خيط رفيع ما بين الكوميديا والهزل، وخيط أرفع ما بين الدم الخفيف والبواخة، علي هذه المنطقة لعب فريق عمل فيلم "سمير وشهير وبهير" المعروض حالياَ.
قد يعتقد البعض أن الفيلم الخفيف هو مجرد خلطة هزلية يقوم فيها الممثلون بكل ماهو ممكن عمله لإضحاك المشاهد حتي ولوإضطروا للوقوف علي أيديهم، ولكن الحقيقة أن الإضحاك لا يأتي إلا بتقديم الهزل بمنتهي الجدية حتي يصدقه المشاهد، بدون الشعور بأن الممثل الظاهر علي الشاشة "بيستظرف".
تحققت هذه المعادلة الصعبة في فيلم "سمير وشهير وبهير" لأن السوق السينمائي في مصر ملئ إما بمن يعتقدون أن الكوميديا هي الهزل الملئ بالإستظراف، أو من يعتقدون أن الفيلم السينمائي لابد أن يكون فلسفياَ غامضاَ قاتماَ حتي يكون عمل فني حقيقي، في حين أن أحد أهم وظائف الدراما هي الإمتاع، الإمتاع الخالص حتي ولو لم يضيف الفيلم أي شئ للمشاهد!
هذا ما يحققه "سمير وشهير وبهير"، فأنت تخرج من الفيلم كما دخلته بالضبط بدون أي إضافة، مع فارق أنك قضيت وقتاَ ممتعاَ، وهذا ليس عيباَ، فقد نجح الفيلم في صنع ساعة ونصف من الضحك اللطيف تقوم علي الفانتازيا الصارخة.
تستطيع أن تري ملامح هذه الفانتازيا من عنوان الفيلم "سمير وشهير وبهير" وأسماء أمهاتهم في الفيلم سميرة سمير وشهيرة شهير وبهيرة بهير، فالفيلم ذو ملامح كارتونية مبالغ فيها بشكل كبير، وهذه أحد الأنماط الكوميدية التي تنجح بشرط تقديمها بنجاح.
فكرة الفيلم تقوم علي فكرة الفيلم الأمريكي "back to the future" والذي سبق عرضه في الثمانينات وحقق نجاحاَ صارخاَ في ثلاث أجزاء وصار من كلاسيكيات السينما الأمريكية، ويقوم علي فكرة العودة بالزمن، وفي "سمير وشهير وبهير" يعود سمير وشهير وبهير وهم ثلاث إخوة من أمهات مختلفة يكرهون بعضهم، لزمن السبعينات حيث إلتقت أمهاتهم بأبوهم.
ويكتشفون أن أمهاتهم جميعاَ تزوجوا بأبوهم في يوم واحد، ولكن عودة الأبناء للماضي تهدد بإفساد المستقبل بعد أن تقع أمهاتهم في حبهم هم أنفسهم بدلاَ من أبوهم، مما يهدد بعدم زواج أمهاتهم من أبوهم مما سيعني عدم مولدهم من الأساس.
يصاحب ذلك عدداَ من المواقف الطريفة مثل بيع شهير لكلمات الأغاني الناجحة في زمننا الحالي لنجوم السبعينات، فنري عبد الحليم حافظ يغني "وياه" لعمرو دياب، و"العنب" لسعد الصغير ويربي عضلاته ويصور بوستر شبيه ببوستر عمرو دياب لألبوم "وياه"، بل ويبيع شهير له كلمات أغنيته "قارئة الفنجان" قبل أن يقدمها نزار قباني له.
و يأخذ سمير بطولة فيلم "عنترة بن شداد" من فريد شوقي بعد رؤية المنتج له، ويقابل أمه في الفيلم والتي تعمل به ككومبارس ويعلم أن هناك مشهد لـ"قبلة" بينهم.
إعتمد الفيلم بشكل كبير علي نفس أفكار الفيلم الأمريكي في سير الأحداث مع تمصيرها، في أداء جيد ومتوازن لأبطال الفيلم شيكو وأحمد فهمي وهشام ماجد وهم كتابه أيضاَ، والفيلم بشكل عام قائم علي المبالغة والتي قد لا يتقبلها البعض خاصة في جزئية حب الأمهات لأولادهن بشكل رومانسي أو السخرية من رموز مثل عبد الحليم حافظ وتصويره بـ"تي شيرت كت" يغني "العنب".
ولكن هذه هي تيمة الفيلم في الأساس، فهو يشبه أفلام المراهقين الأمريكية التي لا تضيف شيئاَ ولا تهدف لشئ، ولكنها مجرد مساحة ساخرة تمتد في الأفلام الأمريكية للجنس والدين والسياسة وكل الممنوعات، لذلك فـ"سمير وشهير وبهير" فيلم من نوع خاص، قد يعتبر إمتداداَ لأفلام الـ parody أو الأفلام القائمة علي السخرية والتي بدأها أحمد مكي في "لا تراجع لا إستستلام".
وهذا النوع من الأفلام مطلوب، لأنه يمثل مساحة للكوميديا خالية من أي هدف أو غرض سوي تقديم رؤية ساخرة، وهذا ليس عيباَ، وقد أدي سمير وشهير وبهير مهمتهم بنجاح.