فيلم الثلاثة يشتغلونها من الوهلة الأولى عندما تقف أمام ملصقه الإعلاني تشعر و كأنك أمام فيلم من العينة الشبابية (التي يلقبها النقاد بالهايفة) و يجعلك تتردد كثيراً بمجازفة مشاهدته و دفع ثمن تذكرته، لكن لن تمر 5 دقائق من مشاهدتك لهذا الفيلم حتى تشعر أنك أمام فيلم راقي و مُثقل فنياً من نخبة من أفضل فنانين الصف الثاني بمصر الذين يقفون بجانب فنانة أثبتت موهبتها الحقيقية و كم أنها تستحقها بهذا الفيلم.
فيلم الثلاثة يشتغلونها ينضم لقائمة أفلام طويلة (و ثقيلة) من أفلام المؤلف الذي يمكن أن يُلقب ب(آخر الرجال المحترمين) يوسف معاطي. هذا الرجل طوال تاريخه الفني بالتأليف له ما أصاب و ما لم يصيب لكنه تمكن بهذا الفيلم أن يثبت تربعه على عرش المؤلفين السينمائيين حالياً خاصتاً إذا تمت المقارنة بين هذا الفيلم و كل الأفلام العربية التي نافسته بعام 2010.
فيلم الثلاثة يشتغلونها هو فيلم كوميدي يتميز بالإسقاط السياسي حاله كحال معظم أعمال يوسف معاطي، فها هي الفتاة النابغة العلمية التي تجيد (الحفظ) بدرجة لا تتيح لها الفرصة حتى لتستعيد الأمور و تفهم، و ها هم الثلاثة الذين يشتغلونها لأجل مصالحهم و هم الشاب الغني (الرأسمالي)، الشاب الثوري (الشيوعي) و الشاب المتدين (الإخواني).
لن يتطلب الأمر منك الكثير من الوقت لتفهم أن تلك الفتاة تشير لمصر و أن هؤلاء ال3 يشيرون لل3 قوات التي تتجادل و تتنازع في مصر طوال ما يقرب من 100 عام كامل للسيطرة عليها.
و رغم ثقل تلك الفكرة الا ان عبقرية يوسف معاطي مع وجود مخرج ثقيل مثل على إدريس بجانب قدرات البطلة ياسمين عبد العزيز الفنية الكبيرة بجانب نخبة من أثقل فنانين الدور الثاني بمصر من أمثال صلاح عبد الله و محمد لطفي و هالة فاخر و لطفي لبيب و يوسف داوود و رجاء الجداوي و حسن مصطفى بجانب وجود ممثلين واعدين مثل نضال الشافعي و شادي خلف. هؤلاء معاً تمكنوا من إخراج عمل كوميدي راقي يأخذ مكانته بقوة كضمن أفضل 50 فيلم كوميدي في تاريخ السينما المصرية.
فيلم أنصح بمشاهدته بشدة، و يضع على عاتق صانعيه التفكير بما هو قادم حتى يكون أفضل.