إنها ليست التيمة المستهلكة دائمًا في الحديث عن النصر والمجد.. وليست أيضًا الحبكة التي ستجهدك بالتساؤل عن من المخطئ ومن البطل.. أو النهاية التى تصدر الحكم النهائى وتفرضه عليك ، إنها باختصار قصة ذلك الكيان الفولاذى.. كتلة المعدن التي تسير مجبرة لتحطم وتدهس وتحرق.. كتلة المعدن التي لم تشكل الدبابة (fury) فحسب ، بل امتزجت بقلب ووعى كل روادها الخمس. نجح ديفيد آير في إدارة ذلك المزيج الغريب والقاسى ، نجح من خلال خمسة من مجانين التمثيل أن يضفى من روح المعدن على أرواحهم.. فرغم أنه مخرج قد اقتحم المجال...اقرأ المزيد متأخرًا (37 عامًا) ولم يكتف بذلك.. بل طلب منذ بداية دخوله أن يرفع الأوزان الثقيلة ، فكانت أولى تجاربه مع كرستيان بال في (harsh times) عام 2005 ليثبت أنه مخرج قد تمرن بما يكفى ليبارى المحترفين. ولم يكتف بتصوير ذلك المزيج فقط ، بل تحداك في أن يريك مراحل ذلك المزيج من خلال نورمان إلسون (لوجان ليرمان).. في تفاصيل ربما كانت تقليدية على صعيد القصة -التي كتبها ديفيد أيضًا- ولكنها كانت أصلية إلى حد كبير من حيث الإخراج. وكانت تلك المراحل هي: 1-مرحلة التسخين.. وذلك عند استقباله الفاتر من قائده (براد بيت) ومداعبات زملاءه الجلفة المستمرة (شيا لابوف) و(مايكل بينا) و(جون برنثال) ، وأيضًا عندمًا مات أمامه أول ضحية عند تفجير بعض المراهقين الألمان الدبابة المتصدرة في المقدمة. 2-مرحلة الإنصهار.. وذلك من خلال ثلاثة أحداث رئيسية ، الأول عند إجباره على قتل ذلك الأسير الألماني من قبل قائده (براد بيت) ، والثانى عند قصف المنزل الذى استضافهما لفترة ورأى تحت الأنقاض الفتاة الألمانية التي عاشرها فبدأ من خلالها يجرع المسكن الأول والوحيد من ويلات ما لقيه منذ بدأت مأساته مع الحرب ، والثالث عندما تم تدمير جميع الدبابات باستثناء (fury) لتصارع وحدها وتكمل المهمه. 3-مرحلة الإنسجام.. فقد بدأ حينها نورمان يتعامل مع الواقع ويشارك زملاءه ، فبدأ يظهر تأثير (fury) عليه وما أضافته على شخصيته وروحه من معدن تغلغل في أعماقه وجعله كزملاءه.. فيلعن الألمان ويهاجمهم بحقد. من النقاط اللافتة أيضًا هي الجو شبه الأسرى الذى كان يسود بداخل الدبابة (fury) ساعد على شحنه بضع حكايات ونوادر عن رحلات الطاقم معًا في مواجهة العدو النازى في مختلف بقاع الأرض ، وجملة ساخرة كررها الطاقم كثيرًا لتصبح من الجمل المميزة والأصلية أيضًا وهى (the best job I have ever had) مشيرين إلى عملهم كجنود.. وكأنما تظل انسانيتهم تقاوم الطبيعية المعدنية الباردة التي زرعتها بداخلهم الحرب وأمدتها الدبابة (fury) بالمواد الأولية. من تلك الأشياء المميزة للفيلم أيضًا كفيلم حربى هو إعتماده على تصوير المأساة بمشاهد تهاجم الكرامة الإنسانية مباشرة أكثر من اعتماده على الكثير من الدم (وهو موجود بالطبع).. ولعل من أقرب الأمثلة وأكثرها فجاجة هو مشهد بقايا الجثة المهترئة التي يغطيها الطين والتي تعبر من فوقها (fury) كما عبرت من فوقها عشرات الدبابات الأخرى من قبل ، وكمشاهد الألمان الذين رفضوا الحرب فتم قتلهم وتعليق جثثهم في أرجاء المدينة مع عبارات مخزية ، أو كمشهد بسيط جدًا وهو تلك الأسيرة الألمانية التي عرضت الجنس بكل بساطة وأريحية على الجنود مقابل شى من الحماية. ممثلين مجتهدين (لعل أقلهم كان مايكل بينا) وديكورات ومواقع مقنعة وتصوير يركلك بكل قسوة إلى جو الحرب والألم والمعاناة ، بإختصار هو فيلم جيد جدًا (كعادة معظم الأفلام المصروف عليها.. أه.. والتي يشارك فيها براد بيت بالطبع) تقييمى للفيلم هو 7\10.. ليس 9 لأن الفيلم ظل هائمًا بلا ذروة معظم الوقت (هذا إن اعتبرنا أن تفجيير باقى الدبابات ذروة للأحداث).. وليس أيضًا 8 لأن الفيلم (كقصة) وقع في فخ التيمة التقليدية.. وجود مجموعة (5 دبابات) لا يجعلك تتفاعل إلا مع كيان واحد منهم ويقتل الباقى بالتدريج ليتبقى البطل (fury) ويكمل المهمة وحده.. تيمة تكررت في أفلام مغامرات وحروب عدة ولكن مازال يمكن اعتبارها أصلية من جانب ما عند الأخذ في الأعتبار أن البطل دبابة وليس شخص.