أراء حرة: فيلم - Rush - 2013


عن الرجالِ والشغف

في مُفتتح الفيلم، يقول بطله «جيمس هانت» أن هنا 2 من أصل 25 متسابق لسباق السيارات «فورميلا وان» يلقيان حتفهم بشكلٍ سنوي، بينما يعتقد «نيكي لاودا»، البطل الآخر، أنه يقبل في كل مرة يركب فيها سيارته باحتمالية الـ20% بأن يفقد حياته، أكثر من ذلك لا يقبل ولكن تلك النسبة مَعقولة، ما الذي يدفع الرجال فعلاً للرهانِ على حياتهم عشرات المرَّات كل عام في كل سباق جديد؟ إنه أمر يتجاوز المجد أو المال أو طلب الشهرة، السبب الحقيقي لرهانٍ مثل هذا هو الشغف. يَحكي الفيلم القصة الحقيقية للتنافس الشرس الذي جمع «هانت»...اقرأ المزيد و«لاودا» في سباق «فورميلا وان» خلال منتصف السبعينات، ويتتبع الحكاية من بدايتها، وصولاً لهذا الموسم التاريخي عام 1976 الذي ظل فيه الصراع على البطولة مستمر من بلدٍ إلى أخرى، ومن مضمارِ سباق إلى آخر، عبر عدة شهور وخلال العديد من التحولات الدرامية في حياتهم وعلاقتهم، وذلك حتى النَّفَس والثانية الأخيرة. أجمل ما في هذا الفيلم هو الطريقة التي يَحكي بيها السيناريست العبقري "بيتر مورجان" حكايته، يَفعل ما فعله من قبل في فيلمه Frost/Nixon، وقبلها في نصه العظيم The Queen، يأخذ حكاية ذات أصل تاريخي، ويقترب بشدة من الصراع بين بطليها، ومن خلال الملحمية في هذا الصراع، لاختلاف وجهات النظر السياسية في الفيلمين السابقين، أو لكونه سباقاً رياضياً مباشراً في هذا الفيلم، يُبقي الوَتَر الدرامي مشدوداً حتى آخر نَفس، ويصنع بعض من المشاهد الحوارية واللحظات السينمائية التي لا تنسى. منذ البداية يبدو الفارق بين «لاودا» و«هانت» واضحاً، إخلاص الأول لما يفعله، جديته الشديدة، تدريبه المستمر، إنه شخص لا يوجد في حياته سوى عمله، على الناحيةِ الأخرى يبدو «هانت» يريد أن يَسعد بحياته، بالحفلات والأصدقاء والسيدات اللاتي أحببهن، ولأن السيارات ضمن التفاصيل التي تسعده فهو يمارسها بشغفٍ، هذا الاختلاف الواضح يتبلور أكثر مع وضوح أنهم أكثر الأفراد موهبة في السباق، ليبدأ التحدي بينهم. الأجمل من ذلك ربما هو الطريقة التي يصيران بها صديقين بشكل غير منطوق، كيف يدفع هذا الصراع شخوصهم نحو الأفضل، يدفع «لاودا» لأن يخرج بعيداً عن دائرة أمانه ويصبح قابلاً للحب والتعلق بامرأة، ولاحقاً للحفاظِ على حياته كاملة ومنحة عزيمة استثنائية لتجاوز المحنة العاصفة التي مر بها، ويدفع «هانت» نحو جدية أكبر في عمله ورغبة مُلحة في أن يكون أفضل فقط ليتفوق على مُنافسه، «لقد دفعتني إلى أقصى حد ممكن، وكان هذا شعوراً رائعاً»، أمر مشابه لأن تحكي حكاية عن تنافس «ميسي» و«رونالدو» في كرة القدم حالياً، هي ذات الحكاية عن الرجال والشغف والرغبة في التفوق والأفضلية. كل هذا التداخل واللهاث الذي جرى على مدى ساعة ونصف، يتبلور في مشهد ختامي عَظيم، يبدو على النسق الذي يحبه «مورجان» في أفلامه، يَقف الشخصان في مواجهة بعضهم، ويُبيحان بتاريخٍ كامل، الكثير من الاحترام والمَحَبة المخفية تحت حدة ومَلحمية التنافس، مشهد استثنائي، منحه صوت «نيكي لاودا» الحقيقية قيمة عَظيمة، ومنحته الطريقة التي قام بها المخرج «رون هاورد» بتقطيعه حساً شاعرياً مميزاً للغاية، ليكمل عمله الإخراجي المميز خلال الفيلم كاملاً. «رون هاورد» ليس مخرجاً عظيماً، ولكنه جيد للغاية في حكي حكايات كهذه، الحكايات الحقيقية ذات الحِدّة الدرامية والنفس الملحمي، شيء يظهر في أفلامه الأهم Apollo 13 أو A Beautiful Mind أو Cinderella Man أو Frost/Nixon، وحالياً ينضم لهم Rush بكل تأكيد. «هاورد»، الذي لم يكن يعرف شيئاً عن سباق الفورميلا قبل بدء التحضير للفيلم، كان رائعاً في تقديمه للعالم، في ملامسته للشغف، في الإيقاع الذي بنى به كل شيء منذ الثانية الأولى، والمناسب لعملٍ يدور بشكلٍ أو بآخر حول السرعة، اختيار الكتابة على الشاشة، أو الاستخدام الذكي للناريشن في البداية والختام، أو استخدام اللقطات الحقيقية للسباقات في تلفزيوناتٍ قريبة، كلها أمور رفعت كثيراً من قيمة الفيلم، وأظهرت الجوانب الأكثر إيجابية وأهمية في نَص «بيتر مورجان». الأهم من كل هذا هو قيادة «هاورد» لبطلي الفيلم في أداءاتٍ كبيرة كهذه، "كريس هيسمورث" في أول دور حقيقي في مسيرته ربما، بعيداً عن «ثور» وعالم «مارفيل» أو «سنو وايت» وقناصها، يشكل صورة رائعة جداً لـ«هانت» هو بطل محبوب وخفيف وقريب للقلب، على الناحية الأخرى يقدم الممثل الألماني «دانيال بروهل» أفضل أداءات الفيلم وواحد من أفضل أداءات العام بشكلٍ عام، حاد وعملي وشغوف، مُعتز جداً بنفسه، يعبر عن محبته بتحجُّر، ويجبرك على محبته واحترامه، كذلك المشهد الذي يسأله فيه الصحفي عن تشوه وجهه، أو النظرات العظيمة بينه وبين زوجته عندما يتوقف في السباق الأخير، أو ملامحه وهو يستمع للنتائج في الراديو، «بروهل» بعد عشر سنوات من فيلمه الشهير Good Bye Lenin يبدو ناضجاً فعلاً، وعلى الأغلب سينال ترشيحه الأول للأوسكار في فئة أفضل ممثل مساعد. مجملاً، هذا فيلم جيد للغاية لهذا العام، واحد من أفلام هوليوود الجميلة والممتعة، الرفاهية والقيمة الفنية الحقيقية في ذات الوقت، من الرائع أن يكون اجتماع «مورجان» و«هاورد» بعد خمس سنوات من فيلمهم الكبير Frost/Nixon بعملٍ مثل هذا، ومن الرائع جداً أن يقدم فيلماً رياضياً يلامس فكرة «الشغف» بهذا القدر، أداءات ممتازة، لحظات سينمائية كبيرة، هفوات لا تقلل من قيمته الإجمالية كواحد من أفلام 2013 المهمة.


حوار شيق ومشاهد ممتعة

أفلام سباقات السيارات، أو الأفلام اللي بتتناول رياضة معينة زي كرة القدم، أو السلة، أو البيسبول بتبقى محتاجة دايما سيناريو خاص وطريقة تصوير خاصة، والخطوط الدرامية فيها بتبقى معقدة ومش بسيطة ومحتاجة تفسيرات كتير اوي، ودايما بنشوفها بتتفرع لأكثر من فرع زي إنها بتتناول سيرة ذاتية مثلا لبطل من أبطال تلك الرياضة، أو بتعرض مسابقة من المسابقات العالمية المهمة وبجانب ده بتغلغل في حياة أبطالها والقائمين عليها، وفيلم (RUS) للمخرج (رون هارود) تناول سباق من سباقات السيارات العالمية المعروفة باسم (الفورمالا...اقرأ المزيد 1) فيلم من إخراج (رون هاورد) وبطولة الممثل (كريس هيمسورث) وبيشاركه البطولة (دانيال بروهل) تدور أحداثه حول أهم سباق للسيارات عام 1976 والمعروف بـ (الفورمالات 1) متناولا حقيقة المنافسة الطاغية التي دارت بين أبطاله وقتها وهما (جيمس هانت، ونيكي لاودا)... مبدئيا المخرج هاورد تمكن بحرافية بالغة في تقديم مشاهد غاية في الابهار ، خاصة المشاهد التي دارت فيها السباقات، وظهر ذلك بشكل واضح من خلال حركة الكاميرا وتصوير أبعد الأماكن أثناء السباق، وكذلك القدرة على استخدام سيارات قريبة إلى حد كبير للسيارات الحقيقة المستخدمة في السباق، والمغامرات التي حدثت والمخاطر التي حفت بالسباق، ، لكن كان البطل الوحيد والاساسي في فيلم (Rush) هو الحوار اللي كتبه (بتير مورجان) وقدر من خلاله إن يظهر السمات الخاصة بكل شخصية بالفيلم، واعتمد عليه في التأثيرات الدرامية وهنلاحظ ده في الحوارات اللي جرت بين البطلين هانت ولاودا. ومشاعر كل منهما واحساسهما تجاه بعضهما، أيضا شخصية حبيبة جيمس التي قامت بدورها الممثلة أوليفا ويلدا وتمكنها من الوقوف أمام الصعوبات التي واجهت جيمس. وإذا تحدثنا عن الأداء التمثيلي لأبطال العمل فاعتقد أن المخرج (رون) استطاع بجدارة أن يختار ممثلين مناسبين لشخصيات الفيلم، فاختيار (هيمسورث) لشخصية المتسابق جيمس البريطاني كان من أفضل الاختيارت، لما يملكه هيمسورث من موهبة مكنته من العيش داخل شخصية جميس بشكل كبير حتى أن استهتاره وسوء سلوكه يدفعك في بعض الأحيان للغيظ، والاستفزاز والغضب. ونجح بشكل كبير في تكوين انطباع البريطاني البارد المغرور لدى المُشاهد، في الوقت اللي قدر فيه (دانيا بروهل) يخرج هو الأخر بشخصية متميزة ليقدم دور المتسابق النمساوي صعب المراس دائما نيكي لاودا وحلمه الوحيد هو الأخر أن يقود سيارة الفورمالا 1 محاولا تحقيقه بأي شكل كان بالرغم من الصعوبات والمشاكل التي وقع فيها وقدرته على تخطي الحادث الذي كاد ينهي حياته ليبدأ من جديد. أيضا الموسيقى التصويرية اللي وضعها (هانز زيمر) كانت مناسبة جدا للمشاهد والأحداث واتسمت بالسرعة والحماسية، ايضا موسيقى الروك اللي استخدمت في بعض المشاهد. الفيلم يستحق أن يشاهد أكثر من مرة, واعتقد أنه سيتم ترشيحه للأوسكار ويجب التنويه على أنه يحتوي على العديد من المشاهد الجنسية والألفاظ الخارجة.