدث لو تأخرت؟ تحبس أنفاسك، خوفاً من العواقب. ها أنت تدخل عالم الصغار دون أن تشعر، تلعب معهم لعبتهم السرية، تخطط معهم وتتمنى ألا يتم اكتشاف فعلتكم، ينكسر قلبك لرؤية نظرة خيبة أمل على وجه أحدهم، تتمسك بمقعدك بينما يوشكون على فقد السيطرة. من المشاهد التي ستلمس عالمك أنت الخاص، نقاش طفولي حول المشكلة وكيفية التصرف حيالها، لأن الطريقة التي يختارها الصغار للتحدث دون أن يكشفهم الكبار، هي طريقة على الأغلب كنت ستلجأ إليها أنت لو كنت في مثل عمرهم ومثل موقفهم وربما قد لجأت إليها بالفعل في طفولتك. يستخدم الفيلم أساليب الحكي والتوضيح الأكثر بساطة ولكنه في الوقت ذاته يتأكد من كونها بعيدة عن المباشرة الغير مرغوبة أو الحشو المصطنع، فأنت لن تستنتج ما سيحدث بعد ٣ دقائق من الآن ولكن بعد أن تراه ستشعر أنه الأكثر منطقية وواقعية كما أنه الأنسب لروح الفيلم. اللحظة الوحيدة التي ربما لم أشعر أنها أفضل أختيار في الفيلم، هي لحظة التذكر (السمعي) في أحد المشاهد، ولكن ربما بالنظر لسنة انتاج الفيلم وبالنظر إلى رغبة صانع الفيلم في توصيله لفئة بسيطة وصغيرة السن، ربما يبرر له هذا الاختيار. يكمن جمال الفيلم في بساطته، وهو ما نفتقده في معظم أفلامنا المصرية. أخيراً أود أن أذكر شيئا من رأي "روچر إبرت" (الناقد السينمائي الأشهر) عن الفيلم، فإلى جانب أنه قام باعطائه أعلى تقييم، فقد أكد روچر أنه فيلم مثالي للأطفال، والكبار، وأنه يود تشجيع الأباء على تعريف أبنائهم على مثل هذا الفيلم، حيث مصداقيته وقربه لعالمهم، كما أن المشكلة التي يدور عنها الفيلم هي مشكلة سيتفهمها ويتعاطف معها بل وسيشعر بالتشويق والأثارة نحوها أي طفل، فهي أزمة واقعية في مثل هذا العمر وربما مر بها كل الأطفال، كما أن الفيلم يُلقي الضوء على قيم جميلة وخيرة، خيرٌ لهم من مشاهدة أفلام الأكشن التي تحثهم على استخدام العنف "أحياناً" مع أشقاءهم أو أصدقائهم. هذا لا يعني أنه فيلم للأطفال، هو يحثكم على مشاهدته، كما أرجوكم أنا :)