من منا لا يتذكر فيلم عائلة زيزي الذي أخرجه الرائع فطين عبدالوهاب عام 1963 و شارك في بطولته كلا من سندريللا الشاشة سعاد حسني و العبقري فؤاد المهندس و الفتى الشقي احمد رمزي بالاضافة إلى الأم الدافئة عقيلة راتب و الطفلة التي حملت العائلة اسمها اكرام عزو. ذلك الفيلم هو أول ما يتبادر و يحضر إلى ذهن كل من يشاهد فيلم عائلة ميكي ، حيث تدور أحداث الفيلمين حوا اسرة مصرية تنتمي إلى الطبقة المتوسطة و ما تواجهه من مصاعب الحياة العادية التي تكشف حال المجتمع المصري في زمنها . و يبدو أن الفارق الذى بلغ 47 عاماً قد أنتج الكثير و الكثير من الفروق بين حال الاسرتين. حيث اعتمد الفيلم الأول على العلاقة بين الام و أبنائها و الإنفصال الواضح بين الجيلين و كذلك الأحلام الفردية العريضة التي تشبه الأحلام المصرية فترة ما قبل نكسة 67 و كذلك تلك الأقنعة التى يرتديها أفراد الاسرة و ينفصلون بها عن بعض حتى تجمعهم أزمة ما فتظهر الوجوه الحقيقية و تندمج الاسرة. أما في فيلم عائلة ميكي 2010 و الذى اعتمد على فكرة مشابهة مع اختلاف اساسي هو وجود الاب و ان لم يكن مؤثرا نهائيان بدت الأحلام اضيق و الأزمات أعمق بل و تزداد الوحدة و الإنعزال بين أفراد الأسرة و تحتل الغربة الشخصية مساحة عريضة من العلاقة الاسرية السيناريست الشاب عمر جمال أجاد في ثاني أعماله بعد أوقات فراغ و بني سيناريو جيد يتميز أبطاله بالحيوية و الصدق و ان كان كلا منهم يعتمد على الكذب كشريعة في حياتهن و نجح من خلال استعراضه للاسرة في وضع يده على العديد من الآفات التي أصابت المجتمع المصري في عرض جرىء يحسب له. المخرج اكرم فريد ينجو أخيرا من قبضة السبكي و التي أهدر من خلالها طاقة فنية واعدة تبدو جلية وواضحة فى ايقاع الفيلم و المشاهد و التحكم في أداء الممثلين خاصة الأطفال و كذلك زوايا التصوير و الإضاءة. لبلبة فنانة رائعة كالعادة اكتفي الكثيرون بالحديث عن ظهورها بالحجاب و تناسوا الأداء السهل الممتنع و حميميتها التي تشعرك أنها أمك أو أم صديقك . أحمد فؤاد سليم يعيد إكتشاف نفسه عملا بعد عمل ، ممثل كبير و صاحب أداء ممتاز. فريق الشباب الذي ادى أدوار الأبناء حيوية و انطلاق و خفة دم فطرية نجحت في الوصول إلى المشاهد. مونتاج مها رشدي متميز و أعطى إيقاع الفيلم حيوية محببة . أخيراً يبقى مشهد النهاية كاحد أهم المشاهد في عام 2010 حين يكتشف المشاهد أن الجيل الذي ينتقده الكل بصفته الجيل الأحدث و الأصغر لم يكن مثاليا ولا جيداً لأنه ترعرع و تربى بين أحضان جيل أخر فاسد و ان لم يكن اشد سوء حين يقبل الاب و الأم على رشوة لجنة التحكيم كي تفوز الأسرة بالمسابقة . و ما بين اسمي الفيلمين الذى ينتمي كلا منهم لعالم ديزني - زيزي البطة صديقة عم بطوط ، و ميكي الفأر البطل - تسقط الأقنعة و تكتشف أنه ما بين عام 63 و عام 2010 قد اصاب المجتمع المصري مرض قاتل اسمه الفساد.