ينفى أحد القضاة الحلاق (بينجامين باركر) بعيدًا وظلمًا بهدف الحصول على زوجته وابنته ثم يعود بنجامين باركر مرة أخرى لكن باسم مستعار (سوينى تود) ليبدأ رحلة الانتقام بمساعدة امرأة تدعى السيدة (لوفيت)...اقرأ المزيد تحاول مساعدته عندما تتعرف على محنته.
ينفى أحد القضاة الحلاق (بينجامين باركر) بعيدًا وظلمًا بهدف الحصول على زوجته وابنته ثم يعود بنجامين باركر مرة أخرى لكن باسم مستعار (سوينى تود) ليبدأ رحلة الانتقام بمساعدة امرأة تدعى...اقرأ المزيد السيدة (لوفيت) تحاول مساعدته عندما تتعرف على محنته.
المزيديُعد فيلم سويني تود: حلاق شارع فليت الشيطاني من تلك الأفلام التي لا تفقد سحرها مع الإعادة، بل تزداد متعة مشاهدته رغم أجوائه القاتمة وسوداويته الطاغية. القصة، التي تتبع رحلة الانتقام الدموية لبنجامين باركر ضد القاضي توربين الذي سرق منه حياته، ليست أصلية بل مقتبسة من المسرحية الموسيقية لـ ستيفن سونديم. ومع ذلك، فإن الصيغة السينمائية للفيلم تتفوق بوضوح، والفضل في ذلك يعود إلى عوامل عدة، أبرزها الإخراج العبقري لـ تيم برتون. لا شك أننا محظوظون بأن المخرج سام ميندز انسحب من المشروع، مما أتاح الفرصة...اقرأ المزيد لبرتون ليترك بصمته القوطية الفريدة على الفيلم. بأسلوب بصري يتسم بألوان باهتة تتخللها بقع دماء صارخة، وديكورات كئيبة تعزز الإحساس بالاختناق، خلق برتون عالمًا سينمائيًا غارقًا في الرهبة والمأساوية. أدار الممثلين بأسلوب يجعل الأداءات غامضة لكنها مفعمة بالمشاعر المكبوتة، واعتمد على السرد الموسيقي لا كعنصر ترفيهي، بل كأداة لزيادة التوتر النفسي والتصاعد الدرامي. أما السيناريو، فقد كان في أيدٍ خبيرة مع جون لوجان، الذي استطاع أن يحافظ على جوهر المسرحية مع تعديلات جعلت السرد أكثر إحكامًا وسلاسة. ركّز على تطوير الشخصيات وتعميق دوافعها، فجاءت الحوارات مكثفة وسريعة الإيقاع، مما زاد من ثقل الدراما دون أن يفقد الفيلم إيقاعه المشدود. وعندما نتحدث عن الأداءات التمثيلية، لا يمكن تجاهل جوني ديب، الذي تألق في واحد من أفضل أدواره. شخصية سويني تود، ببرودها القاتم وعمقها النفسي المعقد، احتاجت إلى ممثل يجيد التعبير عن العذاب الداخلي، وهو ما أتقنه ديب بامتياز عبر نظراته الحادة وتعابيره المتحجرة التي تخفي وراءها بركانًا من الغضب والألم. ورغم أنه لم يكن مغنيًا محترفًا، إلا أن أداءه الغنائي جاء مناسبًا تمامًا لطبيعة الشخصية، ما جعله يستحق ترشيحه لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل عام 2008، رغم خسارته أمام الأداء الأيقوني لـ دانييل دي لويس في ستسيل الدماء. على الجانب الآخر، قدمت هيلينا بونهام كارتر أداءً متقنًا لشخصية السيدة لوفيت، المرأة الغريبة الأطوار التي تحمل في داخلها مشاعر رومانسية تتناقض تمامًا مع عالمها المليء بالسواد. أداؤها لم يكن مجرد دعم للبطل، بل أعطى القصة بُعدًا نفسيًا إضافيًا عزّز من تراجيديتها. بجانب جوني ديب وهيلينا بونهام كارتر، قدّم باقي الممثلين أداءً قويًا ساهم في نجاح الفيلم. آلان ريكمان برع في تجسيد القاضي توربين، ليعكس الاستبداد والوحشية بهدوء. تيموثي سبال أضفى على شخصية بيادل بامفورد طابعًا زاحفًا وشريرًا، بينما أضاف جيمي كامبل باور لمسة من البراءة كالعاشق الشاب. جين ويسينر نقلت ببراعة قهر شخصية جوانا، في حين جعل إد ساندرز الصغير شخصية محورية مؤثرة. هذا التنوع في الأداءات أضاف تماسكًا وعمقًا للفيلم. في النهاية، سويني تود ليس مجرد فيلم موسيقي أو دراما انتقامية، بل هو تجربة سينمائية متكاملة، يجتمع فيها الإخراج البصري الأخّاذ، والسيناريو المتماسك، والأداءات القوية، ليكون واحدًا من أفضل أعمال ثنائية تيم برتون وجوني ديب على الإطلاق.