فور الإعلان عن اختيار الفيلم الوثائقي "الميدان" للمخرجة المصرية المقيمة في أمريكا جيهان نجيم ليكون واحدًا من الأفلام الخمسة المتنافسة على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي لهذا العام، نال الفيلم موجة عارمة وغير اعتيادية من الاهتمام الإعلامي، وفردت له مساحات هائلة من النقاش في الصحف والمواقع الإخبارية والبرامج التليفزيونية، وهذا الاهتمام – بالتأكيد - أمر مفهوم وله الكثير مما يبرره، ربما لأنه لم يسبق لفيلم مصري من قبل أن يكون بهذا القرب بعد العديد من المحاولات عبر السنين من أجل محاولة الاقتراب بهذا...اقرأ المزيد القدر، وربما لأن الفيلم يتمحور بالكامل حول الموضوع الوحيد الذي شغل غالبية المصريين على مدار السنوات الثلاث الفائتة: الثورة. للوهلة الأولى، قد تبدو فكرة استرجاع ما كان من أمر الثورة على مدار ثلاث سنوات كاملة من عمرها، وتوثيق الكثير من الأحداث التي جرت حاملة للكثير من الرونق والجاذبية، خاصةً حين ينطوي الأمر في ثناياه على تلك الرغبة الكامنة في العودة إلى منبع النهر، وصولًا إلى معرفة الكيفية التي سلكت بها مياه النهر طريقها الطويل نحو المصب، وما الذي مرت به خلال تلك الرحلة، لكن يظل الأمر في النهاية مرهونًا بالمنظور الذي تختاره صانعة الفيلم لسرد القصة، ليكون السؤال الأبرز عند تلك النقطة: إلى أين وصلت جيهان نجيم بالضبط في مهمتها هذه؟ عندما نضع في الاعتبار أن أحداث الفيلم تدور في الفترة بين الخامس والعشرين من يناير، 2011 وحتى ما بعد الثلاثين من يونيو 2013، ببضعة أيام، فيجب أن نفكر في كيفية تناول هذه الفترة الزمنية الطويلة نسبيًا خلال ساعة ونصف فحسب هى مدة عرض الفيلم، فنجد أن المخرجة تقسم هذه الفترة لما هو أقرب إلى الفصول، واضعة لكل فصل عنوان دال على الزمن، مع خلفية من رسوم الجرافيتي، ومقدمة تلخص طبيعة الفترة وتحمل طابعًا خبريًا بصوت أحمد حسن أحد أبطال الفيلم، وداخل كل فصل تقوم المخرجة بالمرور مع أبطالها الأساسيين (خالد، مجدي، أحمد، رامي، عايدة) على أهم ما حدث خلال كل فترة من خلال حياتهم اليومية. المفاجأة الكبرى أن الفيلم لا يفاجيء مشاهده بالمرة بأي جديد، ولا يحاول حتى أن يقدم له شيئًا أبعد مما يعرفه بالفعل ولو حتى بمنظور مختلف، كما أن الأحداث تظهر بطريقة تقريرية رتيبة كأن الأمر برمته لا يتعدى مجرد تلخيص أحداث كل فترة وعرضها في ترتيبها الزمني لتكون مجرد عناوين فرعية للعنوان الأكبر الذي صاغته جيهان نجيم بنفسها في بداية الفصل، مما يجعل الفيلم - إن جاز التعبير - "وثائقيًا أكثر من اللازم"، ناهيك عن حالة التخمة التي تصيب الفيلم لأن ببساطة ساعة ونصف مدة غير كافية لعرض هذا الكم الكبير من الأحداث. كان الأمر يحتاج في طرحه للمزيد من الحميمية، وأن يرتبط المشاهد أكثر فأكثر بشخصياته الخمس دون أن يشعر أن هناك حاجزًا زجاجيًا شفافًا يحول بينه وبينهم، وأن يشعر أنهم كذلك بشر يفعلون أشياء أخرى في الحياة غير النضال الثوري، لكن الطريقة التي تختفي فيها الحياة الخاصة لهذه الشخصيات لحساب الشأن العام تجعل من مهمة الارتباط والتفاعل تلك مهمة صعبة للغاية، ولنا في الفيلم الوثائقي (خمس كاميرات مكسورة) للمخرجان عماد برناط وجاي دافيدي مثالًا متألقًا على الكيفية التي يتضافر بها الشخصي والعام في قالب واحد دون أن ينتقص ذلك من الأمر شيئا. لا أقول أن الفيلم يخلو تمامًا من الحميمية، ولكن حتى هذه اللمحات البسيطة لها التي تظهر في مشاهد خاطفة وعاجلة من الفيلم (خذ علاقة مجدي عاشور الوثيقة بأسرته كمثال) سرعان ما تتوه وسط هذا الحشد الهائل من النقاشات السياسية والأحداث التي ينشغل الفيلم بسردها على حساب التركيز على شخصياته، كما أن ذلك يهدر أحد المزايا القليلة في الفيلم، وهو التنوع الملحوظ في اختيار الشخصيات، والذين يأتون من خلفيات شديدة التباين والاختلاف، وهو ما كان يفترض أن يتم استغلاله على نحو أفضل من الناتج النهائي. المشكلة كذلك أن سوزان نجيم قد جعلت الشغل الشاغل لشخصياتها طوال الوقت في علاقتها بما يحدث حولها هو مجرد تسجيل المواقف دون أن نعرف الأثر الذي خلفته تلك الأحداث في دواخلهم، وما الذي غيرته في وعيهم الثوري والحياتي، مما يحصر الأمر بالنسبة لهم في دائرة مغلقة من الفعل ورد الفعل، ودون رؤية أبعد من تلك الدائرة.
عندما دار الشريط ليبدا العرض كنت اعتقد ان ما سيدور "محفوظ ومحفور " ومن هذا الذى ينسى الدهس والسحل والعنق والقتل وووووو مُنذ نهاية عصر مبارك حتى يومنا هذا.... استمر العرض .. فى البداية حاولت "التماسك" لكنى اقول -فى البداية- عن عمد ! فبعد لحظات فقط ستجد نفسك ان لم تنهمر دموعك حزناً على اولائك الذين ذهبوا ورحلوا الى دارهم الاخير "مظاليم " بلا اى ذنب ستجد الالم يضرب قلبك كالسوط اشبة بمراءة الحقيقة الساطعة فى فكك وعينك ! المخرجة جيهان نجيم نجحت تماماً فى صنع اول فيلم "محترم " عن الثورة بعد...اقرأ المزيد محاولات شديدة البؤس من اقحام الثورة فى اعمال هابطة فنياً واخلاقياً اخشى ان اقول اول"واخر" فيلم نظرا لكون "الميدان " ليس فقط رفع سقف المستوى الفنى والابداع لخطوطة الاعلى بل للاداء المتكامل لكل مكونات صناعة الفن السابع ملحوظات رئيسية على العمل : * العمل يستحق تماماً الوصول للاوسكار نظرا لمتابعتى لهذة الجائزة وهذة الفئة منذ مدة طويلة اسجل الاتى : الاوسكار تعتمد بخلاف تكامل العمل المقدم على قوة "النص" المُحرك للعمل او السيناريو فيجب ان يكون متقن بلا ثقوب او رُقع تغطية حتى لو كان فيلم "تسجيلى " فيجب وجود"قصة " وخيط مُحرك للاحداث وليس مجرد ركم للمشاهد بعضها على بعض مع اضافة موسيقى حزينة عليها! للاسف لا يدرك الكثير فى مصر هذة الحقيقة ويعتقدون ان الماسونية العالمية واسرائيل تقف لنا بالمرصاد ...الخ ! وهو ما لم يقع فية "الميدان " كفيلم وكمخرجة ولعل دراسة جيهان فى جامعة كالفورنيا للاخراج ثم خبرتها فى العمل بامريكا ساعداها كثيرا على صنع فيلم مُثقل بقصة قوية وتتابع تطوراتها بالمام شديد طوال العمل .. *لم يتم ذكر مصادر بعض الفيديوهات الملصقة فى العمل "تمثل حوالى 30%" لمصادرها وفى فيلم تسجيلى ييُبرز بشدة تعرض الصحفيين للخطر وجدنا غرابة شديدة فى عدم ذكر مصادر الفيديوهات مما "يوحى" بان جميع الفيدوهات عن الاحداث من تصوير كادر الفيلم ! * مزيد من الاضافة ليس حلاً ! النسخة التى وصلت فى يد الاوسكار كانت النسخة الخامسة او السادسة التى تقوم المخرجة "بتعديل \اضافة \حذف" عليها ! ايا كان الاسباب لن اناقشها ويكفى ان اقول ان اضافة مُظاهرات 30يونيو جاء ناقصا واثار جدلا كبيرا فى شكل البطل الرئيسى "احمد " الذى ظهر بشكل اكثر نظافة وشياكة وبملابس وشعر مرتب تبدو بفارقً كبير عما ظهر بة طوال الفيلم "ملابس رثة شعر منعكش متسخ...الخ " مما يفتح النقاش حول جدوى هذا الاضافات الكثيرة حول العمل وهل اصبح التعديل نافعا ام ضارا ؟ الاجابة للمُستقبل *من مميزات العمل الحرية الكاملة فى الحديث وفى الواقعية الشديدة فى الكلام والتى تصل لالفاظ لا يمكن باى حال عرضها فى مصر مقص الرقابة الشهير لن يقص فقط هذة الالفاظ فهى "اهون " كثيرا مما يحتوية العمل من اتهامات مباشرة وبلا مواربة لعدد من الاجهزة التى تُوصف "بالحساسة" مما يجعل عرضة بهذا الشكل "يزعزع " الاستقرار المسمتمعين بة جميعا "طبعا" (؟) على كلاً ولو حدث وعُرض بعد القص والشطب ووضع الصافرة فلن يغدو سوى كونة فيلم عادى لا يحركة اى قوة "باطينة" بة انها اشبة بالدهاليز رغم صعوبتها وتقززها تضفى جمالا قوى على العمل لمعلوماتك :الفيلم مصنف بالولايات المتحدة (NR) نظرا لاحتوائة على مشاهد عنف واسعة *مظهر الثوريين فى العمل كمظهر الاخوانى فى العمل اثارا جدلاً كبيرا لكل من راء العمل فهناك من يرى "تشويهاً " للثوار باظهارهم يدخنون السجائر بشراهة ويتلفظون بالفاظ خادشة وعلى الضفة الاخرى هناك من يرى ان العمل يحاول "تجميل " وجة الاخوان البائد كما قال احد النقاد مرة اخرى كل الشخصيات اثارت جدلا حتى البطل "الشاب " الرئيسى لم يسلم كما ذكرت لذللك وجب اخذ الفيلم كقطعة واحدة وعدم تصيد النوايا لكونة فيلماً وثاقياً تسجيلى لا فيلم درامى يحمل وجة نظر من مخرج او مولف او ابطال عمل ! يبقى لدى النهاية مع اكثر المشاهد تاثيرا فى عقلى وهو مشهد الطفل الصغير الذى يتلامس فى ملامحة مع بطل العمل والذى يظهر فى اول الفيلم ويجذبك التشابة على الفور بينهما لنصل فى قعر الفيلم بمشهد ثورى كامل فى محمد محمود وهو يرى" شبيهة الاكبر" ولم يفصل بينهم متر مربع.. مشهد مهيب"ماستر سين" وسط ضباب الغاز وعشرات الجرحى والدم على الشوارع يسيل ستجد نفسك "تلجم" الحاضر بالمستقبل مع نظرات غريبة للطفل وهو يرى حاضرة "يحتضر ويتالم " ويتسال فى حيرة : على فين ؟ شكرا جيهان نجيم والشكر الاكبر لاولئك الذين يضحون بحياتهم فى مقابل "الصورة " نقطة من اول السطر ....................................................