لاحظت مؤخرا انتشار ظاهرة ما أسميه بالفراغ الإنتاجي وهي انتاج الكثير من الأفلام التي تحيي ذكرى نسختها القديمة وتطيح بالغبار من أعلاها ليعيد الجمهور رؤياها لكنها في حقيقة الأمر غالبا ما تسئ لها لتركيزها دوما على الإبهار البصري والسمعي دون الاهتمام بقصة الفيلم ذاتها التي يرتكز عليها الفيلم القديم وهو الأمر الذي مهما بلغ إتقانه لن يجدي نفعا للمشاهد الذي يبحث دوما عن مضمون يجذب عقله وذهنه قبل بحثه عن مؤثر يجذب عينه وأذنه ومن أمثلة تلك الأفلام (clash of the titans)، (conan the barbarian) وفيلمنا هذا...اقرأ المزيد (fright night) والذي أنتج للمرة الأولى عام 1985. تدور أحداث الفيلم حول الطالب الجامعي "تشارلي" الذي يمكث مع والدته بمفردهما ويتعرف على جارهما الجديد "جيري" وبعد سلسلة من الاختفاءات المفاجئة لأصدقاء تشارلي ييقن رويدا رويدا أن جاره الجديد جيري ما هو إلا مصاص دماء لعين حينها يعقد على حماية والدته وأيضا حبيبته "إيمي" من أنياب ذلك الدامي بل ودراسة أصوله وأعماق حياته من أجل معرفة كيفية القضاء عليه. ترى أينجح الشاب في إنهاء خلود ذلك الوحش الفاتك؟! ما أدهشني هنا أن المخرج " جريج جيليسبي" لم يتعامل مع الفيلم على أنه ينتمي إلى أفلام الرعب التي تحمل الطابع الهزلي كما يصنف فيلمه بذلك فأنا لم ابتسم لحظة طيلة أحداث الفيلم والأغرب من ذلك أنه عندما بدت ملامح الابتسامة ترتسم على شفاهي كانت نتيجة أخطاءه الساذجة والغير مقبولة بتاتا فمصاص الدماء هنا مثلا يأكل التفاح ويحلي بالبيرة وكأنه يثمل من أجل نسيان مأساته الأبدية وهذا مؤكدا غير منطقي بدنيا مصاصي الدماء كما أن الحديد طبقا لما درسته بالمرحلة الإبتدائية لا يطفو في الماء مثلما حدث مع أحد أبطال الفيلم عندما امتص دمه جيري بحمام السباحة وغرق وإذا بصليبه الحديدي يطفو وكأنه خشب أجوف ولو أنك تغاضيت عن تلك الأخطاء فلن تتغاضى أبدا عن امتصاصه دماء إحدى البطلات لمدة ما تقرب من 30 ثانية أي أنه امتص دماء تكفي لإنقاذ 3 أشخاص انقلب بهم سائق (توك توك) أرعن وفقدوا الكثير من الدماء وإذا بي أجد تلك البطلة بالمشهد اللاحق مباشرة بدلا من أن تتوفاها المنية تركض أثناء هروبها وكأنها في سباق مارثون . أما عن تطور التصوير والكاميرات والــ 3D والذي من المفترض أن يفصل بين ذلك الفيلم ونسخته القديمة فأنا أجده أنه يعيب عليه أكثر من كونه يخدمه وهذا ما بدا تماما قبل كل مرة يتعطش فيها جيري للدماء فتجد أسنانه بالكامل تتبدل بسرعة رهيبة فتارة تحتد وأخرى يزيد طولها وثالثة ينقص عددها وكأنك تقلب صفحات كتالوج لأطقم الأسنان كما أنه عند مقتل مصاص الدماء بتعرضه لأشعة الشمس تجد مفرقعات وهالات كأنها احتفالات عيد الفطر على عكس الأفلام القديمة التي تقنعك بمنطقية مقتل مصاص الدماء بدء بحرق جلده وتفحم جسده ثم تحوله رمادا يتطاير بالهواء. ورغم كل هذا فالفيلم رائع في مؤثراته الصوتية التي استمتعت بها كثيرا لذا فإن كنت تجيد الإنجليزية أنصحك بسماعه فقط أثناء عطلتك الإسبوعية لإن رؤيته لن تضفي لك جديد.