أنا الرئيس للكاتب يوسف عوف والمخرج محسن رزق مسرحية أنا الرئيس تعتبر في مجملها عودة لزمن المسرح الجميل الذي يجمع بين الشق الفني والثقافي وبين الشق التجاري والترفيهي وإن شابها بعض التوجه المعارض للدولة بالرغم من أن العرض داخل مسرح للدولة . نرى في المشهد الافتتاحي بعد سماع النشيد الوطني وفتح الستارة مباشرة وأوبريت المقدمة ..صورة للاعب الإخواني محمد أبوتريكة في منزل بطل العمل ( عصام كامل ) ( سامح حسين ) ولم أدرك دلالة وضع هذه الصورة إلا بعد إنتهاء اوبريت المقدمة الرائع للفنانة المتألقة حنان مطاوع...اقرأ المزيد وذلك عندما دخل علينا العسكري شمندى ( أيمن اسماعيل ) والذي يمثل الشرطة وهو يهان من بطل المسرحية وحتى العسكري نفسه يسخر من نفسه ويهين نفسه ويتهم نفسه بالجبن وعدم المقدرة على الدفاع عن نفسه فمابالك بالدفاع عن الآخرين أو الوطن وهو أمر استغربه الجمهور جدا خصوصا في ظل الظروف الراهنة من إرهاب يضرب بكل قوة في كل مكان وهو ما يستدعى رفع الروح المعنوية لأفراد الجيش و الشرطة و ليس السخرية منهم . ونأتي لمضمون المسرحية .. هي رواية للكاتب يوسف عوف مأخوذة أصلا عن رواية "المفتش العام" للكاتب الروسى نيقولاى جوجول ولكن تم تمصيرها وتتحدث الرواية عن سباك حاصل على شهادة إدارة أعمال بتقدير إمتياز ومع ذلك طوال المسرحية يظهر البطل كأنه شخص جاهل لا يعرف شئ عن الإنجليزية .. وبالمصادفة يتعرف هذا الشاب على أحد الزبائن بعد فاصل كوميدي جميل ويتوسط له لتعيينه في أحد المؤسسات الحكومية وعندما يصل لإستلام عمله يفاجأ بأنه تم تعيينه رئيس المؤسسة نتيجة تشابه إسمه مع الرئيس الجديد القادم من أمريكا ( عاصم كمال ) ومن خلال مجموعة من المواقف الكوميدية بين بطل العمل وشلة الفاسدين و المنتفعين تتفجر مواقف الضحك المفتعلة أحيانا والصادقة في بعض المواقف وفجأة من خلال موقف مفتعل تقع قصة الحب الكبيرة بين عصام ونور ولا أدري لماذا هي كبيرة بارغم من انها حدثت سريعا دون مقدمات استلطاف أو حتى موقف صادق أدى لهذا الحب الكبير .. ولكن من الغريب أن يقدم الكاتب المشكلة فقط وهي الفساد المستشري دون تقديم أي حلول منطقية ولو حتى اقترضنا انه ليس من المطلوب فنيا إعطاء حلول للمشاكل بالرغم من عدم اعترافي بهذه الجملة إلا انه ايضا لم يعطي أمل من خلال الدراما انه سيأتي يوم و يقضي فيه على الفساد إلا من خلال المدير الجديد القادم من (((أمريكا))) . ولا أدري لماذا دائما أمريكا ألا يوجد في الكون دولة أخرى غير أمريكا كفرنسا أو حتى ألمانيا على سبيل التغيير . وقرب نهاية العرض يتسائل البطل في فقرة شعرية لماذا هو خارج حسابات الوطن وكأن الفساد يأتي بالأمر المباشر وليس من داخل الإنسان الفاسد ؟؟ عموما كان أداء بطل العمل سامح حسين رائع بسيط وسهل دون تعقيد وان عاب أداءه بعض المحاولات الفاشلة للخروج عن النص .. أما عن أداء بطلة العمل حنان مطاوع كان أكثر من رائع متلونة وحيوية وتشع نور وبهجة وسعادة و هو ما ساعد على الارتقاء بالرواية أما أداء الفنان محمد التاجي جاء نمطيا كما تعودنا عليه طوال سنوات مضت الشخص الشرير الطيب الذي أصبح شريرا دون أن يقصد أما أداء الفنانة الجميلة العائدة بعد طول غياب نادية شكري بطلة مسرحية العيال كبرت فجاء متوسطا و وليس على مستوى التطلعات وللأسف فدورها المكتوب لم يكن له دور فعال في حياة البطل سوى في مشهد واحد في آخر العرض فقط أما باقي أبطال العمل فكانوا يحاولون جاهدين بذل أقصى جهد لديهم لإخراج العمل بصورة كوميدية أكثر مما يحتمل النص نفسه . أما مخرج العمل فهو مخرج جيد استطاع توظيف الممثلين كلا في مكانه الصحيح بالرغم من عدم الخروج عن النمطية المسرحية المصرية إلا انه لم ينساق للابتذال الرخيص أو الإيحاءات الجنسية الغير لائقة كما يحدث في القطاع الخاص واستطاع أن يخرج لنا صورة مبهرة من ديكورات غنية وإضاءة معبرة وموسيقى رائعة .