أخيراً شفته، كنت بقالي كتير عايز أشوفه .. عجبني جداً.. الستوب موشن خرافي الصراحة.. الفيلم معمول بروح جميلة ومُحبّة جداً للحياة (كموود عام)، مع إن قصته فيها من الكآبة والمأساوية ما يُشبع!.. حالة مناقضة لشيئين زي ما بنشوف الفيلم متصور بشكلين؛ مرّة بالألوان اللي فيها قصة "ماري" الطفلة ذات الثمان سنوات، ومرّة بالأبيض والإسود في قصة "ماكس" الرجل ذو الثمان والأربعون. اللي فعلاً مختلف هنا هيّا الحكاية اللي بيقدمهالنا مخرج أسترالي سبق وأن فاز قبل صناعة الفيلم ده بالأوسكار عن فيلمه...اقرأ المزيد القصير "Harvie Krumpet" (فيلم حلو جداً على فكرة).. هنا الراجل بيفتتح فيلمه قبل تتر مميز أوي بعبارة "باسيد أون آي ترو ستوري".. القصة ذاتية، لا مجال للشك في النقطة دي، باينة أوي من تفاصيل الإهتمام بمفاصل الحكاية وتصميم شخصية "ماكس" على الأخص.. بس يمكن المعالجة الدراميّة مكانتش بالظبط زي القصة الحقيقية في ذهن المخرج أثناء صناعته لهذا السحر في غرف الأنيميشن، اللي خرج منه فيلم مبهر في كلا الوِجهَتين؛ القصصية والتقنيّة. عجبني كمان وضع موتيفة "تنوّع الثقافات" في قصتنا، القصة بتتنقّل بين بلدة أسترالية ومدينة نيويورك الأمريكية.. وبينهم بنلاقي مصطلحات زي "الخمر الأسباني"، "صديقي اليوناني".. *** ايه المميز في الفيلم ؟ - أول لشئ يُحسب للمخرج إنه قدر يعمل توازي مبهر في مكان الحكايتين عشان يُبقي للفيلم حيويته وتفرُّده على صعيد السرد، اللي فعلاً أبهرني هوّا تصميم مكان الحدث بالنسبه لشخصية "ماكس"، وأنا أعني بكده نيويورك.. المخرج أسترالي الجنسية، والقصة الأولى / قصة ماري بتدور في مدينته.. الانطباع الأوّلي هنا هوّا إنه هينقل بلدته الأم بشكل مميز، لكن العكس بيحصل.. إهتمامه مكانش على عملية الموازنة بين القصتين على صعيد (مكان الحدث)، قد ما كان على مكان شخصية "ماكس" وحدها، واللي أعتقد هيّا اللي فيها الجزء الحقيقي من الحكاية.. هنا انتا بنشوف نظرة جميلة بصرياً لمدينة القذارة زي ما بيشبّهها "ترافيس بيكيل"، البنايات والأضواء المصمَّمة فائقة الجمال.. الشوارع، الـ"تاكسيات".. تشعر إن المخرج كان تحديه الأول مع نفسه مش إنه ينقل صورة بلدته الأم -رغم إن ده بديهياً المفروض اللي يكون الأفضل- لكن في بلدة تانية بعيد عنها.. مش دي النقطة في الحديث إطلاقاً لأن الحقيقة المفروض نبُص على (مين أصلاً اللي في نيويورك؟) لأن الحكاية بتتكلم عن الشخصيات مش الأماكن.. تصميم شخصية "ماكس" مثير إلى أقصى حد.. حياته وجوّانيّاته الحزينة سهل إنك تفهمها.. ودي حاجة بيعوّل عليها الفيلم جامد (لاحظ مثلاً إزاي المخرج قاصد إنّه يحُط صورة ماكس لوحده على بوستر الفيلم رغم إن القصة من المنظور العام بتتكلم عن الشخصيتين زي ما في العنوان).. ربما شخصية ماري هيّا إنعكاس لشخصية ماكس أو زي ما بتتسمى الـ(بطل الضد)، اللي مهمتها إظهار جوانب الشخصية النفسية.. "فيليب سيمور هوفمان" متألق في أداء صوتي عبقري منه، كنت بأستنى صوته يظهر وهوّا بيتكلم في رسائله.. والموضوع فيه شوية irony للي حصل فعلاً في حياة هوفمان تخليك تقول "يالسخرية القدر" .. ! *** أحلى ما عَجَبني في الفيلم طريقة نقل المشاعر فيه، دايماً هتلاقي عبارات زي "لكني أشعر أنني.."، "حالتي الشعورية الآن هي.."، وتاني شئ الصفة اللي لمستها في كيان صانع الفيلم، وهيّا وجود ألم داخلي دفين في صميمه.. ياريت صناعته لـ"ماري آند ماكس" يكون بمثابة شفاء من الألم ده. تقييمي لـ(ماري آند ماكس) : تسعة من عشرة.