"هى دى مصر يا عبلة" لا اعرف لماذا ترددت هذه الكلمة فى راسى بعد ان شاهدت فيلم اوقات فراغ ؟ هل لانه يحكى قصة الشاب المصرى الضائع الذى لا حلم له الا المتعة الوقتية والهروب من الواقع بالجنس والمخدرات !! ام لان احداث الفيلم هى نتاج طبيعى لحالة الطيش ، الحرية الزائفة ،التهور، الضياع، التذبذب ، التمرد، الفراغ التى نمر بها ؟!
هذا الفيلم هو نتاج مصغر لحقبة زمنية يمر بها الشباب المصرى الان . فالفيلم يعكس حياتهم ويجسد مشاكلهم وأحاسيسهم والواقع أنك ستجد جميع شخصيات الفيلم فى حياتك، ما بين أصدقاء وجيران وزملاء أو حتى قد تجد نفسك فى شخصية من تلك الشخصيات .
فالفيلم ركز على رسم الشخصيات بشكل كبير فظهرت عميقة وتعايشنا معها بشكل كبير ولهذا استحق هذا الفيلم لكى يكون للشباب فقط .
ولكن مهلا فلماذا لا يكون هذا الفيلم للكبار ايضا ؟ فالفيلم جاء ليجسد العلاقة بين الابن المتهور الطائش (أحمد ) والاب المتزمت المتحجر المبتعد عن الواقع والصدام الحادث بينهما لنقص التفاهم وافتقار الحوار بينهما .
وجاء هذا الفيلم ليجسد بطلين لم يظهرا أو يقوما بدورهما احد وكان ذكرهم فى مشهد واحد فى جملة واحدة من الفيلم ولكن كانا الدعامة الاساسية التى أججت نيران الاحباط وعدم الانتماء لهذا الوطن .
البطل الاول هو (عبد الله) شقيق (احمد) الذى تخرج من الكلية وامضى الخدمة العسكرية وهومطيع لوالده ورغم ذلك فهو عاطل يبحث عن عمل ومعتمد على والده كليا وجزئيا . الامر الذى دفع (احمد) ليؤكد وجهة نظره فى الحياة من تجربة شقيقه .
وتكمن أهمية هذا البطل ليمثل شبح البطالة فى مصر ولاحظوا التشابه بين البطل والبطالة كما لو كانوا وجهان لعملة واحدة .
اما البطل الاخر الذى كان دوره محوريا رغم انه الحديث جاء عنه فى مشهد واحد من الفيلم وهذا البطل هو (الوساطة ) التى جعلت (حازم) يلتحق بجريدة رغم انه لم لا يمتلك الامكانيات او الاستعداد لذلك بل ولم يكن حتى التحق بكلية الاعلام ولكن دعونى اسميها (الوساطة الحميدة ) والسبب فى تسميتها بذلك ان (حازم) شاب يعشق الاعلام وحاول الوصول لحلمه اما غيره فانه لا يعشق شيئ او حتى ان يكون حلمه الالتحاق بعمل ولكن (الوساطة الخبيثة) التى دفعته الى هذا العمل .
جاء التمثيل ليكون من ابرز ايجابيات هذا الفيلم فالقائمين عليه تشعر من اول وهلة انهم جاءوا بلا رتوش الماكير او بهرجة السينما فالتلقائية كانت المحرك الرئيسى للفيلم سواء فى تلقائية التمثيل او استرسال الحوار او حتى تتابع الاحداث الطبيعية التى تراها يوميا . وخلال الفيلم يتنقل هؤلاء الشباب بين التردد والتذبذب ولك ان تلمسه من شخصية (عمرو) الذى يقع مع منة فى هوى الرزيلة ثم يتراجع بنذالة وخسة وبمجرد ان يعرف انها ستتزوج يرجع اليه الحنين اليها والغيرة من عريسها أوشخصية منة التى تقوم بارتداء الحجاب ثم تخلعه وتعاود ارتداؤه او انصراف الشباب الى التدين الشديد بعد وفاة صديقهم ثم رجوعهم مرة اخرى إلى المخدرات والجنس، وهم فى هذا التذبذب يعكسون حالة الاضطراب التى يعيشونها ويعيشها معظم الشباب .
لكن يعاب على الفيلم هو محاولة كاتبى الفيلم ( وهم شباب ويعد هذا الفيلم هو بدايتهم فى عالم السينما ) تناول كافة المشاكل التى يعانى منها المجتمع المصرى المخدرات ، البطالة ، الجنس ، الوساطة ، الزواج العرفى ، علاقة الاباء بالابناء ، فقد الانتماء ووضعهم فى فيلم واحد لكن الجدير بالذكر ان هذا الفيلم لم ياتى لكى يحل مشكلة ولكن ليلقى الضوء عليها والباقى على ....... الكبار!!!
هذا الفيلم هو قصة حياة معظم الشباب المصرى والعربى ولهذا استحق كـى يكون أفضل فيلم مصري لعام 2006 باستفتاء جمعية النقاد المصريين .